ما زال فلم V for Vendetta من روائع السينما وأعظمها تأثيراً بي كما فعل بالكثيرين..
يعرض الفلم قصة إنسان فقير ومجهول "V" حدث أن كان ضحية نظام وتجارب وسجن وحريق شوه جسده .. وهنا بدأت نقطة التحول لتتحرر روحه من كل مخاوفه وهواجسه ويتحول إلى إنسان آخر لديه وعي ورؤية وهدف.. يخطط بصمت لسنوات طويلة إلى أن جاءت اللحظة التي ظهر فيها كشخص مقنع غامض وبدأ بتنفيذ مخططاته لتغيير الواقع السياسي ويوقظ المجتمع لما يحدث حوله..
ما أثر بي كثيرا هو تلك العلاقة المؤثرة التي جمعت البطل المجهول "V" ببطلة الفلم "Evy" وكأنها مثلت علاقة الأستاذ بتلميذته.. حيث مثلت "إيفي" دور فتاة كانت على هامش الحياة راضية بما هي عليه.. لديها قدرات كامنة لكنها تخشى من مواجهة الحياة والمجهول ومخاوفها.. الجميل أن "V" رأى فيها ما لم ترَه هي ورأى أنه كان ينقصها لحظة التحول التي مر هو بها.. بدأ عملية تحريرها فأخضعها لسجن وتعذيب ظنت فيه أنها مسجونة بالفعل قبل أن يكشف لها أن الأمر من تدبيره!
من المشاهد البديعة جدا التي عرضها الفلم تلك اللحظة التي تخرج فيها "إيفي" إلى السطح بملابسها الممزقة تجر جسدها المنهك من التعذيب.. رافعة يديها إلى السماء تحت المطر باكية بكل ما أوتيت من قوة.. هذه اللحظة تشعرك أنها بداية الاغتسال من دنس الماضي والهواجس والمخاوف.. بداية الانعتاق.. بداية التحرر من كل ما يقيد الروح.. في هذا المشهد تشعر أنت نفسك أنك بحاجة لتمر بذات اللحظة لتتحرر..
احتاجت "إيفي" وقتا لتدرك أهمية التجربة التي عرضها لها "V".. لكن في أحد المشاهد قرابة نهاية الفلم سألها "V": بم تشعرين الآن؟ قالت "I am free".. "أنا حرة"..
شخصية "V" البطل الذي صنع الثورة في النهاية.. مثلت في نظري فكرة أن من يمكن أن يحدث تغييرا حقيقيا ليس بالضرورة أن يكون معروفا ومشهورا.. قد يكون القائد الحقيقي والمؤثر إنسان مجهول في مكان ما يراقب ويخطط ويعلم.. ويكفي أن يكون قد مر بلحظة تحرر حقيقية حتى يكون قادرا على إحداث التحرير.
مات "V" في نهاية الفلم وودعته "Evy" بعد أن وضعت جثته في قطار سائر لتظل هي من بعده حاملة فكرة التحرر والتحرير..
لحظة الوداع تلك.. مؤشر لفكرة أن القائد الحقيقي الذي يغرس روح الوعي والحرية في تلميذه لا يموت لأن روح فكرته تظل حية فـ"الأفكار مضادة للرصاص" كما قال "V" قبل موته..
الحرية يا صديقي تتطلب منك بالضرورة أن تولد من جديد ليظهر إنسان آخر غير الذي كنت من قبل.. وهذه الولادة قد تحتاج إلى مخاض صعب ومؤلم ودامي أحيانا.. لذلك.. ليس من السهولة بمكان أن تكون حرا..
فتحية لكل حر حقيقي لا زيف فيه وتحية لكل أولئك القادة الأحرار المحررين المجهولين القابعين بين ثنايا هذا العالم.. تحية لهم لما أوصلوه لنا من علم وفكر.. تحية لهم لمحاولاتهم المؤلمة من أجل تحريرنا.. تحية لهم لأن أرواحهم ارتقت عن غريزة الشهرة التي تكتنف الإنسان..
تحية لك يا "v"..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.