لا يبدأ تصوير الفيلم، عادةً، إلا بعد استكمال كتابة كل لقطاته في السيناريو، الذي يمثل المسار الذي يسير الفيلم أو أي عمل درامي وفقاً له، ويلتزم طاقم العمل به منذ اللحظة التي يصيح المخرج صيحته الشهيرة "أكشن"، وتبدأ الكاميرا في التسجيل، حتى يصرخ مرة ثانية "ستوب".
لكن، هناك لحظات في الأفلام العالمية لم يكن مخططاً لها نتجت عن اندماج الفنانين في أدوارهم وارتجالهم مشاهد غير مكتوبة مثلما فعل روبرت دي نيرو في فيلم سائق التاكسي عندما صرخ في المرآة: "هل تتحدث إليّ؟" وكررها أكثر من مرة، ولم تكن ضمن السيناريو الأصلي وأبقاها المخرج مارتين سكورسيزي ضمن الفيلم لتأثيرها القوي وعفويتها.
دينيرو لم يكن وحده في هذا الابتكار العفوي؛ فهناك فنانون كثيرون ارتجلوا مشاهد، ومواقف فاجأت المخرجين والمؤلفين أنفسهم وكانت إضافة لأعمالهم، فأبقوا عليها، لتظل راسخة في تاريخ السينما حتى الآن..
1- مطرقة علي حامل المعاطف.. Thor The Dark World 2013
جذبت مطرقة البطل الخارق ثور (كريس هيمسوورت) في فيلم Thor:The Dark World الأنظار إليها، ويرجع الفضل إلى صانع الأسلحة والسيوف القديمة الشهير والمعروف بأعماله في العديد من الأفلام الضخمة توني سواتون، لكنها تمكنت من لفت الانتباه بشكل طريف في أحد مشاهد الفيلم عندما انتابت ثور حيرةٌ شديدة خلال تواجده داخل شقة سكنية.
فماذا سيفعل بالمطرقة وأين سيتركها؟! فعلّقها على حامل المعاطف، في لقطة عفوية لم تكن مكتوبة في سيناريو الفيلم الأصلي، ولكن كريس هو الذي ابتكرها معتقداً أنها ستبدو طريقة، ويبدو أنها كانت كذلك، فقد أبقى المخرج آلان تايلور على ذلك المشهد العفوي.
2- رفعة في الهواء.. Crazy, Stupid, Love 2011
في الوقت الذي كان يحاول فيه لويفر (ستيف كاريل) السيطرة على زمام الأمور بعد رغبة زوجته أميلي (جوليان مور) في الطلاق وتحمّل مسؤولية الأبناء، كانت ابنته هانا (إيما ستون) تقضي أمسية رائعة مع جايكوب (رايان جوسلينغ) الذي كان يتودد إليها بإقناعها برفعها في الهواء كما في فيلم Dirty Dancin.
المشهد برمته الذي شاهدناه على الشاشة لم يكن في النص الأصلي، وأوضح غوسلينغ بعد ذلك أنه في أثناء خروجه للرقص وشرب الخمر مع أصدقائه كانوا يحاولون تقليد المشهد من فيلم Dirty Dancing، ومن هنا جاءته فكرة إضافته إلى مشهده مع إيما، وبدت الفكرة رائعة في ذلك الوقت.
3- الجوكر..The Dark Knight 2008
سيتذكر الناس، لأعوام طوال، شخصية الجوكر التي جسدها هيث ليدجر في فيلم The Dark Knight، فقد كان لها الفضل في حصول ليدجر على جائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد بعد وفاته.
في هذا الفيلم، أبدع ليدجر كأنه كان يعلم أنه آخر أفلامه، فخلق العديد من المشاهد العفوية؛ مثل مشهد انتظار الجوكر بهدوء وحيداً في السجن بعد أن تم القبض عليه من قِبل المفتش جيم غوردون (غاري أولدمان). وفي أثناء ترقية العمدة لغوردن لنجاحه في الإيقاع بالجوكر، بدأ الجوكر بالتصفيق كما فعل باقي الضباط في المشهد.
لم يكن تصفيق الجوكر ضمن النص؛ بل كان ارتجالاً بسيطاً من ليدجر، ما زاد المشهد رعباً.
وفي مشهد انفجار المستشفى، كان من المفترض أن يسير الجوكر في الشارع عندما بدأ الانفجار ويركب الحافلة المدرسية ليبتعد بها عن مكان الخطر، لكن ليدجر أضفى نوعاً من الكوميديا السوداء على المشهد الخطير عندما توقف للحظة ليستكشف سبب توقف الانفجار وما إذا كان هناك عطل في الريموت كنترول.
4- الحوار الأخير..The Incredible Hulk 2008
أنتجت استديوهات مارفل فيلم The Incredible Hulk في عام 2008 من بطولة إدوارد نورتون وليف تايلر، وعلى الرغم من تكلفة الفيلم العالية والأرباح التي حققها في شباك التذاكر، لم يتضمن سيناريو الفيلم حواراً للمشهد الأخير الذي يجمع بين روبرت داوني جونيور المعروف بـIron Man والنقيب آهاد الذي قام بدوره ويليام هورت، والذي اعترف بعد ذلك بأن الحوار الذي دار بينه وبين جونيور في آخر مشهد وهو يقول له: "سمعت أن لديك مشكلة غير عادية.. ما رأيك لو أخبرتُك بأن نكّون فريقاً معاً؟" كان ارتجالياً بأكمله.
5- لقطة من ابتكار الطيور..Gladiator 2000
من الصعب نسيان مشهد بداية معركة ماكسيموس في الملحمة الرومانية Gladiator لريدلي سكوت، فقد علم راسل كرو وسكوت أن ماكسيموس في حاجة إلى لحظة تفكير قبل بدء معركته، المشكلة أنها لم تكن مكتوبة ولم يعرف سكوت كيف سيتم تنفيذ هذه اللحظة لتخدم المعركة.
خلال بحث سكوت مع كرو عن حل، شقت مجموعة من الطيور طريقها إلى موقع التصوير، فقرر سكوت إدارة الكاميرات ناحية الطيور والتقطت ردود فعل كرو بعد ذلك وبقية القصة يعرفها الجميع.
6- حوار الكائنات الفضائية..Mars Attacks 1996
أعار الممثل الأميركي والمتخصص في الأداء الصوتي فرانك ويلكر صوته للمخلوقات الفضائية القادمة من المريخ في فيلم الخيال العلمي Mars Attacks الذي صدر عام 1996.
وعلى الرغم من أن ويلكر أضفى لغة فريدة من نوعها قد تبدو مزعجة للبعض، فإنه لم يكن هناك سيناريو وحوار من أي نوع لهذه المخلوقات، وما قام به ويلكر كان ارتجالاً كاملاً.
7- صرخة في الأذن..Dumb and Dumber 1994
لم يعرف لويد وهاري (جيم كاري وجيف دانييلز) أن غباءهما سينقذهما من قاتل محترف تم استئجاره لقتلهما. ففي أثناء تجوالهما بسيارتهما الغريبة لإعادة حقيبة إلى امرأة نسيتها في المطار، طاردتهما عصابة لاستعادة الحقيبة، وتم توظيف قاتل محترف (ماسك ستار) لقتلهما، حيث ركب معهما السيارة وبدأ لويد وهاري مضايقته بشتى الطرق، في حين علق القاتل المسكين في المنتصف يحاول الصمود حتى صاح بعلو صوته: "كفى".
لكن الأمر لم ينتهِ عند ذلك فحسب، فقد فوجئ هاري والقاتل بـ(لويد) يقول: "هل تريد أن تسمع أكثر الأصوات إزعاجاً في العالم؟" وبدأ يصرخ في أذن القاتل.
كان هذا المشهد من ارتجال النجم الكوميدي جيم كاري، وهو ما يتضح من رد فعل دانييلز وستار، حيث تغير المشهد بالكامل عن السيناريو الأصلي وكان من المفترض أن يثير لويد وهاري غضب الرجل بخلافهما حول حلوى الهلام.
8- ٢٥ دقيقة تكفي لـ"أوسكار"..The Silence of The Lambs 1991
كان الطبيب النفسي هانيبال ليكتر -أحد أدوار النجم أنطوني هوبكنز الخالدة- يروي قصة لوكيلة مكتب التحقيقات الفيدرالي كلاريس ستارلينج التي قامت بدورها النجمة (جودي فوستر)، حول شخص حاول فحصه فتناول كبده مع الفاصوليا والخمر الإيطالي، ثم ينتهي المشهد بصوت هسهسة زاد المشهد إثارة للخوف والرعب.
كان هذا الصوت في الواقع طريقة هوبكنز للمزاح خلال بروفات الفيلم، لكنه تحول إلى لقطة لترويع فوستر، وقرر المخرج جوناثان ديمي الإبقاء عليه ضمن مشاهد الفيلم، ما كان له أثر بالغ على الجمهور.
وعلى الرغم من أن هوبكنز لم يظهر طوال مدة الفيلم سوى 25 دقيقة، فإنها كانت كافية لفوزه بجائزة الأوسكار، وحاز الفيلم 4 جوائز أوسكار، كما تصدرت مبيعاته شبابيك التذاكر وحقق نجاحاً كبيراً؛ ربما لأن هانيبال يعبر عن أسوأ ما في داخلنا ونجح في تنفيذ أسوأ كوابيسنا، كما قال هوبكنز.
9- عقد الماس.. Pretty Woman 1990
مشهد إدوارد لويس (ريتشارد جير) وهو يقدم لفيفيان وارد (جوليا روبرتس) عقداً من الماس يعد أحد أشهر مشاهد فيلم Pretty Woman. فقد ارتجل النجم ريتشارد جير حركة عفوية عندما حاولت جوليا روبرتس لمس العقد الثمين وقام بإغلاق علبة المجوهرات لمفاجأتها، ما جعلها تضحك ضحكة صادقة، وقرر المخرج جاري مارشال تركه في الفيلم.
10- هنا جوني..The Shining 1980
أصبح الفيلم المقتبس من رواية ستيفن كينغ حول أب يعيش في فندق مسكون بالأشباح مع عائلته واحداً من أشهر أفلام المخرج ستانلي كوبريك.
ففي مشهد الحمام الشهير، حاولت ويندي تورانس الاختباء مع ابنها داني في حمام الفندق من الزوج المختل جاك تورانس الذي قام بدوره النجم جاك نيكلسون، وتمكن داني من الهرب من خلال نافذة حمام نصف مفتوحة، بينما والدته لم تنجح في الفرار بسبب ضيق المساحة وحوصرت داخل الحمام. وهنا، ظهر تورانس ببطء يمسك بفأس ليبدأ في تحطيم الباب ليثير رعب ويندي، وما إن وضع جاك رأسه في فتحة صغيرة وقال "Here's Johnny!"، كان قادراً على إثارة خوف المشاهدين وليس ويندي فحسب.
الجملة بالطبع كانت فكرة جاك نيكلسون، والتي استوحاها من مقدمة برنامج شهير في ذلك الوقت.
ويقال أيضاً إن كوبريك كان يصرخ في ويندي التي لعبت دورها النجمة شيلي دوفال؛ من أجل الدخول في الشخصية وإثارة خوفها.