يشتهر الزفاف المغربي بالعديد من الطقوس المميزة التي تزيد من جماليته، لعل من أشهر الطقوس في تلك الليلة العمارية المغربية "الهودج"، وهي من العادات المغربية القديمة التي استخدمت في الأعراس للاحتفال بالعروس وإشهار الزواج.
لم تعد العمارية تستخدم في الأعراس فقط، بل أصبحت من بين سبل الاحتفال في مختلف المناسبات وكذلك مختلف الأعمار، من بين هذه المناسبات ليلة 27 من رمضان، إذ استخدمت العمارية وسيلة للاحتفال بالأطفال في رمضان تشجيعاً لهم عن أيام الصيام القليلة التي صاموها.
العمارية.. وسيلة لإعلان الزواج عند الأمازيغ
حسب موقع "algamal" تختلف الروايات حول بداية وأصل العمارية، إلا أن أغلبها اتفق حول أن بداياتها كانت قبل الفتح الإسلامي للمغرب، إذ كانت وسيلة لنقل العروس من بيت أهلها إلى بيت زوجها، إذ كانت توضع العروس في هودج مزين بالثياب الخاصة بهذه المناسبة، وتوضع على صهوة حصان تفاؤلاً بإنجابها طفلها البكر ذكراً.
كانت هذه العادة في البداية حكراً على القبائل الأمازيغية ثم انتشرت بعدها في العديد من البوادي والمناطق الحضارية، إلا أنها كانت مخصصة للطبقة الغنية والميسورة مادياً، ومع مرور الوقت انتقل الهودج من طقوس ثانوية مخصصة فقط لحمل العروس من بيت والدها إلى أسلوب من الاحتفال لا يمكن الاستغناء عنه في الأعراس المغربية.
وحسب كتاب "وصف إفريقيا" للكاتب بليون الإفريقي، كانت الأعراس في مدينة فاس لها طابع خاص، إذ تحمل العروس في عمارية خشبية من ثمانية أوجه، مزينة بأجمل أنواع الأقمشة مثل "الحرير والبروكار وغيرها"، فيما يحملها الرجال فوق أكتافهم وصولاً بها إلى بيت زوجها.
يرافق العروس موكب كبير مؤلف من والدها وأصدقائه بالإضافة إلى أصدقاء الزوج ورجال العائلة، بالإضافة إلى قارعي الطبول والمزامير، كما تحمل مع الهودج مشاعل عديدة "شموع".
من بين الطقوس القديمة في الطريق وقوف أصدقاء الزوج في المقدمة حاملين هذه المشاعل، فيما يقف أصدقاء الأب في ظهر العروس، وهي عادة تدل على أن للعروس عائلة تحميها في حال تعرضت للظلم في بيت زوجها.
كما كان يفرض مرور العمارية وسط السوق الكبير ثم على أقرب جامع يصادفونه في الطريق، وما أن يصل الموكب إلى سوق يودع الزوج أهل العروس وتحمل العمارية إلى بيت العريس بعدها مباشرة، كانت هذه الطريقة إعلاناً عن زواج الشاب من إحدى فتيات العائلة التي تواكب العمارية.
العمارية المغربية وطقوس الزواج الحديثة
بعد انتشار ثقافة استخدام العمارية في جميع المدن المغربية، وخاصة بعد الاستقلال المغربي من الاحتلال الفرنسي، أصبح القصر الملكي المغربي يحتفل بأعراسهم على شاكلة العادات القديمة للمغرب، الأمر الذي دفع معظم المغاربة إلى تقليده.
في يومنا الحالي تركب العروس العمارية ثلاث مرات خلال ليلة زفافها: الأولى تكون أول دخولها إلى الزفاف مرتديةً "تكشيطة"، وهي نوع من القفاطين المغربية باللون الأبيض، ثم تركبها في طقوس الحناء ثم في فقرة اللباس المغربي المخصص للمدينة التي تأتي منها العروس، ويسمى الهودج في هذه الفقرة بـ"الميدا".
يختلف شكل العمارية من منطقة إلى أخرى، فمنها ما يصنع من الخشب وآخر يصنع من المعدن المرصع بالذهب أو الفضة، فيما تكون أنواع أخرى سواء من ثوب مطرز على الطريقة المغربية القديمة أو مرصعة بالأحجار الكريمة.
تصنع العمارية في العاصمة العلمية للمملكة المغربية "مدينة فاس"، إذ تتنافس المحلات فيما بينها في صناعة أشكال خاصة منها لجذب المستثمرين لشرائها، ويصل سعر العمارية إلى آلاف الدولارات حسب الشكل والمادة التي صنعت منها.
وسيلة للاحتفال بالأطفال في رمضان
يعد رمضان من الأشهر التي لها مكانة خاصة في نفوس المسلمين، في المغرب يحتفل المغاربة بهذا بطريقتهم الخاصة، إذ تبدأ التجهيزات قبل رمضان بالعديد من الأسابيع، إلا أن من أهم مظاهر الاحتفال تلك التي تتزامن مع ليلة 27 من رمضان.
حسب "وكالة الأناضول" تبدأ العائلات بالتجهيز لهذه الليلة باختيار أفضل أنواع اللباس لأطفالهم وتعطير البيوت بأجمل أنواع البخور، كما تشجع معظم العائلات أطفالها على الصيام في ذلك اليوم لفهم أهمية هذا الشهر عند المسلمين.
ترتدي الفتيات في هذا اليوم أجمل القفاطين، فيما يلبس الأولاد الجلابة المغربية التقليدية، بعد الإفطار وانقضاء صلاة التراويح تقوم النساء بنقش الحناء على أيادي الأطفال الذين صاموا هذا اليوم، ثم يحملون فوق العمارية للاحتفال بهم وتشجيعهم أكثر على الصيام.
أصبحت هذه العادة منتشرة في كل أرجاء المغرب، إذ تنتشر في جميع الأحياء استديوهات للتصوير مخصصة فقط لهذا الغرض تقصدها العائلات لالتقاط صور تذكارية لأطفالهم في هذا اليوم المبارك.