كوفئت "الخوذ البيضاء"؛ الدفاع المدني الناشط في مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، مساء الأحد 26 فبراير/شباط، عبر نيل فيلم وثائقي بعنوان "The white Helmets" يتناول عملها المحفوف بالمخاطر سعياً لإنقاذ المدنيين من ضحايا النزاع في سوريا بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير.
ورغم حصول اثنين من فريق المنظمة على تأشيرات دخول الولايات المتحدة، إلا أنهما لم يتمكنا من الحضور خشية التعرض لصعوبات في إجراءات المطار، خاصة بعد أزمة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حظر دخول المواطنين من 7 دول ذات أغلبية إسلامية، فضلاً عن عدم صلاحية جواز سفر أحد مصوريها، تلا مخرج الفيلم أورلاندو فون إينسيدل، كلمة قصيرة لرئيس "الخوذ البيضاء" رائد صالح.
وجاء في الكلمة "نحن ممتنون لأن الفيلم ألقى الضوء على عملنا، لقد أنقذنا أكثر من 82 ألف مدني. أدعو الجميع إلى العمل من أجل الحياة، من أجل وقف نزيف الدم في سوريا ومناطق أخرى في العالم".
وفي بيان منفصل، قال صالح "لسنا سعداء بما نقوم به. نحن نمقت الواقع الذي نعيش فيه. ما نريده ليس الدعم للاستمرار ولكن الدعم لإنهاء هذا العمل" آملاً أن "يدفع الفيلم وهذا الاهتمام العالم إلى التحرك لوقف إراقة الدماء في سوريا".
وأهدى خالد الخطيب، وهو المسعف الذي التقط مشاهد الفيلم، الجائزة إلى "متطوعي الخوذ البيضاء وجميع العاملين حول العالم من أجل السلام".
بدأت المنظمة العمل في العام 2013 بعد تصاعد حدة النزاع الدامي الذي بدأ بحركة احتجاج سلمية في آذار/مارس 2011 قمعها النظام بالقوة. وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، بحسب وكالة رويترز.
ومنذ 2014، بات متطوعو المنظمة يعرفون باسم "الخوذ البيضاء" نسبة إلى الخوذ التي يضعونها على رؤوسهم.
وكان متطوعو المنظمة قبل اندلاع النزاع خبازين، وأطباء، ونجارين وطلاباً، لكنهم اختاروا الانضمام إلى صفوف الدفاع المدني، مخصصين وقتهم لتعقب الغارات والبراميل المتفجرة بهدف إنقاذ الضحايا.
بدأوا يعرفون بفضل أشرطة الفيديو المؤثرة التي تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي وهي تظهرهم يهرعون بعد حدوث عملية قصف لانتشال الناجين ولا سيما الأطفال من تحت ركام الأبنية المهدمة، وقد قتل 142 منهم منذ إنشاء المنظمة.
ولكن في بلد يشهد انقسامات حادة وحرباً مدمرة، تتعرض المنظمة لانتقادات خصوصاً من الموالين للرئيس السوري بشار الأسد. ويتهمها البعض بأنها أداة في أيدي المانحين الدوليين والحكومات الداعمة للمعارضة السورية. ويذهب آخرون إلى القول إن مقاتلين وحتى جهاديين ينضوون في صفوفها.
لكن الكثيرين ينظرون إلى عناصر الدفاع المدني على أنهم "أبطال حقيقيون" من الواقع، هاجسهم الأول والأخير إنقاذ الضحايا.
تم ترشيحهم لجائزة نوبل للسلام، لكنهم لم يفوزوا. غير أن عناصر الدفاع المدني البالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف متطوع بينهم 78 امرأة، حصلوا على إشادة عالمية بتضحياتهم بعدما تصدرت صورهم وسائل الإعلام حول العالم وهم يبحثون عن عالقين تحت أنقاض الأبنية أو يحملون أطفالاً مخضبين بالدماء إلى المشافي.
وفي أيلول/سبتمبر 2016 اختارتهم المنظمة السويدية الخاصة "رايت لايفليهود" لمنحهم جائزتها السنوية لحقوق الإنسان التي تعد بمثابة "نوبل بديلة"، مشيدة "بشجاعتهم الاستثنائية وتعاطفهم والتزامهم الإنساني لإنقاذ المدنيين من الدمار الذي تسببه الحرب الأهلية".
على موقعها الإلكتروني، تقول المنظمة أن شعار متطوعيها هو "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" المقتبسة من الآية القرآنية "منْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ، فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا". وتشدد في الوقت ذاته على أن متطوعيها يخاطرون بحياتهم "لمساعدة أي شخص بحاجة للمساعدة بغض النظر عن انتمائه الديني أو السياسي".
وشدد مدير الدفاع المدني رائد الصالح في حوار مع وكالة فرانس برس في واشنطن في 28 أيلول/سبتمبر على حياد المنظمة. وقال "نحن مستقلون، حياديون وغير منحازين. لسنا مرتبطين بأي جهة سياسية أو مجموعة مسلحة".
وأضاف صالح "نحن في خدمة الضحايا ومن مسؤوليتنا وواجبنا العمل من أجل الضحايا".
وتلقى عدد من المتطوعين تدريبات في الخارج، قبل أن يعودوا إلى سوريا لتدريب زملائهم على تقنيات البحث والإنقاذ.
وللمجموعة 120 مركزاً تتوزع على ثماني محافظات سورية، وتحديداً في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة والمقاتلة.
وتتلقى المنظمة تمويلاً من عدد من الحكومات بينها بريطانيا وهولندا والدنمارك وألمانيا واليابان والولايات المتحدة، كما تصلها تبرعات فردية لشراء المعدات والتجهيزات وبينها الخوذ البيضاء التي تبلغ كلفة كل واحدة منها 144,64 دولاراً.