انتشرت مؤخرًا وبشكل موسع، وعرفها البعض بأنها (موسيقي منخفضة التردد)، وصنفها البعض على أنها مجرد أصوات ذات موجات تردد خفيض، وانتشرت حولها الكثير من الأقاويل والاتهامات من أبرزها قدرتها على التخلص من التوتر والمساعدة في الاسترخاء وتحفيز الخيال و الإبداع؛ بينما على صعيد آخر ترددت تحذيرات من خطورتها وأطلقت عليها مصطلحات مثل (المخدرات الرقمية)، ولكن ما لبثت أن انتشرت بشكل موسع خاصة بين ممارسي التأمل واليوغا، بل واليوم أصبح متوفرا تطبيقات هواتف ذكية مخصصة لهذا النوع من الموسيقى Binaural Beats أو الترددات الصوتية، وهنا سوف نتناول التعريف بها وأبرز ما أثير حولها.
الترددات في مباديء الفيزياء
يُعرف علم الفيزياء ترددات الصوت بأنه اهتزاز متكرر للأجسام تنتج عنه موجات مسموعة بالنسبة للإنسان العادي، وتقاس هذه الترددات بوحدة (هرتز) ويستطيع الإنسان العادي سماع ترددات الصوت بمعيار يتراوح ما بين 20 إلى 20 ألف هرتز، وأثبتت الدراسات المتخصصة في الصوتيات وقدرات الإنسان على استيعابها أن الغالبية العظمى من البشر لا يستطيعون سماع الترددات التي تقل عن 20 هرتز، بينما تتفاوت قدرات الأشخاص على سماع الترددات بين 1000 و 20 ألف هرتز بحسب اعمارهم، فبعض الأشخاص فوق عمر 18 عام قد لا يستطيعون سماع ترددات الصوت العالية (أعلى من 17 ألف هرتز) وهي ظاهرة إنسانية تعرف بفقدان التردد العالي، وتحدث بشكل طبيعي نتيجة تغير الخلايا المسؤولة عن التقاط الأصوات في الأذن.
أما بالنسبة لترددات الصوت في الموسيقى فهي في الغالب أعلى من 1000 هرتز، بما في ذلك الموسيقى الصاخبة مثل الروك والميتال، ولكن الموسيقى منخفضة التردد أو ما يعرف أيضًا باسم الطبول\الأصوات مزدوجة النغمة Binaural Beats هي أنواع من الأصوات\الألحان الممتزجة بترددات طبول أقل من 1000 هرتز، وعادة ما تكون مزيج من ترددين مختلفين في نطاقات أقل من 500 هرتز.
تاريخ الترددات مزدوجة النغمة
قد يتخيل البعض أن الامر نتاج اكتشافات العلوم أو توصيات فلسفة حركة العصر الجديد التي تتميز بالروحانيات والتأمل واستكشاف قوى تربط الطبيعة بالإنسان وعوالم ما وراء الطبيعة؛ ولكن في الحقيقة أن أولى الدراسات التي استكشفت أثر الترددات المنخفضة أو الترددات النغمية المزدوجة كانت في أواخر القرن التاسع عشر، وهي تجربة علمية نشرت عام 1839.
وفي هذه التجربة القديمة قام الألماني هنريك فيلهم دوف بعزل شخص في غرفة محكمة الغلق وتوصيل أذنه اليمنى عبر أنبوب بشوكة رنانة لها تردد 450 هرتز، ووصّل أذنه الأخرى بأنبوب ممتد إلى غرفة أخرى بها شوكة رنانة ذات تردد أقل قليلًا، ومن ثم لاحظ أن هناك تأثير فريد من نوعه، ووصفه بأنه تأثير عجيب قد يمكن العلماء والباحثون من معرفة وتشخيص العديد من المشكلات، ولكن برغم ذلك لم تخرج آنذاك وحتى سبعينيات القرن العشرين أية دراسات متماسكة حول أثر هذا النوع من الموسيقى أو الأصوات بخلاف التأثير الغريب في الأذن البشرية والذي يشبه إلى حد كبير (الوهم الصوتي).
الأنواع و الفوائد
قسمت الدراسات العلمية الحديثة ترددات الصوت المنخفض أو الطبول\الأصوات مزدوجة النغمة Binaural Beats كالتالي:
– نغمات نمط جاما: وهي ما يركز على أعلى ترددات أنشطة المخ وتكون عادة ما بين تردد 30 إلى 50 هرتز، ووجدت الدراسات أن هذا النمط من التردد المنخفض له تأثير إيجابي كبير على الأجزاء المرتبطة بـ الانتباه، التركيز وحل المشكلات في مخ الإنسان.
– نغمات نمط بيتا: وتتراوح بين 30 إلى 13 هرتز، وجاءت نتيجة الأبحاث العلمية عنها بأن لها تأثير إيجابي على يقظة العقل، والحد من التوتر وتحسين أداء المهام التي تتطلب وقت بعينه مثل مهام العمل، أو مهام الدراسات المطولة.
– نغمات نمط ألفا: وهي الأصوات التي يصل ترددها من 13 إلى 7 هرتز، وأظهرت الدراسات حولها أن لها تأثير إيجابي على مخ الإنسان وتحديدًا استرخاء الخلايا الذهنية، وتحفيز أفكار مبتكرة لدى بعض المستمعين إليها.
– نغمات نمط زيتا: وهي الأصوات والنغمات التي يتراوح معدل انخفاضها بين 8 إلى 4 هرتز، وأظهرت دراسات أنها تتشابه إلى حد كبير مع موجات زيتا الصادرة من المخ البشري أثناء حالات النوم الخفيف أو التأمل العميق، وهو ما يجعل الاستماع إليها أشبه بالدخول في حالة النوم التي تُخَلص المخ من العديد من الاضطرابات أو التشويش الذهني الذي يتعرض له الإنسان خلال يومه.
وبينما تظهر العديد من الدراسات العلمية الموثوق فيها عن هذا النوع من الموسيقى أو الأصوات وفوائدها إلى أنه وفي آخر 10 أعوام تحديدا انفردت العديد من المنصات العربية بتحذيرات من الطبول\الأصوات مزدوجة النغمة Binaural Beats ووصفتها بأنها ظاهرة خطيرة تسبب الإدمان، و أسمتها – نقلاً عن الكثير من معتقدي ومُروجي نظرية المؤامرة – "المخدرات الرقمية"، وظلت حتى وقت قريب تحذر من خطورتها على الشباب، بينما اتفقت الأبحاث الغربية الحديثة كلها أنه لا خطورة على المستمع إلى Binaural Beats وأنه لا يوجد في الاستماع إليها أية (اعتمادية) أو نمط إدماني يسبب متاعب صحية أو تحفيز لأي أنشطة عدوانية وغيرها في المخ وأن الأثر الجانبي السيء لها هو كل أثر سيء لأي موسيقى أو فيلم أو قصيدة شعر؛ أي أنها قد تضر الشخص إذا ما سببت تشتيت انتباهه لأمر هام وحيوي مثل القيادة أو القيام بأي مهام أخرى لا تتطلب الاسترخاء أو الراحة أثناء القيام بها، ولكن بمثابة أثر فيزيائي فلم تجد أية أبحاث أضرار صحية مباشرة.
تطبيقات الترددات مزدوجة النغمة
بعد أن انتشرت الأبحاث التي تربط الاستماع إلى موسيقى الموجات منخفضة التردد والتي أبرزت عدة فوائد ذهنية للاستماع لها، بدأت شركات التكنولوجيا وإنتاج الموسيقى في ابتكار وتخصيص تطبيقات للهاتف الذكي تحتوي على مكتبات موسيقية يمكن للمستخدم من خلالها التصفح من آلاف المقطوعات لهذا النوع من الموسيقى أو الأصوات المميزة، وأبرز هذه التطبيقات المجانية هي: