يراقب الفنان اليمني محمد علي الحاوري رئيس بلاده السابق كظلّه، وعقب كل ظهور تلفزيوني لعلي عبد الله صالح، يجد اليمنيون أنفسهم في اليوم التالي أمام نموذجين لخطاب صالح، واحد بصوته الحقيقي، والآخر بصوت فنان يمني ساخر، نذر نفسه للتهكم على سلبيات الرجل بأسلوب لاذع.
يتقن الحاوري تقليد صوت عبد الله صالح وحركات جسمه وشكله الخارجي بدقة تجعله أقرب للحقيقة، ومن خلال مقاطع فيديو لا تتجاوز الـ 10 دقائق، يسخر الفنان اليمني الثلاثيني من تصرّفات الرجل الذي حكم البلاد 33 عاماً، قبل أن تطيح به احتجاجاتٌ شعبية في عام 2011.
البداية
بدأ الحاوري في صقل موهبته بتقليد صوت معلّمه في المدرسة، وانتقل بعدها إلى تقليد شخصيات عامة بعد نصائح من أصدقائه بتطوير نفسه، فما كان منه إلاّ أن قلّد المذيع اليمني الراحل صاحب البرامج الجماهيرية يحي علاو، ورئيس البرلمان اليمني السابق، الراحل عبد الله بن حسين الأحمر.
يقول الحاوري الذي أصبح نازحا في السعودية بعد مطاردته من قبل رجال الرئيس علي صالح والحوثيين إنه تدرّب على صوتي هاتين الشخصيتين وأتقنهما تماماً، "حتى أني كنت أهاتف مسؤولين وشخصيات دولة باعتباري رئيس البرلمان، ولا يشكّون بأن الذي يكلمهم ليس الشيخ عبد الله الأحمر".
تأدية رسالة بتقليد صالح
شعر الحاوري بعدها أن تقليد الأصوات لابد أن يكون هادفاً ويحمل رسالة، ومنذ نحو سنوات، كرّس موهبته لتقليد خطابات الرئيس السابق صالح ونقد السلوكيات التي رافقت حكمه، وهو ما صنع له شعبيةً جارفة.
ويقول في حديث مع "عربي بوست" إن صالح هو الشخصية الأكثر ظهوراً، "وربما هو أكثر رئيس جمهورية إلقاءً للخطابات في التاريخ، وأقلّهم إنجازات"، على حد تعبيره.
ويضيف إن الرجل "لديه حب ظهور بشكل كبير وهذا خدمني في الاستمرار بتقليده، والرد على خطاباته بنفس أسلوبه وطريقته"؟
وبعيداً عن الخطابات، قام الفنان الحاوري مؤخراً بإصدار مقطع فيديو لصالح، يصحو مفزوعاً من نومه ليجد نفسه أمام ضميره الذي لا يعرفه، ويبدأ بسؤاله عن هوية الشبح الذي أيقظه إن كان هو الناطق باسم التحالف العربي أو قائد المقاومة الشعبية في تعز، وسط البلاد.
ينتظرون التقليد أكثر من الأصل
عقب كل إعلان عن ظهور تلفزيوني جديد للرئيس السابق، كان اليمنيون يترقّبون النسخ المقلّدة للحاوري بشغف أكثر من خُطب أو لقاءات الرئيس السابق، بل حتى إن صالح بنفسه كان يشاهدها، حسب ما يصرح به الحاوري.
وفي هذا الصدد يقول "وصلتني أخبارٌ من عدة مصادر مقربة من صالح تؤكد بأنه يتابع تقليدي له باهتمام، وأخبرني أحدهم أنه مندهشٌ وأبدى استغرابه من إمكانياتي في تنفيذ نفس الديكور الذي يلقي منه الخطابات، ويبدو أنه لا يعلم أنني أصوّرها بتقنية الكروما، حيث نأخذ الديكور الذي ظهر به".
بالنسبة للحاوري، فإن ما يفعله هو فنٌّ تهكُّمي ناقد، وتقليد الأصوات "أداة من أدوات الاحتجاج السلمي الفنّي الذي ينجح في تعديل سلوكيات من يتمّ انتقادهم".
ويعتقد الحاوري، أن برنامجاً خاصاً كان يعدّه باسم "عبده فشفشي"، وكان يقلّد فيه عبده الجندي، الناطق باسم حكومة علي عبد الله صالح في الشهور الأولى للاحتجاجات الشبابية، قد "نجح في تعديل سلوكيات الرجل الذي كان يضلّل الناس، وقام بتعديل الكثير من حركاته وتصريحاته في مؤتمراته الصحفية اللاحقة".
شخصيات يمنية
إلى جانب الرئيس السابق علي صالح وناطق حكومته قبل 5 سنوات، عبده الجندي، أتقن الفنان الحاوري تقليد أصوات زعامات قبلية، مثل الشيخ صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر، نجل رئيس البرلمان السابق.
كما قلّد الحاوري أصوات الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، ورئيس الوزراء اليمني الأسبق، عبد القادر باجمال، ورجل الدين البارز عبد المجيد الزنداني، وزعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي.
شخصيات عربية
يتقن الفنان الحاوري لهجات عربية بجانب لهجات يمنية مختلفة، مكّنه ذلك من تقليد أصوات رؤساء ومشاهير عرب، على رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن قبله محمد حسني مبارك، ومعمّر القذافي وياسر عرفات والداعية الإسلامي عمرو خالد.