ستة شباب يمكن أن تصادفهم في أي مكان في شوارع أو أزقة مصر، يمسك أحدهم بهاتف محمول يصور "فيديو سيلفي" له مع الستة الآخرين، يغنون ويسخرون من واقع المجتمع، ومن ثم ينشرونه عبر صفحتهم على فيسبوك والتي تجاوزت 107 آلاف متابع.
هؤلاء هم فرقة "أطفال شوارع"، الذين اختاروا لأنفسهم هذا الشعار، لأن الشارع مسرحهم، وقد أطلقوا صفحة على فيسبوك بنفس الاسم.
ووصفوا أنفسهم عبر الصفحة قائلين: "شباب بنشتغل في المسرح قررنا نصور فيديوهات في الشارع بأفكار مجنونة.. هتلاقينا حواليك في كل مكان.. حتى لو يومك زحمة ومخنوق.. الشارع مليان ضحك"، وهم يتخذون من الفرقة وسيلة لعرض هوايتهم.
قدمت فرقة "أطفال شوارع" مجموعة من الفيديوهات الساخرة كان آخرها "أبو دبورة" والذي ينتقد النظام بشكل مباشر ويسخر من الشرطة وبعض الإعلاميين، ويطالب بالإفراج عن المعتقلين، وخاصة من هم في سجن "العقرب" الشهير بقسوته.
أما أول فيديو لهم كان بعنوان "براعم الإيمان"، والذي انتقدوا فيه تراث إذاعة القرآن الكريم وعدم التجديد فيها وقلدوا طريقة أداء عدد من المذيعين والمقدمين فيها.
"عربي بوست" التقى أعضاء فرقة "أطفال شوارع" عادل وزين وعز وسوري ويحيى وجبر، وأجرى معهم الحوار التالي:
في البداية نريد أن نعرف كيف التقيتم؟
يقول زين "تعارفنا في إحدى الورش المسرحية التي تقدم عروضاً بالشارع، وبعدها اعتمدنا على أنفسنا، وقمنا بعمل عروض في القاهرة في عدة مناطق شعبية، كي نصل بالمسرح إلى الناس الذي لا يستطيعون الذهاب إليه".
ما أكثر الصعوبات التي واجهتكم أثناء تطبيقكم لفكرة مسرح الشارع؟
يجيب عادل قائلاً: مسرح الشعب في الأساس صعب لعدة أسباب، منها عدم ثبات النص، وكذلك رد فعل الجمهور الذي لا نستطيع قياسه أثناء البروفات، فكل منطقة لها أيديلوجية معينة وفكر معين، لذا يجب أن تكون مرناً كفاية لتغيير طريقة العرض أو النص مع كل جمهور مستهدف.
كما أن العمل قائم على الارتجال والمهارة اللحظية التي تقرر فيها ماذا تفعل وماذا لا تفعل، لكن الجمهور يقوم بالتفاعل بشكل كبير ولديهم انفتاح رهيب للموسيقى والغناء والتمثيل ويحبون ذلك أكثر عندما يجدون من يحترم عقلهم وفكرهم ويقدمه لهم بشكل يتناسب معهم.
ويكمل، "المضايقات الأمنية كذلك من أكبر المشاكل التي نواجهها، "ففي إحدى المرات كان لدينا عرض مهرجين بمنطقة بوسط البلد، فقام رجال الأمن بمصادرة بطاقاتنا الشخصية وطالبونا بالمغادرة دون تقديم العرض".
هل تقتصر عروض مسرحكم على شوارع القاهرة؟
وهنا يجيب محمد سوري قائلاً: ذهبنا الى الأقصر، في عدد من القرى المنعزله، التي لا يمتلك أهلها حتى التلفزيون، وقدمنا عروضاً في المدارس والشوارع.
ويضيف: "في البداية كنا نتوقع أنهم سيستغربوننا، ولكن العكس تماماً هو ما حدث، وتفاعل الناس وغنوا معنا وشعروا بالرضا تجاه ما قدمناه لهم، لذلك وإذا أتيحت لنا الفرصة مرة أخرى سنذهب للصعيد وسنقدم عروضنا هناك".
كم يستغرقكم الفيديو الواحد في إعداده صنعة؟
ويقول عز أصغر أعضاء الفرقة سناً: "في فيديو يأخذ يوماً وآخر نصف يوم"، وهنا يضيف عادل "كان يمكن أن نقوم بعمل فيديوهات تأخذ على الأقل شهراً.. بروفات وتصوير، لكن فضلنا أن نقوم بعمل فيديوهات بسيطة حتى نوصل فكرة أن أي إنسان يمكنه تقديم عمل فني أيضاً"
لماذا جبر دائماً من يمسك بكاميرا الموبايل؟
يجيب زين: "لأنه أوسمنا شكلاً"، ويكمل عادل بعدها: "أيضاً هو أطولنا لذلك هو من يمسك بكاميرا الموبايل حتى يتسنى لنا جميعاً الظهور في الكادر.
عند تصويركم للفيديو الأول هل توقعتم هذا الكم من رد الفعل؟
عادل: بالطبع لا، كنا متوقعين أن أصدقاءنا فقط من سيشاهدونه، ولكن الموضوع تطور فالمشاهدون وجدوا الفيديوهات تعبر عنهم وشاهدوا ذكرياتهم.
ماذا عن رد فعل الناس ورسائلهم وتعليقاتهم المنتقدة على تلك الفيديوهات؟
عادل: فيديو إذاعة القرآن الكريم هو أول فيديو وأكثر فيديو وجهت لنا بشأنه الانتقادات، نحن تحدثنا في هذا الفيديو عن إذاعة منذ 60 عاماً لا تعرض فقط نفس البرامج، بل نفس الإعلانات بين البرامج بنفس الترتيب ونفس الأدعية، فالناس اعتقدوا أننا نهزأ بالقرآن وحدث فهم خاطئ لنا، لم نكن نهزأ بالقرآن ولا بالدين الإسلامي الحنيف، ولكن نهزأ بمن يقدمون لنا نفس المحتوى دون مراعاة تطور المجتمعات واختلاف الأجيال والعقليات.
ما أهم القضايا التي تشغل بالكم وتفكرون في مناقشتها في الفيديوهات القادمة؟
يتحدث عادل بصراحة ويقول: جميع القضايا المجتمعية والسياسية مهمة على حد سواء، مؤكداً أنهم لا يناقشون أي قضايا أو مشكلات، بل فقط يشيرون إليها لا أكثر ولا أقل، فهم يئسوا من مناقشة المشكلات بلا جدوى، "نحن نشعر بيأس شديد من تغيير أى واقع لأي مشكلة، لذلك نسخر منها فقط".
مؤكد بعد الشهرة الواسعة التى حققتها الفيديوهات هناك العديد من العروض التي آتتكم فماذا عنها؟
عادل: بالطبع أتتنا العديد من العروض ومن مؤسسات إعلامية وصحفية كبيرة، ولكن كل تلك العروض كانت تتحدث عن نقلنا من الشارع إلى ستوديو، أو تضع لنا سقفاً معيناً في حرية التعبير، وهذا ما يخالف فكرتنا وما نقوم به وهو فن الشارع وفن البسطاء والوصول إليهم، وهو ما ميزنا وميز فيديوهاتنا.
هل تتربحون من عروضكم المسرحية أو فيديوهاتكم؟
عادل: "للأسف لا"، فنحن نمارس الفن المسرحي كهواية، نحن ننشر فيديوهاتنا على فيسبوك وتحقيق ربح من المشاهدات العالية على فيسبوك خاصية ليست متاحة في الشرق الأوسط، وللأسف ذنبنا أننا ولدنا في الشرق الأوسط، موقع اليوتيوب فقط هو الذي به تلك الخاصية.
ماذا عن الفيديو القادم وعن محتواه؟
عادل: "الميكروباص" واستخدامه في الحياة اليومية للمصريين، لأن له أكثر من استخدام، ولكن الناس لا يلتفتون لها، ونحن لن نتحدث عن مشكلاته ولكن عن استخداماته -وهناك فرق بين الاثنين- فهناك ميكروباص يعتكفون فيه، وهناك ميكروباص تستخدمه المباحث، وهناك ميكروباص يمكن أن تخطف به شخصاً، وهناك ميكروباص يستخدم في العزاء وآخر للرحلات وآخر لتحشد به من أجل خناقة وهكذا..