شارك في 70 مهرجاناً دولياً وفاز بـ 9 جوائز.. المصريون يترقبون عرض “ربيع شتوي”

رغم أن عنوان "ربيع شتوي" غامض بعض الشيء لفيلم قصير، فإنه صار معروفاً حول العالم بعدما نجح في صنع بصمته الخاصة في المهرجانات الدولية، علماً بأنه سيُعرض قريباً في مصر.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/03 الساعة 08:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/03 الساعة 08:56 بتوقيت غرينتش

رغم أن عنوان "ربيع شتوي" غامض بعض الشيء لفيلم قصير، فإنه صار معروفاً حول العالم بعدما نجح في صنع بصمته الخاصة في المهرجانات الدولية، علماً بأنه سيُعرض قريباً في مصر.

فاز "ربيع شتوي" بجائزة أحسن فيلم في مهرجان إيطالي، وشارك بعدها في مهرجان فرنسي وآخر ألماني، ويستعد للمشاركة في مهرجان "لونغ إيلاند الدولي للأفلام" بنيويورك ليصل عدد مشاركاته في المهرجانات الدولية المستمرة لأكثر من 70 مهرجاناً.

الفيلم قصير، لكن القصة بعيدة الأثر، تحكي عن أب وابنته في تحولات المراهقة وما يطرأ على حياتهما معاً. وبين شتاء الأب وربيع الابنة، تنبني قصة الفيلم وربما قصص كثيرة وراء الأبواب المغلقة، حيث يفتح الفيلم نافذة على خطورة العلاقة الإنسانية بين الأب والابنة في لحظات التحول.

كان المخرج موفقاً في اختيار قصة الأب والابنة ليقارن بين شيخوخة الذكورة وصعود النسوية من دون طنطنة بلاغية أو فلسفة، وكان موفقاً كذلك في اختيار قصته البسيطة عن تفاصيل الحياة العادية لشخصين من المجتمع.

كما وُفّق في اختيار أبطاله بين احترافية الأب، النجم أحمد كمال، وموهبة صاعدة للمرة الأولى الشابة إيمان مصطفى.

الجمع بين المتناقضات



"ربيع شتوي" أقرب إلى التعبير العفوي "المقصود" عن أزمة مجتمع في لحظة تحول، فهو يحمل اسماً غريباً يجمع بين متناقضين هما الربيع والشتاء، فيقول رسالته بدء من اختيار العنوان، كما أوضح مخرجه محمد كامل في حواره مع "عربي بوست".

وأضاف، "هناك مستويات عدة لتلقي الفيلم بشكل عام، فاسمه مكون أساسي في عملية التلقي، وما أهتم به عند اختيار الاسم أن يخلق عند المشاهد نوعاً من الجدل الذهني يستنبط من خلاله المعنى".

يدور "ربيع شتوي" حول علاقة الفتاة بوالدها، حيث دلالة الشتاء مرتبطة بالسكون وأحياناً رتابة الأب، ومرحلة التحول التي تمر بها الفتاه أشبه بتفتح الزهر البِكر.

يقول كامل، "هناك أيضاًً علاقة بين تعاقب الفصول الأربعة وارتباطها بمراحل أعمارنا المختلفة، وهناك أيضاًً دلالات مرتبطة بالفترة الزمنية التي تدور بها أحداث الفيلم تحديداً تلك المرحلة الانتقالية بين فصلي الشتاء والربيع، ودلالات أخرى قد تكون مرتبطة بمفاهيم التغير التي شهدها المجتمع في الآونة الأخيرة".

فيلم يخاطب الإنسانية


وراء "ربيع شتوي" قصة بدأت في العام 2011، حيث كان كمال يعمل مع صديقه الكاتب تامر عبد الحميد على فيلم روائي طويل يحوي مجموعة قصص مختلفة من بينها هذه القصة ولظروف إنتاجية توقف المشروع.

يقول كمال، "كنت أرى أن التجربة ثرية جداً ومعبرة بصدق عن المناخ العام وما أحسسنا به من تغيير في فترة ثورة يناير. وبالقصة أيضاًً عوامل جذب شخصية لي كصانع أفلام يهتم بدراما الشخصيات الهامشية وتفاصيل حياتها اليومية البسيطة".

وأضاف، "أذكر أنني قلت لتامر أثناء مرحلة كتابة السيناريو إنني أريد أن يخلق موضوع الفيلم ودراما شخصياته المساحة الإنسانية المشتركة، التي قد يتفاعل معها أي مشاهد في أي مكان في العالم سواء كان في الصين أو أوروبا أو أميركا، وهو ما استطاع الفيلم أن يحققه بالضبط".

واستكمل، "بعد توقف الإنتاج قررت اختيار إحدى القصص التي كتبناها وأن أقوم بإنتاجها بنفسي في فيلم روائي قصير لغياب منتجين يتحمسون لهذا النوع من الأفلام وحتى أستطيع أن أتحكم في ظروف الإنتاج. وبدأنا في إعادة صياغة القصة لتتناسب مع الإطار الجديد كفيلم قصير".

نجاح دولي حافل


WINTRY SPRING (Rabie Chetwy) 2015 – A Film by Mohamed Kamel (Trailer) from Mohamed Kamel on Vimeo.


بعد الانتهاء من إنتاج "ربيع شتوي"، جاءت انطلاقته الدولية عندما تم الإعلان عن اختياره للمشاركة في المسابقة الرسمية الدولية لمهرجان كليرمون فيران الدولي للفيلم القصير بفرنسا، وهو كما يقول كامل "من أهم المهرجانات الدولية المتخصصة في الأفلام القصيرة، كان عدد الأفلام المتقدمة للمهرجان في دورة 2015 يزيد عن 8000 فيلم من جميع أنحاء العالم، واختير 82 فيلما فقط للمشاركة في المسابقة الرسمية الدولية للمهرجان، من بينها (ربيع شتوي)".

كانت هذة البداية بمثابة الدفعة القوية للفيلم للتواجد على الساحة الدولية، ومن بعدها بدأت طلبات عدة من قبل مبرمجين وإدارات مهرجانات دولية كبرى حول العالم، مثل مونتريال وشيكاغو وغيرها. كما أبدت شركات توزيع عالمية رغبتها في الحصول على حقوق توزيع الفيلم.

ويرى المخرج محمد كامل أن هذه هي فلسفة المهرجانات في العالم، الأمر الذي يختلف عما يحدث عندنا، "فمهرجاناتنا المحلية تقف في معظم الأحوال عند كونها صورة احتفالية فقط لحضور النجوم والتقاط الصور التذكارية".

ولم يكن حظ الفيلم من المهرجان المشاركة فقط، بل حاز إعجاب النقاد أيضاً، واختاره موقع "سين كريتيك" الفرنسي في قائمة أفضل أفلام المهرجان Top of the Festival. أما على مستوى الجمهور فكان استقبال الفيلم بحسب المخرج "أكثر من مبهر.. وهو ما لمسته بنفسي عند مقابلات بعد".

بعد ذلك انطلق الفيلم بقوة في صالات العرض في مهرجانات دولية مختلفة حول العالم.

وربما يختلف الوضع في مهرجان "فوتغراما دورو" الإيطالي، فقد حاز إعجاب رئيس لجنة التحكيم، وهو مخرج إيطالي شهير. ويعتقد كامل أن هذا الإعجاب سهل بشكل واضح حصول الفيلم على الجائزة الكبرى "الإطار الذهبي"، وجائزة أحسن ممثل للفنان القدير أحمد كمال حيث كان يتنافس، مع 68 فيلما آخر من جميع أنحاء العالم.

وجاء في نص قرار لجنة التحكيم، "للطريقة السلسة والبسيطة (وغير السطحية) التي استطاع بها المخرج بناء العلاقة بين الاب وابنته بذكاء إخراجي دون أي مبالغة أو إقحام في السرد والذي جعلنا نفهم بوضوح أنه وراء الحياة، التي تبدو في ظاهرها عادية قد تحمل بداخلها مشكلة كامنة للشباب".

أما جائزة أحسن ممثل للفنان القدير أحمد كمال، فكانت "للأداء المهذب شديد الحساسية والمحسوب بدقة، والذي جعل القصة أكثر تأثيرا دون أي مبالغة في إيماءات الشخصية أو الخروج عن أبسط تفاصيلها الدقيقة والذي بدوره جعلنا ندخل بسلاسة في العالم الصغير لهذة الأسرة".

اختيار الممثلين


أحمد كامل

"كان اختيار الفنان القدير أحمد كمال لدور الأب واضحا لي منذ البداية نظرا لقدراته التمثيلية الخاصة، والصفات المشتركة الموجودة لديه لشخصية الأب"، هكذا أجاب المخرج محمد كامل على سؤال حول طريقته في اختيار نجومه.

وأضاف، "أما بالنسبة لشخصية الابنة ونظرا للفترة العمرية الحرجة التي تمر بها الفتاه بالفيلم فكنت أعي جيداً حساسية الدور ومدى أهمية الاختيار، حيث يقع علي العبء الأكبر في تحديد ملامح الشخصية، وبالتالي المسار العام للفيلم، خصوصاً أنه لا يوجد ممثلون محترفون في هذه المرحلة العمرية الدقيقة التي تمر بها الشخصية؛ فلا هي طفلة ولا هي فتاة كاملة النضج. وكنت أبحث عن ملامح تعطيني ذلك المزيج من براءة الطفولة من ناحية وبدايات تكوين الأنثى من ناحية اخرى. وأذكر أنني قمت بمقابلات لأكثر من 100 فتاة على مدار 6 أشهر وعمل تجارب أداء معهم للوصول للفتاة المناسبة".

"توافرت في أحمد جميع العناصر والقدرات التمثيلية المطلوبة لأداء الشخصية بالشكل البسيط والمناسب لها، فهو ممثل ذو قدرات عالمية دون مبالغة. وأذكر هنا عند مقابلتي له وعقد جلسة أولى بعد قراءته للسيناريو، أنه كان ينصت باهتمام بالغ لكل تفصيلة أحكيها عن الشخصية والفيلم بشكل عام. حتى نوعية الأسئلة التي كان يطرحها كانت ذكية وثرية وتنبئ عن فهم عميق لدراما شخصية الأب، ما سهل أشياء كثيرة أثناء التصوير وأعطى للفيلم مركز ثقل وإضافة كبيرة لشخصية الأب".

احترافية البطل وهواية البطلة


في فترة الإعداد للفيلم قبل التصوير كان المخرج يعي فرق الخبرة بين إيمان مصطفى في تجربتها الأولى وأحمد كمال فقام بتدريبها جيداً على الشخصية حتى تستطيع أن تتخلص من حاجز الرهبة في تجربتها الأولى أمام الكاميرا.

"هذا ما فعله أيضاً الأستاذ أحمد كمال معها أثناء البروفة والتصوير، مما أدى إلى وجود تناغم أثناء التصوير، وهنا أشكر أعضاء فريق عمل الفيلم الذين بذلوا الجهد، وتبرعوا بأجورهم".

وقد حصل الفنان أحمد كمال على تنوية خاص كأحسن ممثل عن دوره بالفيلم من مهرجان السينما والبحر بالمغرب، إلى جانب جائزة أحسن ممثل من مهرجان "فوتوغراما دورو"، وحصلت إيمان مصطفى على تنوية خاص كأحسن ممثلة عن دورها من مهرجان السينما والبحر بالمغرب، وهي ثلاثة جوائز من أصل تسعة حققها الفيلم في مشواره الدولي حتى الآن.

البحث في موضوع "أنثوي"


"من البداية كان هناك اتفاق بيني وبين الكاتب بأن نعمل على الموضوع كـ (ذكور) دون اللجوء للطريقة السهلة التقليدية بالاعتماد على خبرات فتاة مرت بهذه التجربة لترويها لنا. وقد نجحنا في ذلك لدرجة أنه العديد من النقاد ظنوا بان صناع الفيلم نساء".

يعتقد كامل أن واقع الطفولة في مصر هو جزء من كل واقع مجتمعي يشوبه الكثير من الإهمال بشكل عام. ويحكي هنا عن تجربة مر بها أثناء أحد عروض الفيلم في مهرجان كليرمونت حيث كان استقبال الفيلم رائعا. وطلبت إحدى الإذاعات إجراء حوار معه.

"ذهبت للمحطة لأجد حوالي 50 صبياً وفتاة تتراوح أعمارهم بين 15 و١٨ سنة، ومعهم مدرس ومدرسة، واكتشفت أنهم فصل دراسي جاء لحضور الحلقة التي استمرت لمدة ساعة لمناقشة الفيلم. وكانت أسئلتهم شديدة الذكاء تدل على فهم للمستويات المختلفة من رسائل ومعاني الفيلم.

"وطلب مني المعلم عنوان بريدي الالكتروني وقال لي أن الطلبة سيكتبون مقالات عن رؤيتهم للفيلم ويتم تقييمها بدرجات وأنه سيرسلها لي بعد ذلك".

جدوى الأفلام القصيرة


ردا على سؤال حول جدوى الأفلام القصيرة في مصر، قال المخرج "أومن بجدوى صناعة الأفلام بشكل عام سواء قصيرة أم طويلة، ولكن السؤال يحيلنا إلى موضوع مهم له علاقة بآليات السوق التقليدية والأنماط المستحدثة في التسويق والتفكير خارج الصندوق. وفي رأيي لن يتم ذلك بشكل احترافي إلا بوجود آلية تخلق مساحة بالسوق لاستيعاب أنواع مختلفة من الأفلام سواء كانت تسجيلية أو قصيرة أو تحريك وحتى بعض الأفلام الطويلة، جنبا إلى جنب مع أفلام السوق العادية".

أما بالنسبة لعرض الفيلم بالقاهرة، فسيتم قريباً عرض خاص "ربيع شتوي" بحضور أبطاله وفريق العمل بمركز الإبداع بالأوبرا.

تحميل المزيد