هذه التدوينة بالعامية المصرية
وهو الtone اللغوي والأخلاقي الذي وصل له من يقرأ… يسمع… يشاهد… أو حتى يتطرق لذهنه أي فكرة متعلقة -من قريب أو من بعيد- بهذه الحملة
الشبابية, وهي شبابية لأن ما يحمله هذا المقال من عنوان هو اللفظ الواقعي والسلس المتلفظ من قبل الفئة الأعلى سنا و الأقل ارتباطا بالشارع! لا.. ليس حزب الكنبة.. أو ليس حزب الكنبة فحسب, فتلك الحملة تضم في طيات مؤيديها الكثير من التنوع و التناغم والتلون المحترف والمبهج والمبشر من الفئات الثقافية والاجتماعية.. وبنسبة ملحوظة وقوية.. من الفئات العمرية !
وإن قررت ضرب أمثلة لتلك الفئات العمرية فستجد من الأطفال دون الخامسة عشر عاماً من هو عايز مسرح…
ستجد من المراهقين من هو عايز مسرح.. بشدة, أما فئة الشباب فلها النصيب الأكبر من جمهور المؤيدين الذي يصل بهم حد التأييد إلى الرغبة في التعاون والمساعدة باستماتة!
إن كنت عزيزي القارئ من مؤيدي هذه الحملة.. فأتوجه لك برجاء خاص.. ألا تكمل قراءة هذا المقال!
أما بالنسبة للمهاجمين -مع تجاهل تام لتوجيه أية حروف لـ"غير المؤيدين" فكلاهما ذات الفئة- فأستميحك عذرا أن تطيل من حبل صبرك بضع سنتمترات حتى يتسنى لكلينا أن "يتلاكم" منطقيا مع مفهوم الآخر عن التغيير !
تغيير؟ ومين عايز مسرح دول عشان يقودوا التغيير؟
أساس فكرة الحملة لم تأت من مفهوم القيادة أو الريادة أو حتى التغيير الأعظم للأرض.. إن تأملت في محتوى الفكرة حتى الرئيسي منها – حفظا لثمين وقتك- ستجد بأن المطالبة تكمن في رغبة "مجموعة" بإدارة أحد المسارح التابعة للدولة لتقديم عروض فنية "محترمة"! ولفظ "محترمة" ستلقاه الأكثر ملاءمة لما نطمح له جميعا سواء الجمهور أو حتى أعضاء في مهنة الصناعة الفنية.. جميعنا ينتقد فكرة "التوريث الفني" ويحصر الكوميديا في عادل إمام, نتحسر على عامل نظافة في محافظة السويس صاحب صوت غنائي مميز ونمتعض أوكا وأرتيجا… نحترم أداء هبة مجدي بالرغم من صغر خبرتها وننفر من أفلام كـأحاسيس وكل ما يحوي بدلة الرقص والأداء المتفعل رغبة في إشعال أرقام الإيرادات! نقف بالساعات في زحام شباك تذاكر "الفيل الأزرق", نتهافت على كتاب زاب ثروت وعندما نجد صديقا كاتبا موهوبا.. نصرخ على التواصل الاجتماعي وندير ظهورنا للمحطات الفضائية التي لا تهتم بسماع صراخ موهبته !
إجابة تساؤلك تكمن في التناقض… "عايز مسرح" ليسوا بأحد ولكنهم يمتلكون الكثير !
ليسوا محمد صبحي لما يمتلكه من المقدرة على الحصول على مسرح كبير يحتضن أيا ما كان يقدمه من material .. ولكنهم يصنعون مسارحهم بأنفسهم. أتذكر في رحلة عرض خاص بفرقة "مصر 2 راكب" (وهي الفرقة المسرحية التابعة للحملة والخاصة بعلي قنديل مدير الحملة) في طنطا عندما وعد المنظمون الفريق بتجهيز كل ما يحتاجونه من أساسيات العرض المسرحي… ليحضر الفريق ولا يجد ما وعدوا به… ليتمكن هؤلاء الشباب من نصب المسرح المطلوب.. الإضاءة.. الديكور وهو البسيط جدا خلال عدد من الساعات السابقة لعرضهم… و مع ذلك قدموا العرض على الوجه الذي أرضى الحضور !
يعني أنا دلوقتي أديهم مسرح عظيم زي "الفردوس" عشان قدروا يعملوا مسرح صغير في ساعات؟ ايه اللي جاب القلعة جمب البحر؟
"هي دي المشكلة"… أو مشكلتنا نحن كجيل, نحن نؤمن بأنه ليس مطلوبا من القلعة أن تاتي بجانب البحر… وغير مطلوب من الأولى أن تأتي بجانب الأخيرة! نحن نؤمن بأنه من واجبنا نحن أن نقرب المسافات بين كليهما أملا في أن يروى عطش سكان القلعة العالية من ما يملكه الغارقون في البحر !
فسكان القلعة عطشى لتفتيح منارات تفكيرهم خارج حدود كلاسيكيات القصر… ليستنتجوا أن الغرقى غرقوا في بحر تلك الكلاسيكيات! عشرات من السنوات والسكان يصدرون قرارتهم ويعلنون عن خططهم… والغرقى يبحثون من بؤرة الأزمة عن حل لهذا الغرق… فحلول السكان تبدوا مبهرة… وحلول الغرقى تبدو غاضبة, السكان أهدى و-مع العصور أصبحوا- أكثر برودة… والغرقى أصبحوا أكثر دفئا محتضنين بأمل تنفيذ ما اخترعوه من حلول !
و بالرغم من هذا الصراخ.. ومن علو منبر القلعة… إلا أن الغرقى أكثر احترافية في إدارة الأزمة.. فهم في البؤرة !
والعروض المسرحية هي اللي هتنجيهم من غرقهم ؟
أتمنى أن أجيب عن هذا التساؤل بأمثلة حية من عروض مسرحية قدمت في الفترة الأخيرة في مصر وساهمت في حل العديد من المشكلات أو على الأقل دعت إلى إعادة التفكير في رؤيانا وأخلاقنا… لأننا من الجيل الذي لم ير مسرحا سوى مسرح المدرسة.. وهو في واقع الأمر يدعى مسرحا و يستهلك مخزنا! ولكن دعنا نوسع الدائرة أكبر لنتحدث عن الفن عموما… فلا تعليم محفز للسماع إلى نصيحة معلم, ولا أعلام صادق داع لاستهلاك فاتورة كهرباء لسماع هجومه المستمر على المشاهد, ولا حتى سينما غير أنانية أو حتى واعية بفكرة أن صرف الملايين على أفكار خادمة للعقول قد تأتي بملايين أخرى مثلها !
فالساحة الأكثر تأثيراً هي المسرح… القرب الجسدي بين المؤدي والمتلقي يجعل من الأخير حيا في قصة الأول… فتصل الرسالة قابضة لقلب المتلقي فتضخ الدم في عروقه حتى ينتفض عقله للتفكير في الحكمة… فيتواجد أمل التغيير!
ما الرئاسة قابلتهم.. هتعملهم ايه تاني؟
عزيزي "المعارض" اكمل الجملة.. الرئاسة قابلتهم, أبدت إعجابها بل انبهارها الشديد بالفكرة, "فوعدتهم" بتسليم مسرح الفردوس خلال أسبوع!
لم يطلب الفريق من الرئاسة مسرحا بذاته ليحتضنن فكرتهم ومبادرتهم, الرئاسة هي من حددت المكان بل والزمان… وبالعودة إلى تساؤلك رقم (1) ستجد بأن الحملة كانت من الممكن أن توافق على "أي" مسرح نظرا لقدرتهم على تحويل أي مكان إلى مسرح حقيقي (كما ذكرنا سابقا)
هذا إن نم عن شيء فينم عن ثقة أعضاء الفريق بقدراتهم.. بل قد ينم أيضا عن ثقة الرئاسة ذاتها بقدراتهم التي تمثلت في مشروع مدروس "انبهرت" به الرئاسة, وعن قدرات تم الإيمان بها فترجم هذا الإيمان إلى وعد بتوقيت محدد !
ماهو وارد رد فعل الفريق وانتقاداتهم المستمرة للرئاسة هي السبب اللي منع حصولهم على المسرح؟
إليك الآتي.. إن كانوا قد وجهوا المديح و"التطبيل" للسلطة كتحفيز لاستلام المسرح فكل هؤلاء المؤيدون سيكونون أوائل المهاجمين لهم … ليس عداوة في أي سلطة – فهذه سذاجة بعينها- ولكن هو التناقض والرخص للوصول إلى هدف سام… فإن رخصت الوسيلة رخص الهدف فانهار!
في مقابلة موقع دوت مصر مع مدير الحملة علي قنيدل عما وجه له من سؤال:
" ايه أول حاجة هتناقشها لو أخدت المسرح؟"
ليرد قنديل :
"الأخلاق… الأخلاق… يانهار أبيض على الأخلاق!!!"
فكيف لفريق يهدف إلى خلق ساحة لسماع أصوات الجميع والحديث عن الأخلاق أن يستخدم التدني للوصول إلى هكذا هدف؟
فتخيل إن كانوا اتبعوا هذا الأسلوب واستلموا المسرح حقا… فتأكد بأن هذا المسرح سيعم بالصمت! فالسبب الرئيسي في هذا العدد الكبير من مؤيدي الحملة هو إيمانهم.. بل تسارعهم وتهافتهم على فكرة وهدف وجدوا فيه ما افتقدناه كجيل.. وجدوا فيه الحق, الجمال, الفرصة للأفضل !
طيب الحملة "جمدت" نشاطها ليه مادام جامدين قوي كدة؟ مش سامعينهم عملوا حاجة يعني !
لم تتوقف الحملة نهائيا… وتلك هي أزمة التعامل مع المعلومات في مجتمعنا ولكنها مشكلة فرعية, إن الحملة هدفها واضح.. هو جيل "عايز مسرح" ليبدأ بعرض كافة وجهات نظره.. وجهات نظر وموهبة الجيل بأكمله وليس أعضاء الحملة فحسب… وإن جاز لي الاقتباس من مقالي السابق "زغللة " والذي ذكر فيه :
"بداية عصر جديد في أولى كلماته توجه فيه الدعوة للشباب أن يتصدروا الصف بكل ما أوتوا من إمكانيات إبداعية وثقافية مكتسبة بمجهودات ذاتية أبعد ما تكون عن أي خدمات يكون توفيرها لهم من الدولة أمرا أبسط من بديهي، وتذييل تلك الدعوى بنفي الاعتماد على أي إمكانيات للدولة وفقا لحديث الرئيس: "بصراحة كده.. لو مانتش قادر على إنك إنت تتصدى لمشاكل الأمة دي وتنجزها (بأفكااااااار) مش بإمكانيات بس.. لأنك إنت لو بتتكلم عن إمكانيات الدولة.. قد لا تكون إمكانيات الدولة كافية لعمل ده"، وموافقة الشباب (الطرف الثاني) للتوقيع على هذه الاتفاقية بلا إكراه وبكامل قواه الإبداعية ذات الشغف والإصرار العاليين بلا منازع.. يضعنا أمام تساؤل ثالث:
أي الطرفين أكثر جدية في تنفيذ التزامه؟"
فالطرف الثاني أدى ما عليه من نصف الالتزام وهو التخطيط.. ليأتي دور الطرف الأول في تنفيذ التزامه وفي الحالة طي هذه السطور هو تسليم مسرح الفردوس.. حتى يتسنى للأول أن يكمل التزامه, منطقا وعدلا !
امتنع الأول عن تنفيذ هذا الالتزام بقطع كافة الاتصالات مع فريق الحملة بلا، حتى رفضه صراحة تنفيذ هذا الالتزام… وهو ضمنيا يدعى استمرار في الالتزام !
لذا فالحملة مستمرة.. وإن "جمدت " فهو مجرد انطباع خاطئ لديك كتأثير محاولات لكبت أو إيقاف المساعي الشبابية أو لنكن أكثر إنصافا.. هي محاولة لتقليل استفحال الوجود الشبابي في الأرض !
فإن تظن أن #عايز_مسرح حملة مجمدة… فلندعوا الله أن يحرق عايز مسرح يا أخي… فيذوب الجليد… وليستمر الحرق إلى أقصاه حتى نصحو من غفلتنا جميعا ونبادر بإطفاء هذا الحريق لنجد في النهاية أننا تجمعنا حول تلك الفكرة من جديد !
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.