رغم كثرة التُّهم والدعاوى القضائية التي لا زالت قائمة ضد سعد لمجرد، لكن الفنان المغربي يحظى بمكانة خاصة لدى الأسرة الحاكمة في الإمارات، هذه الأخيرة التي تُعتبر من الدول القليلة التي لا زالت تفتح أبوابها للفنان الشاب الذي تخنق نجاحاته الاستثنائية تُهم أخلاقية ينظر فيها القضاء الدولي.
سعد لمجرد الذي خصّص له الشيخ محمد بن سلطان آل نهيّان، واحد من أفراد العائلة الحاكمة في الإمارات، استقبالاً خاصاً استطاع أن يتسلق سُلم الشهرة خلال السنوات الأخيرة، لكن مُقابل تحقيقه المجد كانت تفاصيل حياته الخاصة القشة التي قصمت ظهر مسيرة بُنيت بموهبة فنية، وبكثير من الحظ الذي كان حليف شهرته في العالم العربي.
سعد لمجرد.. حكاية سقوط
تسلق لمجرد سلم النجومية بضربة حظ بعد إطلاقه أغنية "أنت باغية واحد"، التي حققت أكثر من 55 مليون مشاهدة، وهو رقم قياسي عربياً، لكن سرعان ما تبخرت هذه النجاحات وتفجرت قضايا أخلاقية تصدرت الصحف العربية والعالمية بعد تورط لمجرد في قضايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي آخرها في فرنسا.
الاتهامات القضائية لم تبدأ عند لمجرد في فرنسا، ففي فبراير/شباط سنة 2010 اتُّهم الفنان المغربي من قبل شابة أمريكية بالاعتداء الجنسي، وأُقيمت عليه دعوى قضائية في محكمة بروكلين العليا وألقي عليه القبض قبل أن يغادر السجن بكفالة مالية، ويُغادر الولايات المتحدة الأمريكية بصفة نهائية هرباً من دعوى لازالت قائمة لليوم.
بعد ست سنوات على مغادرة لمجرد لأمريكا هرباً من الحكم القضائي، سقط الفنان المغربي مرة أخرى في فخ النزوة، وتم هذه المرة إيقافه من طرف السلطات الفرنسية في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016 بتهمة الاعتداء بالضرب ومحاولة اغتصاب فتاة فرنسية تدعى "لورا بريول" في فندق "ماريوت باريس شانزليزيه" الذي كان يقيم فيه.
سُجن لمجرد في فرنسا لمدة 6 أشهر على ذمة التحقيقات، وبعد شهر تقدمت شابة فرنسية أخرى من أصول مغربية، وبالضبط في فبراير 2016 بدعوى قضائية جديدة ضد لمجرد والتهمة واحدة "الاغتصاب والاعتداء الجنسي" والذي تكرر أكثر من مرة أمام القضاء الفرنسي وبشكاية أكثر من امرأة.
اضطرت السلطات الفرنسية إلى وضع سوار إلكتروني في معصم لمجرد بعد مغادرة السجن بكفالة باهظة، شرط أن يحترم بنود السراح المؤقت، منها العودة إلى منزله قبل السادسة مساءً، حتى تتمكن الشرطة التي تتبع قضيته بمراقبة جل تحركاته، بعد ذلك جند فريقاً قوياً للدفاع عنه يتقدمهم المحامي إريك دوبون موريتي، محامي القصر الملكي المغربي، والذي دافع عن لمجرد أمام القضاء الفرنسي، إلى حين رفع السوار عنه.
استطاع لمجرد التخلص نسبياً من تبعات الدعاوى القضائية التي لم تسقط عليه لليوم، فحصل على إذن لمغادرة فرنسا باتجاه المغرب، مرة للاحتفال ببعض الأعياد الدينية، ومرة للترويج لأعماله الفنية أو تصوير فيديو كليب جديد، والذي أصبح يقتصر على التصوير داخل الأستوديوهات فقط.
"معلم" ولكن..
مع كم الدعاوى القضائية التي يُواجهها، تُحقق أغاني الفنان المغربي سعد لمجرد نجاحاً استثنائياً، فعربياً تم تصنيفه أول فنان يصل إلى 10 ملايين متابع على قناته في اليوتوب، هذه الأخيرة الذي أهدته الدرع الماسية، في الوقت الذي تحقق أغانيه مشاهدات قياسية، إذ تجاوزت أغنية "لمعلم" 800 مليون مشاهدة، في حين لم تقل آخر أغنية له على 44 مليون مشاهدة.
وأمام هذه الأرقام الاستثنائية يبقى النجاح الذي يُحققه لمجرد افتراضياً فقط، رغم المقابل الذي يحصل عليه نظير كم المشاهدات، فالفنان المغربي لا يستطيع إحياء حفلات فنية في عديد من الدول عربية وأجنبية بسبب سمعته الأخلاقية، آخرها الحفل الذي أُلغي في مصر بسبب رفض شعبي كبير على مواقع التواصل الاجتماعي دفع الشركة المنظمة إلى التراجع.
الشركة المصرية أعلنت تأجيل حفل لمجرد، لكن الحقيقة التي يعلمها الجميع أنها ألغته والدليل أنها لم تُحدد تاريخاً جديداً، مستجيبةً بذلك لرأي مواقع التواصل الاجتماعي، التي احتفل فيها رفض لمجرد في مصر التريند في عدد من الدول العربية.
مصر ليست الوحيدة، ففي الأردن أيضاً رفع نعمان منصور، صاحب شركة الخطوط الخمسة للإنتاج والتوزيع الفني، دعوى قضائية ضد لمجرد بسبب تأجيله حفلاً كان من المنتظر أن يُنظم في العاصمة الأردنية عمان ثاني أيام عيد الفطر سنة 2015، الأمر الذي أثر السمعة الفنية للمجرد وسط شركات الإنتاج الكبيرة في الأردن.
وأمام هذا الرفض العربي، فلمجرد ولسنوات لم يُحي أي حفل فني في دولة عربية، وذلك منذ توجيه تهم الإرهاب له، باستثناء السعودية، التي استقبلته سنة 2019 في حفل فني باذخ رغم الرفض الإلكتروني، إذ تصدر وسم #نرفض_سعد_لمجرد_في_الرياض بمجرد إعلان بعد المستشار بالديوان الملكي، تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، إحياء لمجرد "حفلة نار" بالرياض.
أيضا أقام سعد لمجرد حفلاً غنائياً في مدينة دبي في يناير/كانون الثاني 2020، أيام قليلة قبل الإقفال العالمي الذي تسببت فيه جائحة كورونا، ليكون ثاني حفل يُقيمه الفنان المغربي عربياً بعد زوبعة التُّهم الموجهة له، والي لم يبث فيها القضاء بشكل نهائي وحاسم لليوم.
حرصٌ استثنائي
لا يختلف اثنان عن استثنائية صوت الفنان المغربي سعد لمجرد، فالشاب الذي لم يتجاوز بعد سنته 36، استطاع أن يقنع الراحل إلياس الرحباني الذي وصفه بـ"خوليو العرب"، بعد ظهور لأول مرة سنة 2007 في برنامج "سوبر ستار"، وأدائه أغنية "مشيت خلاص" للفنان وائل جسار.
ولد سعد لمجرد في 7 من أبريل/نيسان 1985 بالعاصمة المغربية الرباط وسط عائلة فنية عريقة، فوالدته هي الممثلة الكبيرة نزهة الركراكي، ووالده هو المطرب البشير عبدو، الأمر الذي ساعده على تعلم أبجديات الفن في السنوات الأولى من طفولته، إذ تعلم العزف على آلتي العود والبيانو في سن صغيرة عندما كان يجلس بجانب الفرق الموسيقية في المخيمات الصيفية، وأيضاً خلال مشاركة والده في الجلسات الخاصة مع أكبر الموسيقيين في المملكة.
ورغم سقوطه في فخ نزواته فإن لمجرد يتعامل بذكاء مع المصائب التي يُواجهها، فقد تخلى الفنان الشاب على مدير أعماله الأول، رضى البرادي بسبب خلاف اختار الطرفان التستر عليه، فغير مدير أعماله، هذا الأخير الذي يخضع لدروس وتكوينات خاصة ليكون بحجم مسؤولية تسيير الحياة الفنية لنجم استثنائي.
مقابل ذلك يرفض لمجرد التصريح لوسائل الإعلام العربية ولا حتى الأجنبية، خوفاً من أي زلة لسان يُمكن تسير بقضيته في اتجاه معاكس لا يُحمد عقباه، لكن يُفضل التصريح لقناة MBC.