موجة من السخط والغضب عبّر عنها تونسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب ما اعتبروه إهانةً وتشويهاً لصورة المرأة التونسية، وإظهارها في المسلسلات الرمضانية بمظهر المنحلة أخلاقياً والخائنة لزوجها والمدمنة شرب الكحول، بينما هي في الحقيقة أم مناضلة ومربية فاضلة وزوجة وفية، وفق تعبيرهم.
الصفحات على فيسبوك عجَّت بتعليقات المشاهدين التي وجهت سهامها لنخبة من الفنانين والمخرجين في تونس، متهمة إياهم بـ"تمييع دور المرأة في الأسرة والمجتمع وخلق مفاهيم أخرى لدى المتلقي"، حيث اتُّهمت بعض الأعمال الدرامية، على غرار" أولاد مفيدة" و "فلاش باك"، بـ"تجاوز الخطوط الحمراء والتعدي على حرمة المشاهد في رمضان".
واستنكرت الشابة آية كيلاني ما يُعرض من دراما تونسية في رمضان؛ "لما فيه من مس بصورة المرأة المثقفة وربة البيت على حد سواء"، وقارنتها مع الصورة التي تظهر بها المرأة في الدراما السورية على غرار "باب الحارة".
الإعلامي التونسي نور الدين العويديدي وصف ما يعرض في المسلسلات التونسية بـ"البذاءة المفرطة"، مستغرباً أن يقع بثها في ذروة مواقيت المشاهدة حيث تجتمع كل العائلة على طاولة الإفطار.
وتساءل محمد الفالح في السياق ذاته من خلال تدوينة له "إن كان الفن يتطلب تشويه المرأة التونسية؟".
الدراما تعكس الواقع
وحول تلك الاتهامات، اعتبرت الممثلة التونسية آمال علوان، إحدى بطلات مسلسل "أولاد مفيدة" المثير للجدل، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن ما يعرضه المسلسل من نماذج لنساء "هو أمر واقع وموجود في المجتمع التونسي ولا يمكن التغاضي عنه، لكن دون تعميم"، وفق قولها.
وأضافت: "عن نفسي ودوري في المسلسل، أعتقد أني المرأة الوحيدة التي تقمصت دوراً إيجابياً مقارنة بباقي الممثلات باعتباري زوجة محبة لزوجها وأسعى لاحتوائه رغم خيانته المستمرة لي".
وحول انتقاداتها السابقة للمسلسل ثم انضمامها إلى أسرة العمل خلال الشبكة الرمضانية الحالية، لم تنفِ علوان الأمر، لكنها شددت على أن انتقاداتها السابقة جاءت ضمن "تقييم شامل للوسط الفني"، ولا سيما ممن وصفتهم بـ"الدخلاء" وبعض الوجوه النسوية الشابة اللاتي "يفتقدن الموهبة والمؤهلات الفنية".
آمال علوان، لم تنف أيضاً عطش المشاهد التونسي لمسلسلات ما يعرف بـ"الزمن الجميل " للدراما التونسية على غرار سلسلة "الخطاب عالباب"، مضيفة :" ستتفاجئين إن أخبرتك بأن مسلسل كـ(الخطاب عالباب) عًُرض منذ سنوات خلت وشاهده التونسيون مئات المرات يحقق الآن نسب مشاهدة محترمة إثر إعادة عرضه بالتلفزيون الرسمي التونسي في رمضان، وهو دليل على أن التونسي يحن إلى المسلسلات الهادئة التي تعكس أصوله وهويته، في ظل الهستيريا التي تعصف بالشعب".
حكم أخلاقي صرف
الممثل والمخرج التونسي عاطف بن حسين استنكر الهجمة التي يشنها البعض على المسلسلات التونسية المعروضة في رمضان، معتبراً الحكم عليها حكماً أخلاقياً بحتاً ولا يستند إلى معايير فنية.
وأضاف لـ"عربي بوست" قائلاً: "شخصياً، لا أعتقد أن الحملة التي تشنها بعض الأطراف تتضمن نقداً موضوعياً بهدف البناء؛ بل هي حملة تشويه وشيطنة للفن والإبداع في تونس بشكل عام مستندة إلى حكم أخلاقي".
بن حسين اعتبر أن هناك "تعسفاً من بعض المشاهدين" على بعض الأعمال المقدمة؛ لأن دور الدراما بشكل عام، وفق قوله، "كشْف المستور وإظهار الجانب السلبي من المجتمع بهدف إيصال رسالة للمشاهد وتحذيره من الانزلاق لمثل هذه الأفعال".
ورأى أيضاً أن تعمّد بعض المخرجين إظهار كمية الشر أو الجانب السيئ للشخصية ثم تصوير نهاية مأساوية لها- "هو أمر يدخل ضمن رسالة توعية يراد توجيهها للمتلقي واستيعاب الدرس حتى وإن كانت الشخصيات الموجودة هي شخصيات وهمية تتقمص الدور".
وتساءل باستغراب :" هل يرضى أي تونسي أن يرى ابنته أو زوجته أو أخته بتلك الصورة السلبية؟ طبعاً لا".
وختم بالقول: "في اعتقادي، لو استطاع صناع الدراما في تونس التحرر من إنتاج الأعمال الدرامية في شهر رمضان فقط لتشمل باقي أشهر السنة- لكان التقييم أكثر موضوعياً وتجاوزنا التقييم الأخلاقي؛ نظراً لطبيعة شهر رمضان المرتبط بالعبادة والتقوى".