قد يبدو الاستماع أحياناً وكأنه مهارة ضائعة لم نعد نتقنها، ربما لأننا نتواصل كثيراً إلكترونياً. وهذا أمر سيئ للغاية، كونك مستمعاً جيداً يمكن أن يساعدك في كل جانب من جوانب حياتك، مع العائلة والأصدقاء ومع زملائك في العمل أيضاً. ولكن هناك حقيقة تقول إن البشر يتمتعون بمتوسط ثماني ثوانٍ من الانتباه، وفقاً لموقع New York Times. لذلك، أن تبقى حاضراً ومصغياً لحديث شخصٍ ما ليس أمراً سهلاً يمكن لأي أحد القيام به، بل مهارة تحتاج للممارسة والتدريب.
مع وجود الكثير من عوامل التشتيت الداخلية والخارجية، من الطبيعي أن تجد نفسك تجاهد للتركيز. لذلك، إذا كنت تأمل في تحسين مهارات الاستماع لديك، فإن أكثر الطرق فاعلية هي من خلال الاستماع الفعال، دعنا نعرفك في هذا التقرير عليه وكيف يمكن بخطوات عملية أن تصبح مستمعاً جيداً.
ما هو الاستماع الفعال؟
الاستماع الفعال -Active Listening- هو عملية الاستماع بمشاركة كاملة غير منقطعة بانتباه كامل. ولكن لطمأنة المتحدث بأنك ما زلت تتابع حديثه، يجب أن تقدم تأكيداً لفظياً يتألف من كلمات بسيطة مثل: (آه، نعم، أتفهمك). والإشارات غير اللفظية، مثل إيماءات الرأس والتواصل البصري وتعابير الوجه التفاعلية، كما ورد في موقع Very Well Health.
الشخص الماهر في الاستماع الفعال سيكون قادراً على القيام بذلك في الأوقات التي لا تقاطع تفكير المتحدث، بل تساعده على التعبير عما يرغب في قوله بشكل أفضل.
لماذا الاستماع الفعال مهم؟
يمكن أن يساعد الاستماع الفعال في جعل الشخص الآخر يشعر بمزيد من الراحة والاهتمام في المحادثة وأنك تتفهم ما يقوله ويشعر به. فقد وجدت دراسة نشرت عام 2012 في مجلة المجلس الأمريكي لطب الأسرة أن المرضى يشعرون بمزيد من الدعم والتحكم عندما يطبق الأطباء مهارات الاستماع النشطة.
وبينما يعد الاستماع الفعال أمراً حيوياً في بيئة المريض والطبيب، إلا أنه لا يقل أهمية في العلاقات الأخرى، بما في ذلك العلاقات الرومانسية أو المهنية أو العائلية أو الودية. على سبيل المثال، عند استخدامه في العلاقات، يمكن أن يعزز الاستماع الفعال مستوى أعمق من الحميمية العاطفية لأنه يوفر للمتحدث المساحة والتناغم مما يمكن أن يعزز العلاقات في كل من أوقات السلام وكذلك في أوقات النزاع.
مهارات الاستماع الفعال
تم وضع هذه المهارات الست للاستماع الفعال في الأصل من قبل المستشار والأخصائي آلان ايفي، كطريقة لتعليم تقنيات الاستشارة التي يمكن استخدامها في الحياة اليومية. وقد يكون أهم عنصرين في هذه المهارات هما الأسئلة المفتوحة والمشاعر الانعكاسية لأنها تساعد في تعزيز علاقات أعمق وأكثر ثقة.
1- حضور الشخص الآخر
إن هذه الخطوة الأولى تحصل بشكل طبيعي جداً بين الناس وتكون عبارة عن إجراء اتصال بالعين أو إيماء الرأس والانحناء أو إبداء الاهتمام بشكل عام بالمحادثة من خلال الإشارات غير اللفظية.
عند الاستماع لشخص آخر، انتبه إلى كلماتهم ولغة جسدهم ونبرة صوتهم. بعد ذلك، يمكنك طرح أسئلة لمساعدتك على الفهم بشكل أفضل، أو يمكنك تقديم تعليقات تتيح للمتحدث معرفة أن رسالته تصل إليك بوضوح.
2- اسأل أسئلة مفتوحة
السؤال المفتوح هو السؤال الذي لا يمكن الإجابة عليه بنعم أو لا. تقول جوان روزنبرغ في كتابها 90 ثانية إلى الحياة التي تحبها، "وظف التقنيات الصحفية الخمسة: لمن وماذا وأين وكيف ومتى"، ولكن توخ الحذر عند صياغة أسئلة "لماذا"، كي لا تضع الشخص الذي تستمتع له في موقع الدفاع وتظهر أنت في موقع الهجوم. إن طرح أسئلة مفتوحة وتوفير مساحة للإجابة عنها بشكل كامل، يساعد الناس على استكشاف تجربتهم بعمق أكبر.
إليك بعض الأمثلة:
كيف كان رد فعلك على تلك التجربة؟
متى بدأت تشعر بذلك؟
لماذا تعتقد أنك كنت تشعر بهذه الطريقة؟
ماذا تحتاج في الوقت الحالي؟
ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين وضعك؟
3- لخص الحقائق
بعد أن ينتهي المتحدث من الحديث، أعد صياغة ما قالوا مرة أخرى لهم. سواء كنت تعيد صياغة ما قالوه أو تذكره كلمة بكلمة، فهذا يدل على أنك استوعبت بالفعل ما قالوه.
يسمي الباحثون هذا "تأثير الصدى"، ووجدت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة اللغة وعلم النفس الاجتماعي أن الأشخاص الذين يفعلون ذلك أفضل في بناء الجاذبية والألفة والأمان بينهم وبين الأشخاص الآخرين.
4- أظهر المشاعر
انعكاس المشاعر هو مراقبة مشاعر شخص ما والتعبير عنها وإخباره بها. يوفر هذا النوع من الاستجابة التحقق من صحة مشاعر المتحدث، ما يسمح لهم بتجربتها بشكل كامل. كما يساعد التعبير عن المشاعر الشخص على الشعور بأنه مسموع، والشعور بأنه مسموع يساعده على الشعور بأنه مفهوم.
على الرغم من أنك قد كون مندفعاً لتقديم حل للمشكلة أو السؤال عما يحسه الشخص الآخر، إلا أن عليك أولاً أن تبدأ بالتحدث عن المشاعر التي لاحظتها أنت على الشخص المتحدث والتعبير عنها. على سبيل المثال:
أنا أفهم لماذا سيكون ذلك مخيفاً.
هذا مثير جداً!
يبدو أن هذا جعلك تشعر بالحزن.
أتفهم قلقك وعدم رغبتك بالقيام بذلك.
أما إذا قمت بافتراض خاطئ، فسيقوم المتحدث بتصحيحك، ما يفسح المجال لمزيد من المحادثة والتفاهم.
5- السماح للصمت
بعد الاستجابة لشعور أو نبرة شعور الشخص، التزم بالصمت لبعض الوقت. سيستمر الكثير من الناس في الحديث لتجنب حالات الصمت المحرج أو لدفع المحادثة إلى الأمام، لكن الأفضل إعطاء المتحدث بضع ثوانٍ على الأقل لتلقي كلماتك والموافقة عليها أو تصحيحها أو التعليق عليها.
6- كن على استعداد لمواجهة الشخص
يميل استخدام كلمة المواجهة إلى إثارة الشعور بالصراع، ولكن هذا ليس هو الحال دائماً. في الواقع، إن المواجهة قد تكون مجرد توضيح لملاحظة أو وصف لتجربة.
على سبيل المثال: "أريد أن أتحدث معك عن شيء مهم بالنسبة لي، ولكن في كل مرة أتحدث فيها عن هذا الموضوع المحدد أو موضوعات مثله، فإنك تقلل من تجربتي وهذا أمر مؤلم حقاً. أتمنى حقاً أن تسمعني". كما يجب أن تأتي المواجهة دائماً من مكان تكون فيه إيجابية ولطيفة وحسنة النية.
تمارين لكي تكون مستمعاً أفضل:
- لا تخطط لردك أثناء حديث المتحدث، فقط استمع.
- قدم إشارات غير لفظية حتى يعرف المتحدث أنك تتابعه.
- تجنب النظر إلى هاتفك أو ساعتك أو أي مصادر تشتيت أخرى.
- انظر مباشرة إلى الشخص المتحدث.
- افهم لغة جسد المتحدث.
- لاحظ مشاعر المتحدث.
- كرر ما سمعته من المتحدث.
- اطرح أسئلة توضيحية.
- إفساح المجال للصمت.
- لا تقاطع المتحدث.
- اذكر أي ملاحظات لديك.