أثار ترويج قناة "شنقيط" الخاصة بموريتانيا لمسلسل "يوسف عليه السلام" ووعدها ببثه بالتزامن مع بداية شهر رمضان المبارك موجة انتقادات حادة بين المدونين.
وانقسم المهتمون بالقضية إلى ثلاثة تيارات، فهناك من يرى أن هناك شبه إجماع شرعي على حرمة تمثيل الأنبياء عليهم السلام، والثاني يرى أن هناك فتاوى فقهية تبيح بث مثل هذه المسلسلات، بينما يرى الاتجاه الثالث أن المسلسل يعبر عن فكر إيران الشيعية مستنكراً بثه على قناة موريتانية موجهة لمشاهدين سنة.
منع بث المسلسل
الكاتب والإعلامي الشهير أحمد أبو المعالي كتب "قناة شنقيط.. ومسلسل الصديق عليه السلام" قائلاً "تبث قناة شنقيط إعلاناً يحدد مواقيت بث مسلسل الصديق عليه السلام في رمضان، علماً أن المسلسل الإيراني المنشأ ما زال مثار جدل علمي لدى علماء السنة دون استثناء حيث يجمعون على تحريم تمثيل الأنبياء عليهم السلام.
وفي الدعاية يظهر من يمثل يوسف عليه السلام ويقرأ الاآية الكريمة {وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بين وبين إخوتي} قرأ نزغ -بالعين المهملة- مع أنني أتمنى أن تكون أذني أخطأت السمع"، والعين المهملة أي حرف العين بدون نقطة.
وأضاف ولد أبو المعالي "على القناة أن لا تبث هذا المسلسل الذي يظهر فيه شخص يمثل يوسف عليه السلام في حين أن الشخصيات العلمية الإسلامية والمجمعات والهيئات العلمية الإسلامية مجمعة على تحريم تمثيل الملائكة والأنبياء عليه السلام وزوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسباب متعددة.
وأكد الكاتب في تدوينة على حسابه بـ فيسبوك، أن الأزهر وغيره من المؤسسات العلمية طالبوا بوقف بث المسلسل أثناء بثه على إحدى القنوات العربية وأفتى كثير من العلماء بحرمة مشاهدته لحرمة بثه أصلاً وستكون هذه سابقة خطيرة في الإعلام الموريتاني، لذا على القناة المحترمة أن تتراجع عن قرار البث حتى تتأكد من حكم بثه فلا يجوز للمكلف أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه".
بدوره علق الناشط الشاب محمد حيدره مياه قائلا "قناة شنقيط تعتزم بث مسلسل يوسف عليه السلام، المسلسل الإيراني المثير للجدل.
وأضاف على حسابه "المسلسل طالب العديد من العلماء والمجمعات العلمية بعدم بثه".
سفور إعلامي
وصف المختار ولد عبد الله إصرار قناة شنقيط الفضائية على عرض مسلسلات إيرانية تتحدى شعور المجتمع بل وتتجاوز حدود المعقول سفور إعلامي، مستغرباً تغاضى السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية "الهابا" ورابطة العلماء عن بث هذه المسلسلات التي تتناول تمثيل أنبياء معصومين بدون أي خجل أو حياء.
وأضاف ولد عبد الله -وهو ناشط شاب- على حسابه في فيسبوك ـ قائلاً "لم تكتفِ هذه القناة ببث المسلسلات الهندية التي تشيع الفساد الأخلاقي في مجتمع لم يعد يقبل هذا النوع من السفور الإعلامي.
وأكد أن بث تمثيل نبي الله يوسف عليه السلام ومريم ابنة عمران وتجسيدهم على أرض الواقع خروج على المألوف عند أهل السنة والجماعة، وخصوصاً المذهب المالكي الذي نكرر صباح مساء أننا نلتزم به حرفياً والخروج عليه تجن على النفس والوطن والمجتمع فما دامت رقابة "الهابا" تطال الأشخاص سياسيا ولا تطال النافذين المتجاوزين للمحرمات الدينية فاعلموا أننا لسنا بخير
سياسية وإيديولوجيا
على الجانب الآخر.. يرى المدون محمد فال ولد محمد أطفل أن الجدل الدائر حول بث "قناة شنقيط" لمسلسل (النبي يوسف عليه السلام)، هو جدل سياسي وطائفي بامتياز، مرده أن المسلسل المذكور قد أنتج في إيران، وما دام ينتمي إلى الدراما الإيرانية فهو بالمقاييس الطائفية المذهبية الضيقة منتج شيعي وبضاعة صفوية يجب عدم تداولها".
وقال ولد محمد أطفل على صفحته في فيسبوك "تابعنا المسلسل مرتين عبر قنوات أجنبية على غرار أغلب الموريتانيين، ولم نلاحظ ما يتنافى من قريب أو بعيد مع قصة يوسف كما وردت في القرآن وكما هي معتمدة في العالم السني قاطبة، والإشكال الوحيد الذي كان يثير الجدل وربما الاعتراض من جانب بعض العلماء الأكثر تزمتاً هو ما إذا كان من المقبول دينياً تجسيد شخوص الأنبياء والملائكة؟ وهو إشكال ديني صرف لا يجب أن يؤطر أو يتحدد في ضوء الصراع الطائفي.
وأضاف "الموقف المناهض لبث المسلسل إذن خاضع لاعتبارات أبعد ما تكون عن فحوى المسلسل أو الرؤية التي يقدمها.. معتبراً أن المسلسل لا يقدم بالأساس رؤية أو رواية لقصة يوسف مختلفة عما هو معتمد لدى أهل السنة فما الداعي للاعتراض على بثه إذن، حسب قوله.
تبقى إجابة وحيدة وهي أن هذا الموقف نابع من حالة التجييش الطائفي والاحتقان المذهبي الذي تعيشه الأمة وتجعل البعض ينظر فقط إلى ماركة صنع في إيران فيرفض المنتج بصرف النظر عن جودته من عدمها.
رأي القناة
وقال المدير العام لقناة شنقيط الفضائية الخاصة بموريتانيا أحمد ولد محمد الأمين، إن إعلان القناة بث مسلسل يوسف عليه السلام، ولّد استياءً عارماً لدى بعض النشطاء، والإعلاميين، وإن القناة تراجعت عن قرار بثه احتراماً لهم، ووقوفاً عند رغبتهم مع أن عدم بثه ليس قناعة لدى القائمين عليها.
وقال ولد محمد الأمين في اتصال هاتفي مع "هافنغتون بوست عربي"، إن الاستياء الذي خلفه إعلان القناة بث المسلسل قد تكون له أغراض إيديولوجية، وأخرى سياسية، لكن القناة احترمت رأي أصحابه رغم أن لديها فتاوى من العلماء تبيح بث هذا النوع من المسلسلات، وآخرها فتوى للعلامة الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
وأضاف المدير العام لقناة شنقيط الفضائية أن العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، تحدث عن إباحة بث هذا النوع المسلسلات على قناة سعودية، لكن قناة شنقيط قررت عدم بث المسلسل لتجاوز الصراع القائم حوله.
وأكد ولد محمد الأمين أن قناته لا تمثل ذراعا إعلامية لأي جهة، وإنما كانت تريد من خلال بث المسلسل أن تحصل على التميز والإضافة للإعلام المحلي.
وختم ولد محمد الأمين بالقول "لن نبث مسلسل يوسف عليه السلام الذي تم بثه منذ العام 2011 في قنوات كويتية، وسعودية، ونتجاوز عن كل المدونين الذين اتهمونا بالعمل لصالح جهات معينة، أو أولئك الذين وجهوا لنا اتهامات أخرى جارحة، وبطرق مختلفة، وذلك لوجه الله وعظمة شهر رمضان المبارك.