“ماراثون” قصة أهم معركة في تاريخ الإمبراطورية اليونانية والتي أنقذت أثينا من السقوط في يد الفرس

عربي بوست
تم النشر: 2022/12/27 الساعة 21:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/12/27 الساعة 21:27 بتوقيت غرينتش
معركة ماراثون / ويكيبيديا

خلال الحروب اليونانية الفارسية التي اندلعت في القرن الـ5 قبل الميلاد، جرت معركة حاسمة في سهل ماراثون في شمال شرق أتينا، حين أراد الفرس إستكمال غزو أوروبا وإسقاط العاصمة اليونانية أثينا.

كانت تلك المعركة أوّل غزو فارسي لليونان، وإحدى أهم المعارك في تاريخ الحضارة الغربية، فقد نجحت جيوش أثينا في إيقاف زحف حكم داريوس الأول، الذي تتوسعت جيوشه في البر الرئيسي لأوروبا واخضعت أيونيا وتراقيا ومقدونيا في بداية القرن الخامس قبل الميلاد. 

وكانت الإمبراطورية الفارسية "الأخمينية" القوة العظمى في العالم حينها، واتسعت حدود هذه الإمبراطورية لتشمل مساحات واسعة في آسيا وإفريقيا وأوروبا؛ حيث ضمت وسط آسيا وأجزاء من القوقاز والهند والبلقان ومصر والسودان وليبيا، ومناطق على ساحل اليونان ومقدونيا، قبل أن تحاول ضمّ أثينا إلى أراضيها وإسقاط الحضارة اليونانية الإغريقية.

أحلام داريوس.. حين أراد الفرس إسقاط الحضارة اليونانية

تسببت شساعة الإمبراطورية الفارسية الأخمينية التي حكمت مناطق كثيرة في قارات العالم القديم، إلى ابتكار الرس نظام حكم مركزي جديد يقوم بإنشاء عدد من العواصم حول الإمبراطورية، تكون هذه المناطق مراكز سلطة لهم يعيّنُ في حكمها حاكم أو طاغية يحكمها باسم الإمبراطور.

كانت مدينة ميليتوس اليونانية إحدى المدن التي أنشأ فيها الفرس أحد مراكز سلطته في تخوم الأراضي اليونانية، ووضع "اريستاجوراس" حاكماً عليها.

معركة ماراثون
معركة ماراثون

كانت مدينة "ميليتوس"، مدينة صغيرة وغير مهمة وبعيدة جداً عن مركز حكم الإمبراطور الفارسي، لكن طموح حاكمها أريستاجوراس كان أبعد من مجرد حاكم لمقاطعة بعيدة ولا دور حقيقياً له، فأراد استغلال تمرد إحدى المدن اليونانية على الحكم الفارسي من أجل توسيع نفوذه وسلطته، ليضع الحضارة اليونانية بأكملها في خطر، بعد أن بات القضاء عليها هدف الإمبراطور الفارسي داريوس.

معركة ماراثون الفاصلة في الحفاظ على الحضارة اليونانية

في عام 491 قبل الميلاد، أرسل داريوس مبعوثين إلى المدن الإغريقية المتبقية لإبلاغهم بضرورة الخضوع للحكم الفارسي، بينما أرسل اليونانيون رداً قاطعاً بإعدام رسل داريوس وإعلان الحرب سبيلاً وحيداً للمواجهة بين الفرس واليونانيين.

 تعاهدت أثينا وأسبرطة بتشكيل تحالف للدفاع عن اليونان، وكان رد داريوس على هذا الغضب الدبلوماسي بإطلاق قوة بحرية قوامها تقريباً 600 سفينة و25 ألف رجل لمهاجمة جزر سيكلاديز وإيبوا الإغريقية، واضعاً الجيوش الفارسية على بُعد خطوة واحدة فقط من بقية اليونان.

وفي 490 قبل الميلاد، انطلقت قوات الفرس في مهمتها لغزو أثينا، وكانت القيادة العامة للجيش الفارسي في يد الجنرال داتيس وكان الرجل الثاني في القيادة هو أرتافيرنس، ابن شقيق داريوس، والذي كان يقود سلاح الفرسان.

 كانت القوة الإجمالية للجيش الفارسي غير واضحة، لكن العدد الفعلي للذين قاتلوا كان ما بين 20 ألفاً و25 ألف رجل، معظمهم من رماة السهام مع ألفي رجل من سلاح الفرسان. 

معركة ماراثون
معركة ماراثون

عندما وصل خبر الغزو الفارسي إلى أثينا، انعقد اجتماع طارئ، كان اليونانيون تحت الصدمة؛ إذ إنهم أجبروا على اختيار طريقة المهاجمة، إمّا مغادرة أثينا لمحاربة جيش متفوق في العدد وهو اختيار خطير، أو انتظار وصول الفرس إلى أثينا وهو خيار غير جيد أيضاً؛ إذ كانت دفاعات المدينة ضعيفة، كما كان إيواء وحماية جميع سكان أتيكا، المنطقة المحيطة بأثينا، أمراً مستحيلاً أيضاً.

أمام الخيارات الصعبة التي وضعت فيها أثينا، اقترح ميلتيادس أن تفعّل أثينا اتفاقية الدفاع المشترك مع إسبرطة. 

بموجب ذلك وعلى أمل حشد جيش أكبر قبل أن يتمكن الفرس من الوصول إلى أثينا وتدمير مدينتهم، أرسل ميلتيادس العديد من العدائين جرياً إلى سبارتا وبلاتيا لطلب المساعدة.

من ناحية أخرى، كانت بلاتينيا أكثر الحلفاء تقديماً للمساعدة؛ إذ أرسلت جيشاً مكوناً من ألف جندي من الجنود اليونانيين لمساعدة الأثينيين، وأخذهم الجنرال ميلتيادس بامتنان تحت جناحه.

بعد حوالي خمسة أيام من وصوله لأول مرة إلى ماراثون، قرر الجيش اليوناني الهجوم، وبالرغم من التفوق العددي للفرس، فإن ميلتيادس أظهر عبقريته الحربية وحنكته العسكرية في خطته للمعركة، لمقابلة القوة الغازية الأكبر؛ إذ أضعف قائد الجيش الأثيني ميلتيادس مركز جيشه وقام بتقوية الأجنحة، على أمل أن يتمكن جنود المشاة المدججون بالسلاح من الحفاظ على المنتصف، بينما تخترق أجنحة جنوده المشاة الفارسيين الذين يرتدون الدروع الخفيفة.

كما أمر ميلتيادس جيشه ببدء الهجوم على الفرس عند وقت الفجر لتحقيق عامل المباغتة، كما أنّ القوات اليونانية شرعت في التقدم بسرعة هائلة؛ مما سمح لها بتجنب السهام الفارسية، وهذا هو ما أدى إلى تأمين انتصار اليونانيين في معركة ماراثون.

المعركة كانت السبب في بداية سباق الماراثون

بعد انتهاء معركة ماراثون، انطلق الفرس على متن سفينة لمهاجمة مدينة أثينا غير المحروسة. لكن اليونانيين ركضوا إلى أثينا قبل أن يتمكن الفرس من الوصول إليها.

عندما وصل الفرس ورأوا ميلتيادس وجيشه الأثيني التكتيكي القاسي ينتظرهم، غيروا رأيهم، وسرعان ما بدأوا في الانسحاب إلى الأراضي الأسيوية.

وتقول الأسطورة إنه بمجرد أن هزم الأثينيون الفرس في معركة ماراثون، عاد العداء اليوناني فيديبيدس إلى أثينا ليعلن النصر على الفرس في معركة ماراثون، قبل أن يسقط ميتاً عند إيصال رسالته.

على الرغم من أن المؤرخين عارضوا هذه القصة منذ ذلك الحين، لكنّ الكثيرون يتفقون على أن فيديبيدس ربما كان من أوائل عدائي الماراثون الحقيقيين.

معركة ماراثون
معركة ماراثون

ورغم تلك الهزيمة كان داريوس لا يزال عازماً تماماً على معاقبة أثينا على دورها في التمرد الحاصل في الجزء اليوناني من الإمبراطورية الفارسية، وعلى إعدامهما لسفرائه الفارسيين، كما أنّه كان يعتقد أنّ بقاء أثينا دون عقاب بعد معركة ماراثون قد يشجع مدناً أخرى على فعل المثل.

لذلك بدأ داريوس في تكوين جيش جديد ضخم أراد به إخضاع اليونان بالكامل؛ لكن في عام 486 قبل الميلاد، ثار المصريون ضد الفرس وانطلقوا في تمرد خطير؛ ما أدى إلى تأجيل أي غزو الى اليونان إلى أجل غير مسمى، قبل أن تنهي وفاة داريوس أحلام الفرس في إسقاط الحضارة اليونانية.

وبعد انتصار جيش اليوناني في ماراثون، بدأت المدن اليونانية التي وقعت تحت سيطرة الفرس في الاستقلال واحدةً تلو الأخرى.

تحميل المزيد