إذا كنت من محبي السينما العربية وتفهم اللهجتين السورية واللبنانية، وتريد أن ترى عملاً مختلفاً راقياً ومضحكاً مبكياً في الوقت ذاته، فعليك بمشاهدة فيلم يحمل اسم "محبس" والذي سيعرض بسينمات دبي في الـ6 من أبريل/نيسان من عام 2017.
الفيلم يروي قصة تجسد العلاقة المحيرة بين عداء وصداقة البلدين الجارين سوريا ولبنان الأزلية، برمزية لرواية تحكي قصة سيدة تدعى تيريز، لا تزال تتألم من فقد شقيقها الوحيد الذي قضى في قصفٍ سوري للبنان، إبان فترة من فترات الاضطرابات السياسية التي لا تنتهي في ذلك البلد.
ثم يأتي اليوم الذي انتظرته السيدة الخمسينية لتذوق طعم الفرح من جديد؛ فهي أم لابنة وجدت في تربيتها تعويضاً عن فقدان الأخ والزوج والحياة في ظل الحروب الأهلية وتصفية الحسابات الإقليمية على أرضها.
فالابنة وقرة العين تقدّم لها عريس، فقط لتكتشف لحظة استقبالها إياه وأهله على عتبة دارها أنه سوري، لتكون ردة فعلها "لن تتزوجي السوري"! ثم تتكشف فصول الحكاية موصلة إلى نهاية يتحرق المشاهد لمعرفتها
وتقول المخرجة صوفي بطرس في تعليق على العمل لموقع "الفن": "لقد أصبح العالم قرية واحدة كبيرة. صحيح، قرية حطّمتها العنصرية والتعصّب والكراهية والتحيّز، في عالم يحترق بالأزمات والحروب، لا يزال بلدان متجاوران، هما لبنان وسوريا، يتغذيان على ثقافة الدمار وعلى التاريخ المظلم المشترك".
وأضافت شارحةً عن شخصية تيريز: "وفي غمرة بحث السوريين اللاجئين في العالم عن ملاذ، تصل إحدى العائلات السورية إلى الشرفة الأمامية لمنزل سيدة لبنانية أصرّت على أن تحمل في قلبها الحقد سنين طويلة. (محبس) يناقش هذه التركة الثقيلة والدرامية، فيحوّلها من كتلة مؤلمة إلى منصة للضحك والسخرية من تلك الندوب بين العائلتين والبلدين، كما يسخر من رفضنا بعضنا بعضاً".
وصف الناقد الفني اللبناني إدي حطاب، في مقال له، العمل قائلاً: "قصة الفيلم تحمل في طياتها جرأة كبيرة في تناول موضوع هو سبب أساسي في الحقد الموجود بين اللبنانيين والسوريين، فالحرب بين البلدين التي دمرت الحجر، هدمت بطريقها أرواحاً وألبست النساء الأسود ويتَّمت الكثيرين، وذيول هذه الحرب تمتد إلى اليوم في ظل الغموض الذي يلف مصير المفقودين في السجون".
وختم حطاب بنقطة هامة، وهي أن مشاهِد الفيلم لا يخرج من العرض مستفَزاً، أو مجروحاً أو مستاءً مما ورد في الفيلم، كما أنه لا يتوقع أن يحدِث الفيلم تغييراً فورياً في تفكير الناس، إنما يمكن أن يكون بداية لنظرة إنسانية جديدة بينهما.
الفيلم من كتابة ناديا عليوات وصوفي بطرس، وبطولة جوليا قصار، وبيتي توتل، ونادين خوري، وعلي الخليل، وبسام كوسا، وجابر جوخدار، وسيرينا الشامي، ونيكول كماتو، ودانيال بلابان، سمير يوسف وسعيد سرحان، أما الموسيقى التصويرية فهي من تأليف زياد بطرس.