بطله قابل وزير خارجية أميركا ثم عاد ليطارد الموت.. قصة “آخر الرجال في حلب” الذي احتفت به الدنمارك

يوثق الفيلم الذي امتد نحو ساعتين، قصة الأحياء الشرقية للمدينة، ومعاناة الأهالي فيها على مدار عامي 2015 و2016، في ظل القصف اليومي والحصار، عبر نقل تفاصيل الحياة اليومية لعناصر الدفاع المدني.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/03 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/03 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش

تواصل الأفلام الوثائقية التي تروي مأساة حلب وتضحيات عناصر الدفاع المدني بها لإنقاذ حياة المدنيين، حصد مزيد من الجوائز العالمية، فالفيلم الوثائقي "آخر الرجال في حلب"، فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان "كوبنهاغن" للأفلام الوثائقية بالدنمارك، في 24 مارس/آذار 2017، وذلك بعد نحو شهرين من نيله الجائزة العالمية للأفلام الوثائقية، في مهرجان "سان دانس" السينمائي الأميركي.

ويوثق الفيلم الذي امتد نحو ساعتين، قصة الأحياء الشرقية للمدينة، ومعاناة الأهالي فيها على مدار عامي 2015 و2016، في ظل القصف اليومي والحصار، عبر نقل تفاصيل الحياة اليومية لعناصر الدفاع المدني.

الفيلم من إخراج المخرج السوري فراس فياض، ومن إنتاج "مركز حلب الإعلامي" وشركة "LARM FILM"، وتصوير فريق "مركز حلب الإعلامي" في المدينة.

حلب بعيون رجال الدفاع المدني


عبارةٌ تختصر فكرة الفيلم، بحسب المخرج المنفذ، حسن قطان، الذي لفت إلى أن ما يميز "آخر الرجال في حلب" عن باقي الأفلام المشابهة، هو أنه "تناول تفاصيل شخصيتين رئيسيتين من عناصر الدفاع المدني في حلب، بالتركيز على حياتهما اليومية والعائلية ضمن جميع الظروف والمخاطر التي تعيشها حلب في تلك الفترة، ليعيش المشاهد كامل التفاصيل الصغيرة اليومية".

الفيلم غطّى فترة التدخل الروسي في سوريا، وما رافق ذلك من قصف وتدمير، ثم نزوح للعائلات، ويضيف قطان "امتد تصوير الفيلم وصولاً إلى فترة الحصار الأول، قبيل عملية التهجير النهائي لأهالي الأحياء الشرقية، في ديسمبر/كانون الأول 2016.

وتفاوتت رؤية شخصيات الفيلم وتقييمها لواقع المدينة، حيث أوضح مجاهد أبو الجود، المصور بالفيلم، في حديث لـ"عربي بوست" أن العمل "أبرز هذا التضارب في الرؤية العامة بين الشخصيات، ونقل مشاهد من نقاشاتٍ جمعتهم، ما بين متفائل يرى أملاً جديداً يولد مع كل روح يتم إنقاذها، ومتشائم يرى انعكاساً لحجم الكارثة التي تعيشها المدينة بعد كل عملية إنقاذ".

الشخصيتان الرئيسيتان.. خالد ومحمود


مدير التصوير والإضاءة، فادي الحلبي، أوضح لـ"عربي بوست"، أن الفيلم جسَّد شخصيتين رئيسيتين من عناصر الدفاع المدني، هما خالد ومحمود، مشيراً إلى اختلافٍ في طبيعة الشخصيتين، والهموم لدى كل منهما.

الشخصية الرئيسيّة الأولى في الفيلم، أو خالد حرح، متزوج وأب لطفلتين، وأهم ما يميزه الطبيعة المرحة "الكوميدية"، رغم جميع المخاطر التي يواجهها يومياً، إلى جانب ضغوط المنزل والخوف على العائلة.

وذاع صيته عالمياً بعد عملية الإنقاذ "المعجزة" التي تمكن فيها من استخراج طفل رضيع لا يتجاوز عمره شهراً، من تحت الأنقاض إثر القصف، في حي السكري عام 2014، بعد عمل متواصل لمدة 16 ساعة.

واستدعته الأمم المتحدة في إثر الحادثة، لتكريمه والإدلاء بشهادته حول استخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة في القصف، وقابل وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، وبرغم العروض التي قدمت إليه لتأمين لجوئه هو وعائلته، إلا أنه قرر العودة إلى حلب، لاستكمال عمله الإنساني، حيث قتل هناك.

أما محمود حتر، الشخصية الرئيسية الثانية، فأحب عمله في الدفاع المدني وعمل على تطويره باستمرار، وشاركه أخوه في العمل أيضاً، ما جعله في حالة قلق وخوف دائم عليه.

حتر شاب أعزب، تميز ببناء علاقات مع الأشخاص الذين يقوم بإنقاذهم من تحت الأنقاض. يقول عنه الحلبي "كان يذهب هو وأصدقاؤه لزيارتهم، فيلتقي الضحية والمنقذ، وهذا مكننا من توثيق لحظات إنسانية وتاريخية مؤثرة".

وأشار المخرج المنفذ إلى أن الفيلم أبرز اختلاف الشخصيتين، "وأوضح الفرق بين طريقة التفكير والمخاوف لدى العنصر المتزوج، والمتعلقة بعائلته وأطفاله بالدرجة الأولى، مقارنة بالأعزب".

حصار في الريف الشمالي


كانت مهمة أبو الجود مرافقة وتصوير عنصرين آخرين من الدفاع المدني، تعرَّضا للحصار مع عائلتيهما في ريف حلب الشمالي، إثر انقطاع الطريق إلى حلب، مطلع يناير/كانون الثاني 2016.

وكان العنصران، صبحي وشقيقه شحود، في إجازة خارج المدينة، لزيارة الأهل في بلدة كلجبرين بالريف الشمالي، عندما اندلعت المعارك في المنطقة، وانقطع الطريق إلى حلب، ليصبحا محاصرين في مساحة صغيرة ومن جميع الجهات، وفقاً لأبي الجود.

ولم تسلم البلدة التي استقرا فيها من القصف الشديد من قبل الطيران الحربي، وكادت أن تسقط عسكرياً، يقول المصور أبو الجود: "لقد رافقتهما في جميع مراحل النزوح، ونظراً لإغلاق الحدود التركية السورية، اضطرا إلى اللجوء مع عائلتيهما لخيمة بأحد مخيمات باب السلامة الحدودي، واستمر حصارهم نحو خمسة أشهر، قبل أن يتمكنوا من العودة".

صعوبات العمل


يتعرض فريق العمل للمخاطر والقصف، تماماً كشخصيات الفيلم، من عناصر الدفاع المدني، وكجميع أهالي الأحياء الشرقية في مدينة حلب.

ويضيف الحلبي أن من أبرز الصعوبات التي واجهته "توطيد العلاقة مع الشخصيات، وإقناعهم بمدى أهمية الفيلم، والتوثيق لصنع رأيٍ عام يدعم القضية السورية".

الموازنة بين الجانب الإنساني والعمل الصحفي هي صعوبة أخرى يضيفها أبو الجود، ويوضح أن "معظم الناس يرفضون تصويرهم في حالة الخطر، أو المأساة، وهنا كنت أقع في حرج كبير بين أن أُغلّب الجانب الإنساني ومراعاة مشاعر الشخصيات التي أقوم بتصويرها في هذه اللحظات الحرجة، خاصة أنني ضحية مثلهم، وبين تغليب الجانب الصحفي، وتأدية دوري في توثيق المأساة".

في كوبنهاجن، طالب الجمهور بإعادة عرض الفيلم للمرة الثانية، الأمر الذي اعتبره قطان حالة استثنائية، مضيفاً أن إدارة المهرجان وافقت على إعادة العرض، ثم تم إعلان النتيجة بفوز الفيلم بالجائزة.

أما في مهرجان "سان دانس"، فقيّمت لجنة التحكيم الفيلم الوثائقي أثناء تسلم الجائزة، وقالت "بلا أدنى شك، إنه فيلم استثنائي، بما لا يشبه فيلماً آخر، رفعنا وحلق بنا ثم أسقطنا في المكان، عمل متكامل من الفن والقوة والإنجاز السينمائي، ورواية مقنعة عن أبطال يكشفون في ظل ظروف مستحيلة تزداد استحالتها يومياً، عن المزيد من الرحمة والإنسانية والشجاعة غير الاعتيادية".

علامات:
تحميل المزيد