أصبح سوق الدراما العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة حقلاً خصباً في السنوات الأخيرة للعديد من الأطروحات المبتكرة، التي لم تعد تتقيد بفكرة مسلسل السابعة مساء بمصر أو مسلسلات رمضان بالوطن العربي.
وفي الأعوام الثلاثة الأخيرة تحديداً اتخذت الدراما التلفزيونية شكلاً جديداً حررها من قيود الموسم المحدود وجعلها تنافس الدراما التركية والمكسيكية المدبلجة، سواء في طول عدد الحلقات أو في امتداد موسمها طوال العام بدلاً من شهر رمضان فقط.
ولأن الموسم أصبح طويلاً وحافلاً بوجود العشرات من قنوات الدراما التلفزيونية الفضائية المتخصصة، فقد استحدث صُناع الدراما فئات عديدة من القصص الدرامية، فظهرت الحبكات البوليسية والدراما النفسية والرومانسية، كمسلسل "أريد رجلاً" للممثلين إياد نصار ومريم حسن وسهر الصايغ وظافر العابدين.
وكان مسلسل "أريد رجلاً" عُرض للمرة الأولى على شبكة القنوات المشفرة OSN ولم يحقق صدى كبيراً لانخفاض نسبة المشتركين بتلك الشبكة من المصريين؛ لأنهم يفضلون القنوات المفتوحة المجانية.
لكن الحقيقة أن النجاح الذي حققه المسلسل عند عرضه للمرة الأولى على شبكة MBC، وتحديداً قناة "MBC مصر"، نجاح غير مسبوق. فاقت نسبة مشاهدته الكثير من الأعمال التي تزامن عرضها معه، بل فاق الجدل الذي أثاره أنجح المسلسلات التركية في مصر.
ويرى النقاد أن نجاح "أريد رجلاً" يرجع إلى المواضيع التي يعالجها، وهي قصص الحب الرومانسي والعلاقات العاطفية المعقدة صعوداً وهبوطاً بعيداً عن قضايا السياسة والجريمة والمشاكل الاجتماعية، التي تعجّ بها الدراما التلفزيونية.
فقصة الحب التي تنمو يوماً بعد يوم أمام أعين المشاهدين بين وكيل النيابة سليم عبد المجيد ومذيعة الراديو الرقيقة أمينة عزت، استطاعت أن تشد مشاعر الجمهور وترغمه على متابعة تفاصيل تلك القصة المتصاعدة.
وإذا كانت القصة التي صاغتها الكاتبة الروائية نور عبد المجيد، وكتبت لها السيناريو شهيرة سلام، هي الأساس في إقبال الجمهور واستمتاعه بحلقات المسلسل، فإن لتنفيذ تفاصيل تلك القصة وإخراجها برؤية محمد مصطفى وبتول عرفة، أثراً كبيراً أيضاً على إثراء الدراما وإبراز مشاعر الأبطال وتحويلها إلى قصة أسطورية، يحلم كل شاب وفتاة بعيشها في الواقع.
تلك التفاصيل والمشاهد التي يتعطش لها الجمهور بشكل عام، وجمهور الشباب والشابات العرب بشكل خاص، لمتابعتها والاستمتاع بها. منها على سبيل المثال مشهد "الحضن" الشهير، الذي تدللت فيه أمينة ووعدها سليم بأن أحداً لن يذوق حضنه سواها.
ونال مشهد الاعتذار شهرة واسعة بالسيارة المكشوفة المزينة بالورود والقلوب وعبارات الاعتذار تحت شرفة أمينة في مشهد يحاكي أسطورة شكسبير "روميو وجولييت".
وهذا التنفيذ المغازل لمشاعر وعقول المراهقين والشباب هو ما جعل من أمينة وسليم بطلي قصة حب جديدة تضاف إلى سجلات العشاق وترفع نسبة مشاهدة المسلسل سواء على الشاشة أو حتى على يوتيوب لمعدلات غير مسبوقة.