مسلسل الأسطورة.. قفزة إلى الأمام

لقد نجح محمد سامي في تقديم دراما واقعية ينتظرها المشاهد العربي، والتي تمكنت من أسر المتتبع للأحداث الحقيقية: الحب - الصراع - التصفية - التورط في الفساد من طرف جهات نافذة - اليأس - تجارة السلاح - الحلم - الخيانة - الغدر... كل هذه القضايا تؤرق المواطن العربي وتجعله يطرح الأسئلة على نفسه أولاً: هل نحن جزء من الفساد أم من التنمية وبناء الوطن المنشود؟!

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/05 الساعة 03:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/05 الساعة 03:02 بتوقيت غرينتش

تعمدت الانتظار قليلاً قبل كتابة هذا المقال حتى أبتعد به عن الدعاية المجانية؛ لأن إدارة الإنتاج والتسويق كفيلة بهذا الأمر.

منذ مدة لم أشاهد مسلسلاً "مصرياً" – على وجه الدقة – من أيام "ليالي الحلمية والضوء الشارد وسامحوني ما كانش قصدي وأرابيسك" وغيرها من أعمال الزمن الجميل، ولكن الضجة التي رافقت مسلسل "الأسطورة" جعلته يسترعي اهتمامي، فما هي الإضافة التي قدمها مسلسل الأسطورة؟

بداية، سوف نستثني مكونات العمل الفني من الحديث من مثل: الموسيقى – التصوير – المونتاج – الإخراج… ببساطة لأنها أصبحت راقية واحترافية كما هو شأن الأسطورة.

إن الشيء اللافت للنظر والاهتمام من خلال متابعة أحداث المسلسل يندرج – في اعتقادي – فيما يلي:

الذكاء اللغوي: السيناريو متقن بدرجة عالية، والشخصيات تتحاور بلغة عميقة تترك لك الفرصة للتفاعل والفهم والتخيل وتنحو بك نحو توقع نتائج ومترتبات الحوار "المؤلف محمد سامي".

صدمة المشاهِد: تعتبر خاتمة كل حلقة صدمة حقيقية للمشاهد؛ لأن الأحداث تبقى مفتوحة على عدة احتمالات.. تجعل الصبر ينفد في انتظار الآتي.

الشخصيات: حقيقية وواقعية – تعيش في محيطنا الكبير والصغير – وتتعدى المعيش المصري إلى الواقع العربي بأسره "رفاعي – ناصر – مختار – عصام النمر – تمارا – حنان – سلماوي – بدر – كمال – شهد…."

لكل شخصية جمالها وحلمها، حتى الشخصيات القبيحة نفسياً واجتماعياً، والجميل أيضاً، أن هذه الشخصيات تمتلك سرها الخاص ينكشف مع مرور الزمن "الزمن الفني" نموذج زكريا خال ناصر.

العلامة الكاملة للنجم محمد رمضان على الدور المزدوج "رفاعي وناصر الدسوقي"؛ نظراً للصعوبة الكبرى للجمع بين شخصيتين من هذا النوع رغم أنهما شقيقان.

لقد نجح محمد سامي في تقديم دراما واقعية ينتظرها المشاهد العربي، والتي تمكنت من أسر المتتبع للأحداث الحقيقية: الحب – الصراع – التصفية – التورط في الفساد من طرف جهات نافذة – اليأس – تجارة السلاح – الحلم – الخيانة – الغدر… كل هذه القضايا تؤرق المواطن العربي وتجعله يطرح الأسئلة على نفسه أولاً: هل نحن جزء من الفساد أم من التنمية وبناء الوطن المنشود؟!

أصر المشاهد المصري على متابعة أطوار المسلسل – مثل مباريات كرة القدم – جماعياً وفي المقاهي وانتظر بفارغ الصبر براءة ناصر من المنسوب إليه، وتماهى بعد ذلك مع البطل من خلال تقليد طريقته في حلق الرأس والمشي والكلام واقتنى مستلزمات الأسطورة: قمصان.

• من بين المواضيع التي طرحها مسلسل الأسطورة للنظر والتأمل:

1- الحب: حاضر بقوة فدافع "ناصر" للتورط في تجارة السلاح وسلك الإجرام بالدرجة الأولى رفض تمارا وفي درجة ثانية الرفض الذي قوبل به للانضمام لسلك القضاء، وقصص أخرى للحب "شهد – ناصر – مختار – مرسي – سماح – مريم…".

2- المرأة: تم تقديمها بواقعية كبيرة "أم – زوجة – خليلة – زوجة ثانية وثالثة.." تقبل الزواج والتعدد والعرفي والمصلحي، كما أنها المؤملة في النضال والتغيير والصبر عندما تسوء الأمور.

3- سؤال الشرعية: قضية بيع السلاح تطرح من جديد توجه بعض الجهات "الجماعات.. الميليشيات" إلى انتزاع شرعية الدولة باعتبارها المؤهلة وحدها لامتلاك السلاح واستعماله "العقد الاجتماعي".

4- اليأس: قضية ذات بعد نفسي واجتماعي قادرة وحدها على تغيير اتجاه الفرد والمجتمع من البناء إلى الهدم من خلال أدوات كثيرة على رأسها الانتقام "توجه ناصر لإثبات الذات…".

5- الصراع: فردي وجماعي وتاريخي "عائلة الدسوقي – عائلة النمر".

ختاماً، أسوق بعض سهام النقد التي تم توجيهها للمسلسل:

– بعض المشاهد جريئة ولا تتلاءم وعرضه الأول "شهر رمضان".
– مشهد مقتل رفاعي مبالغ فيه وغير متقن.
– ساعة يد ناصر هي نفسها عند أخيه رفاعي.
– المبالغة في استعمال السلاح والقتل والعنف غير المبرر.

– استخدام "القتل أو الموت" أسلوباً وحيداً لإنهاء شخصيات كثيرة في المسلسل لم يعد لها دور في الأحداث المقبلة.

"الأسطورة" قفزة إلى الأمام بما تحمل الكلمة من معنى…شكراً لكم لأنكم أتحفتمونا وأعدتم المشاهد العربي إلى الزمن الجميل.

– فوق بقى إيه اللي باقي تخاف عليه اللي خسران كل حاجة هيخسر إيه؟

– هي موتة يعني ولا أكتر بقى ما انت ميت بالحياة هتعيش لإيه؟

– انت ميت بالحياة هتعيش لإيه هي غابة واللي مالهوش ضهر فيها حقه واكلاه الديابة.
– هي غابة عشت طيب واتاكلت خلاص بقى بطل خيابة خش فيها بقلب جامد عيشها جاحد.

– الزمان ده مفيش مكان فيه للضعيف ولا للغلابة انت ما مشيتش الطريق ده باختيارك.
– ما انت عشت بتمشي جنب الحيط سنين غفلتك الدنيا ولوت لك دراعك كلنا في الدنيا دي متغفلين.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد