دانيال داي لويس.. تعرَّف على أعظم ممثلي هوليوود وأكثرهم حصداً للجوائز

إذا كانت التسعينيات هي العصر الذهبي لتألق دانيال داي لويس، فالألفية هي عصر تربعه على عرش هوليوود بلا منازع، فبرغم تقديمه 5 أفلام فقط خلال الألفية الجديدة، إلا أنه استطاع إثبات أنه الأفضل على الإطلاق في صناعة السينما.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/16 الساعة 02:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/16 الساعة 02:19 بتوقيت غرينتش

قد ترى توم هانكس أو جاك نيكلسون أو مارلون براندو كأفضل مواهب تمثيلية عرفتها هوليوود، وربما تفضل آل باتشينو، أو روبرت دي نيرو، كما من الممكن أن تصنف مايكل كين، أو أنطوني هوبيكنز كأكثر الممثلين إتقاناً لأدوارهم.

لا يمكننا الاختلاف على أن أولئك الممثلين هم عظماء هوليوود، وأفضل ما أنجبت السينما، لكن لا ننكر، أيضاً، أن لهؤلاء النجوم أدواراً سيئة لا تليق بمشوارهم الفني.

لكن ماذا عن ممثل كانت الأغلبية العظمى من أدواره علامات فارقة في تاريخ السينما؟

دانيال داي لويس


الممثل الإنكليزي صاحب أعقد الأدوار في تاريخ هوليوود، والممثل الأعظم على الإطلاق بحسب تصنيف مجلة الـ Time الأميركية، الظاهرة التمثيلية التى لن تتكرر مرتين في تاريخ السينما العالمية.

وبالرغم من أن مسيرة دانيال داي لويس الفنية تمتد لما يقارب الـ40 عاماً، إلا أنه لم يقدم إلا 20 فيلماً فقط، ولكن ما قدمه دانيال في هذه الأفلام لم يقدمه ممثلون آخرون قد يصل عدد أفلامهم لـ50 أو 70 فيلماً وأكثر، كما أن دانيال معروف عنه البقاء لسنوات دون المشاركة في أي عمل فني، لكن عندما يعود للشاشة، فإنه يقدم دوراً يبقى في الأذهان لسنوات، ويحصد به كل الجوائز الممكنة.

طفولة مشاكسة


وُلد دانيال داي لويس في التاسع والعشرين من أبريل عام 1957 بمقاطعة كينجستون بلندن.

ونشأ في عائلة فنية، فوالده سيسيل داي لويس كان شاعراً، أما والدته جيل بالكون فكانت ممثلة، وجده مايكل بالكون كان منتجاً سينمائياً وصاحب ستوديوهات "Ealing" للإنتاج السينمائي والتليفزيوني.

ولدانيال أخت كبرى وهي تامسين داي لويس التي تعمل كمذيعة تليفزيونية، ومخرجة أفلام وثائقية.

عُرف عن دانيال منذ صغره بأنه شخصية صعبة المراس، فسلوكه كان عنيفاً وكثيراً ما اتسم بالعدوانية في سنوات المراهقة، حتى أنه قام ببعض أعمال السرقة من المحلات وهو يافع.

وعندما ضاق والدا دانيال ذرعًا بسلوكه المضطرب؛ قررا إرساله لمدرسة داخلية، وعلى الرغم من أن تلك المدرسة كانت سبباً في إدراكه لموهبته في التمثيل، إلا أن دانيال لم يتحمل البقاء بتلك المدرسة؛ فألحقه والداه بمدرسة داخلية أخرى، وكانت تاسمين الأخت الكبرى لدانيال، تدرس بتلك المدرسة.

وفي خلال تلك الفترة، حصل دانيال على أول دور تمثيلي له بالسينما، وكان دوراً صغيراً جداً في فيلم Sunday Bloody Sunday عام 1971، وكان دوره بالفيلم هو طفل صغير يقوم بتدمير السيارات، وعلى الرغم من ضآلة الدور، إلا أن دانيال، فيما بعد، وصف هذا الدور بأنه كان متعة كبيرة بالنسبة له.

وعلى الرغم من موهبته التمثيلية الفذة التي ظهرت منذ الصغر أثناء تمثيله بالمسرحيات المدرسية، عشق دانيال للتمثيل، إلا أنه كان يحب أعمال النجارة، والمهن اليدوية الحرفية أكثر؛ فقرر التدرب على صناعة الخزائن وترك التمثيل مؤقتاً.

بعد ذلك، عاد دانيال للتمثيل مرة أخرى، وقرر الالتحاق ببرنامج تمثيل مسرحي بمدرسة تُدعى Bristol Old Vic بمدينة بريستول الإنكليزية.
ومن هنا بدأ انطلاقه بعالم التمثيل.

الثمانينيات: بوادر موهبة فذة



في بداية الثمانينيات عمل دانيال ببعض الأعمال التليفزيونية والمسرحية قبل أن يقتحم عالم السينما، فعمل بفيلم تليفزيوني يُسمى "How Many Miles to Babylon?"، والذي أُذيع على قناة الـ BBC، كما لعب دور روميو في مسرحية "روميو وجوليت"، وشارك في مسرحيات أخرى مثل: Another Country، و Midsummer Night's Dream.

كان فيلم Ghandi عام 1982 لبين كاسنجلي هو أول أفلام دانيال في الثمانينيات، فظهر في دور شاب أبيض بجنوب أفريقيا يحاول اعتراض سير غاندي (بين كاسنجلى).

وبعد ذلك، جسد دانيال دور الضابط البحري "جون فراير" بفيلم The Bounty عام 1984 مع أنطوني هوبيكنز وميل جيبسون.

وفي منتصف الثمانينيات سطع نجم دانيال داي لويس، وأثبت موهبته التمثيلية المميزة من خلال عدة أدوار ليست بالهينة.

ففي عام 1985 شارك دانيال بفيلمين، أولهما فيلم My Beautiful Laundrette، حيث جسد دور جوني الشاذ جنسياً، أما ثاني أفلامه عام 85 فكان فيلم A Room With A View، وجسد فيه دور أحد الرجال الإنكليزيين النبلاء في مطلع القرن الـ20.

أما عام 1988 قدم دانيال مع النجمة الفرنسية "جوليت بينوش" فيلم The Unbearable Lightness of Being، حيث لعب دور جراح من جمهورية التشيك ذي علاقات جنسية متعددة، وفي سبيل لعبه دوره بالفيلم؛ قام دانيال بتعلم اللغة التشيكية، كما اندمج دانيال في شخصيته تماماً طوال فترة التصوير (8 أشهر)، وهذه كانت بداية ما عُرف فيما بعد عن دانيال بإتقانه التام لشخصياته، واندماجه الكلي معها لدرجة تطمس شخصيته الحقيقية.

مشهد ظهور دانيال داي لويس بفيلم Gandhi:

التسعينيات: العصر الذهبي



يمكن اعتبار أواخر الثمانينيات، والنصف الأول من التسعينيات الفترة الذهبية لدانيال داي لويس، ففي تلك الفترة قدم دانيال مجموعة من أعقد الأدوار التى جعلته يحصد العديد من الجوائز، وأكدت على نبوغه الفني.

في عام 1989، قدم دانيال أحد أصعب الأدوار وهو دور كريستي براون في فيلم My Left Foot عام 1989، وكريستي كان رساماً وكاتباً أيرلندياً مصاباً بالشلل الدماغي، ولا يستطيع الكتابة أو الرسم إلا باستخدام قدمه اليسرى.

وفي سبيل تأدية الدور، قام دانيال بأكثر من زيارة لعيادة طبية بدبلن بأيرلندا مختصة بعلاج حالات الإعاقة الجسدية؛ حتى يستطيع دانيال فهم طريقة معية هؤلاء المرضى.
وطوال مدة تصوير الفيلم، ظل دانيال جالساً على كرسي متحرك، كما قام بتعلم الرسم والكتابة مستخدماً قدمه اليسرى؛ محاكياً كريستي براون.

وبعد ذلك الدور الأسطوري في My Left Foot، حصل دانيال على أول جائزة أوسكار في مشواره الفني، كما فاز أيضاً بجائزة البافتا، ورُشح لجائزة الغولدن غلوب في فئة أفضل ممثل.

وبعد 3 سنوات من الانقطاع عن السينما، عاد مرة أخرى عام 1992 في الفيلم الملحمي The Last of Mohicans.

وفي سبيل تأديته دور أحد الهنود الحمر بالفيلم، قام دانيال بالعيش لفترة في الغابات، وتعلم الصيد، وكان طوال مدة التصوير، يسير حاملاً بندقيته، كالشخصية التي يجسدها في الفيلم، حتى لا يخرج عن اندماجه مع شخصيته بالفيلم.

وترشح دانيال، عن دوره بالفيلم، لجائزة البافتا لأفضل ممثل لكنه لم يفز بها.

وفي عام 1993 قدم دانيال اثنين من أبرز أفلامه طوال مسيرته الفنية، فقدم فيلم Age of Innocence للمخرج مارتن سكورسيزي، ثم في فيلمه الأشهر In The Name of Father، حيث جسد دور "جيرى كونلون"، أحد الأيرلنديين الذين يتم اعتقالهم، بغير وجه حق، بتهمة الضلوع بأحد التفجيرات بلندن.

ومن أجل تأدية الدور، كان دانيال يجلس لفترات طويلة في الزنزانة الخاصة بـ"جيري كونلون" بالفيلم، وكان يطلب من باقي طاقم العمل بالفيلم توجيه الإهانات اللفظية له بشكل مستمر، وقذفه بأكياس ممتلئة بالماء المُثلج، بل ووصل الأمر أنه طلب من 3 ضباط حقيقيين التحقيق معه حتى يندمج بشكل كلي مع شخصيته بالفيلم.

وكان من غير الممكن أن يذهب هذا المجهود هباءً، فحصل دانيال على ترشيحه الثاني للأوسكار، والغولدن غلوب، والثالث للبافتا، ولكنه لم يفز بأي من تلك الجوائز.

وفي النصف الثاني من التسعينيات، قدم دانيال فيلمين فقط وهما: The Crucible عام 1996، و The Boxer عام 1997، الفيلمان لم يحققا نفس نجاح أفلام دانيال في النصف الأول في التسعينيات، بالرغم من ترشح دانيال للغولدن غلوب عن دوره في The Boxer.

وفي سبيل تحضيره لدوره في The Boxer، حيث يجسد دور ملاكم، تدرب دانيال لفترة مع بطل العالم السابق في الملاكمة "باري ماك ويجان"، وتسببت تلك التدريبات في حدوث بعض الكسور لدانيال.

أحد مشاهد دانيال في فيلم My Left Foot:

أحد مشاهد دانيال بفيلم In The Name of Father:

الألفية: الأفضل بلا منازع



إذا كانت التسعينيات هي العصر الذهبي لتألق دانيال داي لويس، فالألفية هي عصر تربعه على عرش هوليوود بلا منازع، فبرغم تقديمه 5 أفلام فقط خلال الألفية الجديدة، إلا أنه استطاع إثبات أنه الأفضل على الإطلاق في صناعة السينما.

فبعد توقف دام لـ5 أعوام، حتى ظن البعض أن دانيال اعتزل التمثيل نهائياً، استطاع مارتن سكورسيزي أن يقنعه بالرجوع مرة أخرى للسينما من خلال فيلمه الملحمي Gangs of New York عام 2002، حيث جسد دانيال واحداً من أصعب الأدوار في مسيرته الفنية وهو دور Bill The Butcher أو بيل الجزار.

وفي سبيل تأدية دوره؛ قام دانيال بأخذ دروس في الجزارة، وكيفية تقطيع الجثث على يد أحد الجزارين، كما استعان ببعض العاملين في السيرك ليعلموه كيفية رمي السكاكين.

وبالطبع كان من الصعب أن يمر أداء دانيال في Gangs of New York مرور الكرام، فترشح للمرة الثالثة للأوسكار، وللمرة الرابعة للغولدن غلوب، ولكنه لم يفز بأي منها، لكنه فاز بجائزة البافتا للمرة الثانية.

ثم انقطع مرة أخرى عن العمل السينمائي لمدة 3 سنوات، إلى أن استطاعت زوجته "ريبيكا ميللر" إقناعه بالعمل في فيلمها The Ballad of Jack and Rose عام 2005، ولكن الفيلم لم يحقق النجاح النقدي والجماهيري المعروف عن أفلام دانيال داي لويس.

ثم عاد مرة أخرى بواحد من أفضل أفلام الألفية على الإطلاق، أنه فيلم There Will Be Blood عام 2007 للمخرج "بول توماس أندرسون"، حيث جسد دانيال دور مهندس البترول "دانيال بلين فيو"، السعي وراء الحصول على المال بشره دون أدنى اعتبارات أخلاقية. تلقى دانيال عن دوره في الفيلم إشادة ومديحاً منقطع النظير من النقاد والجمهور، على حدٍ سواء. وفاز دانيال عن دوره بالفيلم بالأوسكار، والغولدن غلوب للمرة الثانية، والبافتا للمرة الثالثة.

وفي 2009، شارك دانيال كلاً من: بينلوب كروز، ونيكول كيدمان، ماريون كوتيارد في بطولة فيلم Nine للمخرج روب مارشال. وبالرغم من عدم تحقيق الفيلم نجاحاً نقدياً أو جماهيرياً كبيراً، إلا أن دانيال ترشح للغولدن غلوب عن دوره بالفيلم، لكنه لم يفز بها.

وفي عام 2012، جسد دانيال دور الرئيس الأميركي الأسبق "أبراهام لينكولن" بفيلم Lincoln للمخرج ستيفن سبيلبرج. ومن أجل تجسيد دوه، طلب دانيال من سبيلبرج أن يعطيه مهلة سنة؛ يستطيع من خلالها دانيال التحضير للدور، كما قرأ دانيال الكثير من الكتب عن حياة لينكولن ، خلال تلك الفترة، كما طلب دانيال من كل أعضاء فريق عمل الفيلم مناداتة بـ"سيدي الرئيس" طوال مدة تصوير الفيلم؛ حتى يندمج أكثر داخل شخصيته.

وكالعادة أثنى النقاد على أداء دانيال الاستثنائي بالفيلم، وحصل دانيال على ثالث أوسكار له؛ ليصير أكثر ممثلي هوليوود الفائزين بالأوسكار في فئة أفضل ممثل بدور رئيسي، كما فاز بالبافتا، والغولدن غلوب عن دوره بـ Lincoln.

وبعد غياب لـ5 سنوات، سيعود دانيال مرة أخرى للتعامل مع المخرج "بول توماس أندرسون"، مخرج There Will Be Blood، في فيلم تدور أحداثه بخمسينيات القرن الماضي بلندن، ومن المُقرر صدور الفيلم في 2017.

أحد أبرز مشاهد دانيال بفيلم Gangs of New York:

أحد مشاهد دانيال بفيلم There Will Be Blood:

علامات:
تحميل المزيد