خلال سنة 1967 شنّ الاحتلال الإسرائيلي حرباً أطلق عليها "حرب الأيام الست"، والتي كانت ضد كل من مصر وسوريا والأردن، اندلعت هذه الحرب في 5 يونيو/حزيران 1967 إلى يوم 10 من الشهر نفسه، والتي أدت إلى احتلال إسرائيل لكل من سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان.
لكن خلال هذه الحرب استهدفت إسرائيل سفينة يو إس إس ليبرتي الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط، ما أسفر عن مقتل العديد من جنودها وجرح آخرين، فيما صرّح الاحتلال الإسرائيلي بعدها أن الهجوم كان عن طريق الغلط؛ إذ اعتقدت أن السفينة تابعة للجيش المصري قرابة السواحل الفلسطينية.
ما هو حادث يو إس إس ليبرتي؟
قبل بداية حرب الأيام الستة بقرابة أسبوع أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية سفينة يو إس إس ليبرتي التي يبلغ وزنها أكثر من 7 آلاف طن نحو شرق البحر الأبيض المتوسط على مقربة من المياه الإقليمية المصرية.
كانت مهمة السفينة استخباراتية، بالإضافة إلى جمع الإشارات الإلكترومغناطيسية بالمنطقة. مع بداية الحرب وجّه مسؤولون أمريكيون رسالة إلى طاقمها لتوخي الحذر بالمنطقة ومراقبة جميع التحركات خوفاً من إمكانية تعرضها لهجوم من البحرية المصرية.
وفي 8 يونيو/حزيران 1967 تعرضت السفينة التقنية التابعة للبحرية الأمريكية لهجوم من قبل طائرة مقاتلة تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية وقوارب طوربيد تابعة للبحرية الإسرائيلية.
أسفرت الهجمات الجوية عن فقدان مأساوي لحياة 34 شخصاً، بما في ذلك ضباط البحرية والبحارة وجنديان من مشاة البحرية، ومدني واحد، بالإضافة إلى إصابة 170 فرداً من طاقم السفينة وتكبيد السفينة أضراراً هائلة.
أظهرت التحقيقات التي أجريت من قبل الاحتلال الإسرائيلي والحكومة الأمريكية في عام 1981 أن الهجوم كان خطأً ناتجاً عن الارتباك الإسرائيلي بشأن هوية سفينة يو إس إس ليبرتي. ومع ذلك، استمر بعض الناجين، بالإضافة إلى بعض الدبلوماسيين ومسؤولي الاستخبارات الأمريكيين الذين شاركوا في الحادث، في تقديم نتائج إضافية رسمية تشير إلى أن الهجوم الإسرائيلي على السفينة لم يكن عن طريق الخطأ.
يعتبر هذا هو الحادث البحري الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة الذي قتلت فيه قوات عسكرية أمريكية ولم يتم التحقيق فيه من قبل الكونغرس الأمريكي.
خلفية الهجوم على يو إس إس ليبرتي
خلال حرب الأيام الستة بين إسرائيل والدول العربية، حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على وضعها كبلد محايد. قبل بداية النزاع، أمرت البحرية الأمريكية بسفينة الاستطلاع يو إس إس ليبرتي بتنفيذ مهمة جمع معلومات تكنولوجية في شرق البحر المتوسط.
بعد اندلاع الحرب، أرسلت السفينة عدة رسائل إلى إسرائيل بشأن زيادة مساحة الاقتراب المسموح بها، نظراً لضمان سلامتها في مناطق الحرب. لم يتم تسليم رسالة زيادة مساحة الاقتراب المقررة، ما أدى إلى الهجوم على السفينة.
في تمام الساعة 2 بعد الظهر، تعرضت ليبرتي لهجوم من قبل طائرات إسرائيلية، بما في ذلك طائرات ميراج IIIs وطائرات داسو ميستير. الهجوم أسفر عن وقوع أضرار جسيمة، حيث سقطت إحدى القنابل وأصابت السفينة.
وفي خطأ فادح، اعتبر زعيم الميراج السفينة مدمرة بسبب الرموز اللاتينية على هيكلها، ما أدى إلى الخوف من أنها روسية.
تم تسجيل التطورات هذه في الاتصالات اللاسلكية من قبل إسرائيل، وكذلك في سجل السفينة. على الرغم من إرسال طائرتي هليكوبتر للبحث عن ناجين، لم يتم تلقي أية إشارات.
إسرائيل والتعويض المالي
في مايو/أيار 1968، قدمت الحكومة الإسرائيلية تعويضاً للولايات المتحدة يتجاوز 3 ملايين دولار، وتم دفع المبلغ بالكامل لأسر الرجال الـ34 الذين فقدوا حياتهم في هذا الهجوم المأساوي. كان هذا الإجراء خطوة مهمة نحو إدارة عواقب الحادث وتحقيق التسوية.
وفي مارس/أيار 1969، قامت إسرائيل بتحويل مبلغ إضافي يتجاوز 3 ملايين دولار ونصف لتعويض الأفراد الذين أصيبوا في الهجوم. كان هذا التعويض إشارة إلى الاعتراف بألم الناجين وحاجتهم إلى دعم مالي إضافي لتغطية تكاليف العلاج والتآلف مع الإصابات النفسية.
ثم في 18 ديسمبر/كانون الأول 1980، قبلت إسرائيل تسوية إضافية، حيث وافقت على دفع 6 ملايين دولار كتعويض للولايات المتحدة، وهو مبلغ لتغطية الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالسفينة نفسها خلال الهجوم.
كان هذا الاتفاق خطوة إضافية نحو تهدئة التوترات بين البلدين، وتأكيداً على التزام الاحتلال الإسرائيلي بالتعويض المتفق عليه مع الولايات المتحدة الأمريكية.