القصّة الحقيقية لمسلسل Stateless: احتجزت مريضة أسترالية مع اللاجئين فحصلت على تعويض مليوني ونصف دولار!

في هذا المسلسل مجموعة من القصص المؤسفة التي حصلت للاجئبن، قائمة على أحداث حقيقية.

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/15 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/15 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش
لقطة من مسلسل Stateless / Netflix

يعرض الآن مسلسل محدود الحلقات على شبكة نتفليكس، ويحكي قصّة مجموعة من الناس هم Stateless أو "بدون دولة"، محتجزين في معسكر احتجاز مهاجرين في أستراليا.

يحكي المسلسل عدّة قصص مؤثرة للاجئين من كل دول العالم. فهناك قصّة أمير الهارب من العنف في أفغانستان والذي لا يرغب في شيء سوى توفير حياة أفضل لابنتيه وزوجته اللاتي سيفقدهن جميعاً.

وهناك أيضاً قصّة فريد، الشاب العراقي الذي سيتعرّف على أمير قبل صعودهما على القارب المتوجه إلى أستراليا، أو الشابة الكردية الجميلة التي اغتُصِبت في العراق، لكنّ المسلسل يحكي أيضاً قصّة أخرى، ستتسبّب نسبياً في فضح الممارسات اللاإنسانية تجاه اللاجئين.

إعلان المسلسل

قصّة الـ Stateless.. بشر بدون دولة

لا يحكي المسلسل فقط أهوال وظروف سفر اللاجئين نفسها، وإنّما يحكي ما هو أبعد من ذلك: الأهوال التي يواجهها اللاجئون عندما يصلون إلى الدول التي يطلبون اللجوء إليها. وأنت كلاجئ دخل بطريقة غير شرعية إلى البلاد، لن تنجيك لغتك الإنجليزية المتقنة ولا قصتك المأساوية أن تُقبل في برنامج اللجوء هذا أو ذاك.

وبين هذه التفاصيل المأساوية، تبرز قصّة سيحتار المشاهد في التعامل معها، فهل هي قصة "تافهة"؟ أم قصّة لا تقلّ ألماً عن آلام هؤلاء المهاجرين؟ وهي قصّة امرأة أسترالية مريضة مرضاً عقلياً ونفسياً، هربت إلى هذا المعسكر واحتُجِزت فيه عدة شهور، وعندما اكتشفت أسرتها وجودها استطاعت إخراجها، ولاحقاً عوّضتها الحكومة الأسترالية بـ2.6 مليون دولار.

لكن، من لهؤلاء اللاجئين الـ Stateless – بدون دولة؟

كلّ ما كتبناه بالأعلى قائم على أحداث حقيقيّة، تختلف بعض القصص عن القصص الحقيقيّة، لكنّها في النهاية تدور حول المعاملة السيئة التي يتلقاها اللاجئون في معسكر الاحتجاز من السلطات الأسترالية، والتي لم يكن ليُكشف عنها لولا أنّ هناك "مواطنة" أسترالية محتجزة معهم!

تستند شخصية صوفي ويرنر في المسلسل، والتي تؤديها الممثلة إيفون ستراهوفسكي، إلى كورنيليا راو البالغة من العمر 39 عاماً، وهي مواطنة أسترالية احتُجِزَت في مركز باكستر الأسترالي لاحتجاز المهاجرين في عام 2004. 

عانت كورنيليا من مرضٍ عقليّ، وكانت تتظاهر بأنها سائحة ألمانية عندما ألقي القبض عليها لسفرها بجواز سفر مزور.

نتفليكس
صورة لصوفي ويرنر من المسلسل / Netflix

مضيفة طيران من أصولٍ ألمانية عانت من الفصام

الشخصية الحقيقية وراء شخصية صوفي ويرنر في مسلسل Stateless، تدعى كورنيليا راو، وقد كانت راو الابنة الصغرى لإدغار وفيرونيكا راو، وهما زوجان من مدينة هامبورغ الألمانية انتقلا إلى أستراليا عندما كانت بناتهما رضيعات.

في المسلسل، نجد الأخت الكبرى لصوفي ويرنر شخصاً ناجحاً واسمها مارغو. وقد مثّل نجاح مارغو واهتمام الأبوين بها نقطة ضعفٍ لأختها الصغيرة صوفي، التي ستهيم على وجهها بحثاً عن "الاعتراف" بها في عالمٍ صاخب.

في الحقيقة أصبحت كورنيليا مضيفة طيران لشركة Qantas. ثمّ انضمت لاحقاً إلى طائفة Kenja التي تَعِد أتباعها بمنحهم "نظرة فريدة إلى الحياة"، تلك الطائفة التي كانت تقوم كيت بلانشيت بدور الزعيمة فيها.

لكنّ كورنيليا طُرِدت من هذه الطائفة لأنها "بحاجة إلى مساعدة طبيب نفسي". 

في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1998، أخذت كورنيليا إجازةً من العمل وأُودِعَت المستشفى، بعد تشخيصها بالاضطراب ثنائي القطب، ثم لاحقاً شُخِّصت بالفصام.

وقد استمرَّت الفترة التي قضتها كورنيليا داخل مؤسسات الصحة النفسية طيلة 6 سنوات بشكلٍ متقطِّع. وهو ما لم يظهر في مسلسل Stateless.

لاحقاً كانت فكرة "السفر" هي الفكرة المسيطرة على كورنيليا، فهي تهرب من خلال السفر من عائلتها ومن مستشفيات الصحة العقلية، وفي النهاية كانت تهرب من أستراليا.

ووفقاً لما ذكرته صحيفة Sydney Morning Herald فقد سافرت كورنيليا إلى تايلاند وأمريكا الجنوبية وأوروبا. وقد أنقذها مسؤولون أستراليون مرتين في مدنٍ نائية، وأعادها والداها أكثر من مرة إلى المنزل. لكنّ كورنيليا لم "تستسلم" أبداً.

هكذا بدأت كورنيليا رحلتها في مركز احتجاز لاجئين

في مارس/آذار عام 2004 أخرجت كورنيليا نفسها من مستشفى مانلي الأسترالي لتتجنَّب تناول دوائها الذي كانت تكرهه. ثم أُبلِغ عن اختفائها في ولاية نيو ساوث ويلز.

وصلت لاحقاً إلى ولاية كوينزلاند مرتبكةً، حيث اعتقلتها الشرطة التي لم تكن على علمٍ بأيِّ مريضٍ مفقود.

مسلسل Stateless
لقطة لعائلة مهاجرة من مسلسل Stateless / Netflix

في أثناء حديث كورنيليا إلى الشرطة، روت لهم قصةً غريبة. قالت إنّ اسمها هو آنا بروتماير، وأعطت الشرطة جواز سفر نرويجياً مسروقاً.

ومن هنا بدأت قصة كورنيليا تأخذ منحىً آخر. إذ افتُرِض أنَّ تلك المدعوّة "آنا بروتماير" قد هُرِّبَت إلى أستراليا عبر إندونيسيا، أو أنها دخلت بتأشيرة سياحة إلى أستراليا وتجاوزت مدة إذن السفر. 

في كلتا الحالتين، وصل المسؤولون إلى استنتاج أنَّ "آنا" تقيم في الدولة إقامةً غير شرعية، ولم يشككوا قط في صحة القصة.

وبمجرد توصُّل وزارة الهجرة إلى قرار أنها ليست مواطنة شرعية، نُقِلَت كورنيليا إلى أحد السجون. وهكذا، فقد أصبحت كورنيليا مشتبهاً بها. فهي في هذا الموقف شخص غير قانوني، دون أي حماية أو حقوق قانونية.

وقد كتبت كريستين شقيقة كورنيليا (التي كانت في المسلسل باسم مارغو)، مقالاً في صحيفة Sydney Morning Herald قبل صدور المسلسل في أستراليا، قالت فيه:

أتذكر أنني تقيأت من شدة الصدمة بعد سماع بعض التفاصيل الخاصة بالمعاملة التي تلقتها كورنيليا في غياب سيادة القانون، والشفافية. أولاً في سجن للنساء شديد الحراسة، ثم في مركز احتجاز باكستر في جنوب أستراليا. ولم تحصل على محامٍ، ولا قاضٍ ولا هيئة محلفين، ولا نصير. وبدون اسمها الحقيقي حتى.

في سبتمبر/أيلول 2004 (أي بعد 6 أشهر من اختفائها) نُقِلَت كورنيليا إلى مركز باكستر لاحتجاز المهاجرين- وقد أغلق المركز لاحقاً- في صحراء جنوب أستراليا؛ حيث تدور أحداث مسلسل Stateless.

في ذلك الوقت، كان مركز باكستر مأوى المعتقلين منذ فترة طويلة في أستراليا؛ وطالبي اللجوء من أفغانستان وإيران والعراق المحتجزين لسنوات أثناء محاولتهم الحصول على وضع "اللاجئ".

وقد نقل Stateless معاناة سكان معسكر باكستر بطريقة مؤثرة، فقد عانى جميع السكان بسبب إصابة الكثير منهم باليأس والأمراض العقلية الناجمة عن الحبس وسوء الأحوال المعيشية. 

وفي عام 2019، رفع أكثر من 60 محتجزاً سابقاً في معسكر باكستر دعوى قضائية ضد الحكومة الأسترالية بسبب سوء معاملتهم.

كما في المسلسل.. وصلت لها عائلتها بسبب مقال في جريدة

في 31 يناير/كانون الثاني 2005، نُشِر مقال في صحيفة أسترالية عن المرأة الغامضة المُحتَجَزة في معسكر باكستر، والتي يمكن أن تكون مريضة. وقد تناول المقال بالتفصيل حالة امرأة ألمانية أثار "سلوكها الغريب غير المتوقع" إزعاج معتقلي باكستر الآخرين.

وقد وصف المقال وضع كورنيليا بأنها شابة ألمانية محتجزة في معسكر باكستر "وتظهر عليها أعراض ذهانية، وتصرخ وتتحدث إلى نفسها في بعض الأحيان، وتطلق صرخات رعب في كثير من الأحيان لفترات طويلة خاصة عند حبسها في الزنزانة".

وبعد الاطلاع على المقال، اتصلت عائلة كورنيليا بالشرطة. وفي فبراير/شباط 2005، أُطلِق سراحها وأُودِعَت مستشفى للصحة العقلية. وقد استمرّت فترة احتجازها 4 شهور

وما زالت كورنيليا مريضة

ومع الأسف، يبدو أنّ كورنيليا قد وصلت إلى مرحلة متقدمة جداً من المرض. 

في عام 2008، أي بعد 3 سنوات من المحنة التي عاشتها، حصلت كورنيليا على تعويضٍ بقيمة 2.6 مليون دولار من الحكومة الأسترالية. لكنّ هذا التعويض المالي لم يغيّر شيئاً. ووفقاً لشقيقتها، فإنّ كورنيليا لا تتذكر مدة الأشهر الستة التي قضتها في سجن بريسبان النسائي أو الأشهر الأربعة التي قضتها في معسكر باكستر للاجئين.

ولكنّ الحزين بالفعل أنّ كورينليا لا تزال تعاني من "ضرر عصبي لا يمكن علاجه". بعد قراءة هذه القصة المثيرة، أو مشاهدة المسلسل لا ننسى أنّ اللاجئين الذين عاشوا معها في باكستر قد عاشوا مأساةً كبيرة، قد تكون أكبر منها بمقاييس المعاناة. فبالنسبة لأي مشاهد ستظلّ شخصية أمير وعائلته أكبر مأساة يمكن أن يقرأ عنها أو يشاهدها أحد.

تحميل المزيد