استغرق بناؤه 25 عاماً وشُيّد بعد الانتصار في معركة “الملوك الثلاثة”.. “قصر البديع”، أفخم قصور مراكش

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/20 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/20 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
قصر البديع بمدينة مراكش العائد إلى القرن 16 / shutterstock

مرَّ المغرب بالعديد من الحقب الزمنية التي تولى فيها الحكم مختلف الأسر الحاكمة بداية من الأدارسة والمرابطين وصولاً إلى العلويين، الأسرة الحاكمة للمغرب في يومنا الحالي، خلف هذا التنوع الكثير من الأماكن التاريخية المهمة التي لا تزال آثارها تشهد على تلك العصور.

لعل من بين أشهر وأبرز الأماكن التاريخية الموجودة في مدينة مراكش المغربية نجد قصر البديع الذي يعود تاريخه إلى أواخر القرن 16 خلال فترة حكم السعديين للمغرب.

قصر بُني للاحتفال بالانتصار في معركة 

أواخر القرن السادس عشر ومباشرة بعد معركة وادي المخازن، أو ما يعرف بمعركة الملوك الثلاثة؛ التي جمعت بين كل من الملك السعدي عبد المالك والمنصور الذهبي ضد الملك البرتغالي "سيباستيان" ومحمد المتوكل الذي كان يطمح في استعادة العرش.

دارت المعركة في منطقة القصر الكبير شمال المغرب والتي انتصر فيها الملك السعدي المنصور الذهبي بعد وفاة أخيه عبد الملك وكل من سيباستيان والمتوكل لتسمى بمعركة الملوك الثلاثة نسبة إلى الملوك الثلاثة الذين ماتوا في نفس المعركة.

سنة 1578، أي في نفس سنة المعركة، أمر المنصور الذهبي ببناء قصر في مدينة مراكش للاحتفال بانتصاره في هذه المعركة الشهيرة، عرف القصر فيما بعد بأنه أفخم المباني التي شُيّدت على الكوكب في تلك الحقبة، حسب ما جاء في موقع "barcelo".

استغرق بناء القصر قرابة 25 سنة، فهو قصر مكون من 360 غرفة ومليء بالزخارف الفخمة من الذهب والفيروز والكريستال بالإضافة إلى الحدائق الرائعة المحيطة بالقصر، كما اعتبر من الرموز التاريخية التابعة للسلالة السعدية الحاكمة للمغرب خلال القرن 16.

نصب تذكاري دُمّر من قبل السلطان 

تمتع قصر البديع بفخامة لا مثيل لها، لكن هذا المكان تم نهبه في نهاية المطاف، على مدى 12 سنة على الأقل؛ إذ دمره السلطان الذي خلف عرش المنصور الذهبي السلطان المولى إسماعيل؛ حيث انتهى الأمر بكل جواهر القصر وثرواته في العاصمة الجديدة حينها للمغرب مدينة مكناس.

لكن لا يزال هذا القصر شاهداً على بقايا الزخرفة المعمارية العريقة علاوة على الفناء الأمامي الواسع من الحدائق وأشجار البرتقال بالإضافة إلى جدران القصر التي يبلغ سمكها مترين.

حسب نفس الموقع، يُقال إن القصر بني بالسيولة المادية التي توافدت على المغرب من قبل بعض أغنياء البرتغال لإنقاذ بعض أسراهم في معركة وادي المخازن، بالإضافة إلى بعض الأموال التي كانت تُجنى من تجارة الذهب القادمة من مالي عبر الصحراء.

شُيّد المبنى ما بين سنتي 1578 و 1594 على الرغم من أن بعض التفاصيل استغرقت في بنائها إلى حدود سنة 1603 عام وفاة المنصور الذهبي. استُخدم في بناء هذا القصر أجود المواد القادمة من الصين والسودان وإيطاليا والهند والعديد من الأماكن الأخرى في العالم.

كان قصر البديع رمزاً للقوة، وهنا أقيمت الأعياد والاستقبالات العظيمة التي حضرها العديد من الضيوف، من بينهم زعماء وعلماء وأصحاب علم.

التصميم الداخلي لقصر البديع بمراكش 

لا تزال هذه التحفة المعمارية تثير دهشة زوار مدينة مراكش المغربية، والتي توحي بعظمة التاريخ المغربي؛ إذ يمكن مشاهدة الأسقف المرصعة والأعمدة المغطاة بالذهب والرخام الأسود والأبيض، بالإضافة إلى الأرضية المليئة بالفسيفساء النفيسة.

كما تحتوي الأرضية على العديد من النوافير التي جلبت نظارة وجمال للموقع، كما يمكن الاستمتاع بإطلالة رائعة على المدينة من فوق سطح القصر، التي تكسوها أعشاش طائر اللقلق الذي يجيش بكثرة في المغرب.

يقال إن الملك السعدي المنصور الذهبي استوحى تصميم القصر من قصر الحمراء في غرناطة وهو قصرٌ أَثري، وأحد أهم صروح العمارة الإسلامية في الأندلس. بُني في غرناطة خِلالَ النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي، يعد الآن من أهم المعالم السياحية بإسبانيا ويقع على بُعد 430 كيلومتراً جنوبي مدريد، وقد استغرق بناؤه أكثر من 150 سنة.

تُعرف بوابة الدخول إلى جانب ما يُعرف أيضاً باسم قصر البديع في مراكش باسم باب الرخام (البوابة الرخامية) وتؤدي إلى مساحة ضخمة مستطيلة في وسطها حوض كبير بطول 90 متراً بالإضافة إلى نافورة ضخمة. 

حول هذا الفناء يوجد جناحان يواجهان بعضهما البعض وهما متطابقان تقريباً؛ الجناح الكريستالي وجناح الجمهور، تعلوهما قباب مدعمة بأعمدة رخامية إيطالية. وفي النهايتين الأخريين: الجناح الأخضر وجناح هيليوتروب.

يمكنك أيضاً زيارة ممرات القصر تحت الأرض والتي تعرض اليوم القطع الأثرية والصور الفوتوغرافية الأثرية.

مهرجان مراكش للضحك وقصر البديع 

يُعد قصر البديع من الأماكن السياحية الشهيرة في المغرب، خاصة في المدينة الحمراء مراكش، إذ يستقبل آلاف الزوار سنوياً بالإضافة إلى تنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات السنوية بداخله.

أشهر المهرجانات التي تستقطب زواراً من جميع أنحاء العالم نجد مهرجان مراكش للضحك، يستقبل هذه الأخير فكاهيين مغاربة وأجانب، كما تستمر مدة المهرجان قرابة الأسبوع، لكل يوم طابعه الخاص منها ما يكون مخصصاً فقط للكوميديا الأجنبية وآخر لكوميدي معين بالإضافة إلى سهرة كوميدية مغربية.

بالإضافة إلى مهرجان الضحك نجد مهرجان مراكش للفنون الشعبية وهو مهرجان ينظم كل سنتين في قصر البديع ويستقطب عدداً من الأدباء والشعراء.

تحميل المزيد