وسط غابة على أطراف مدينة إسطنبول شمال غربي تركيا، وبعيداً عن صخب المدينة، شُيدت مدينة إعلامية عامرة بتفاصيل تاريخية دقيقة.
زرنا المدينة، حيث تكمن أسرار النجاح الساحق للمسلسل التركي "قيامة أرطغرل"، إذ يبدو التاريخ في تلك المدينة وكأنه بُعث من جديد.
عندما تتوغل وسط الغابة، في الشق الآسيوي من إسطنبول قرب البحر الأسود، تجد مدينة صغيرة تدب فيها الحياة، وهي تجسد مدينة "سوغوت" شمال غربي الأناضول.
في مدينة "قيامة أرطغرل" يتم تصوير أحداث الجزء الخامس من المسلسل الشهير، وهي تضم منشآت عديدة، بينها خيام قبيلة "الكايي"، التي ينتمي إليها "أرطغرل"، بطل المسلسل.
وعند الدخول للمدينة ترصد مشاهدات من موقع التصوير، حيث جرى إعداده بدقة بالغة قريبة من الواقع، بما يؤكد جدية وحرص فريق العمل على نقل التاريخ إلى المشاهد بطريقة جذابة.
خلية نحل
داخل مدينة صغيرة تضم استوديوهات وقلاعاً وساحات وخياماً، وغيرها الكثير، يتحرك العاملون من الكادر الفني والممثلين باستمرار وكثافة، وكأنهم في خلية نحل، لاستكمال تصوير الحلقات.
توجد غرف كثيرة، بعضها مسبق الصنع والأخرى عبارة عن حاويات معدنية، تضم الملابس وكافة مستلزمات العمل الفني، فضلاً عن غرف مخصصة للممثلين والمخرجين.
ووسط أجواء باردة، يعمل أحياناً في الموقع 1500 شخص في آن واحد، لتصوير حلقات المسلسل الأسبوعية، التي يتلهف المشاهدون، لا سيما في العالم العربي، لمتابعتها الواحدة تلو الأخرى.
تحضيرات جدية
اختيار الممثلين، بحسب قائمين على العمل، تم بعناية فائقة، لضمان تمتعهم بمرونة كبيرة تناسب ظروف التصوير الخاصة.
شملت التحضيرات، تدريب الممثلين، لنحو شهرين، على الحياة الريفية البسيطة من أجل التأقلم مع أجوائها.
وتلقوا أيضاً تدريبات على فنون القتال بالسيف والرماية بالسهم، حتى باتوا بارعين.
ويواظب الممثلون على ممارسة الرياضة، للحفاظ على لياقتهم البدنية، وهي أحد المعايير التي على أساسها تم اختيارهم.
الممثلون وخيولهم
على مدار 5 سنوات، اعتاد الممثلون على خيولهم التي يمتطونها في أحداث المسلسل، ما أوجد بينهم علاقة تخدم العمل.
بالتعاون مع السائس، يتوجب على الممثل بنفسه أن يطعم حصانه 3 مرات على الأقل أسبوعياً، ليشعر الحصان بالارتباط مع الممثل.
هذا الارتباط ينعكس إيجاباً على الحركة خلال ركوب الخيل وعمليات الكر والفر أثناء المعارك، إذ تتوفر انسيابية وواقعية في تلك المشاهدة.
بشكل مستمر، تمتلك أسرة المسلسل 66 حصاناً، وأحضر القائمون على العمل مدربين من خارج تركيا، لتدريب الفنانين على امتطائها وكأنهم على ظهور الخيل طيلة عمرهم.
كل هذه الاختيارات والتحضيرات والتدريبات تهدف إلى تجسيد التاريخ بأقرب درجة ممكنة من الواقع، إذ تبدو وقائع التاريخ وكأنها باتت حية في المسلسل، الذي يرفض القائمون عليه بشدة تسريب أي معلومة حول سير أحداثه.
التاريخ والسيناريو
في مسلسل ضخم يقوم على التشويق والإثارة ويزخر بمعارك عديدة، فإن وقوع حوادث خلال التصوير ليس بالأمر المستبعد.
أثناء لقاء مع الممثل جنكيز جوشكون، الذي يجسد دور "تورغوت"، ظهر جرح على يده بسبب حادث أثناء تصوير مشاهده.
جوشكون قال إنه تعرض لحوادث عديدة، خلال السنوات الخمس، بينها سقوطه مرة من على ظهر الحصان.
يلتزم الممثلون وبقية فريق العمل بجدية كبيرة خلال التصوير، وتبدو عليهم حماسة واضحة وهم يسابقون الزمن لتصوير المشاهد المطلوبة.
فيما يدقق كاتب سيناريو المسلسل ومنتجه، محمد بوزداغ، في كل التفاصيل، مهما كانت صغيرة.
تخضع عملية كتابة السيناريو لبحث تاريخي دقيق جداً، للتحقق من كل المعلومات التاريخية، ثم الكتابة بطريقة سردية مشوقة تناسب العمل المُبهر.
في ظل كل هذا التدقيق، يتأخر في مرات عديدة وصول السيناريو إلى الممثلين، حتى يوم قبل التصوير، وأحياناً في يوم التصوير نفسه.
وبانتظار انتهاء موسم هذا العام من "قيامة أرطغرل"، يتطلع المشاهدون، كما أسرة المسلسل، إلى العودة في العام القادم مع مسلسل "قيامة عثمان غازي"، في سلسلة جديدة.
مسلسل "قيامة عثمان غازي"، وبحسب معلومات متوفرة، سيستمر 5 مواسم، ويلعب دور البطولة فيه الممثل الشهير، بُراق أوزجفيت.
فيما رفض منتج المسلسل وكاتب السيناريو، محمد بوزداغ، الكشف عن أية تفاصيل، مكتفياً بالقول إنها "مفاجأة".