ثورة الزعفران بميانمار والحركة الخضراء في إيران.. لماذا اختارت هذه الشعوب الألوان للتعبير عن مطالبها في ثوراتها؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/04 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
الثورات الملونة /istock

على مرّ العصور تبنّت العديد من الحركات الثورية والاحتجاجات في جميع أنحاء العالم لوناً معيناً للتعبير عن أهدافها، أو إيصال رسالة ما لحكومتها أو العالم بأسره، لتُعرف باسم "الثورات الملوّنة". وقد تحدثنا في مادة سابقة بالتفصيل عن ثورة البرتقال في أوكرانيا عام 2004، التي تزينت بأعلام باللون البرتقالي.

لكن الثورة الأوكرانية ليست الوحيدة، فمن اللون الأسود والأصفر في هونغ كونغ، إلى الأخضر في الاحتجاجات الجماهيرية في إيران، تعرّف معنا في هذا التقرير على بعض "الثورات الملونة" التي اتَّخذت من الألوان رمزاً لإيصال رسالتها.

الثورات الملونة
الثورات الملونة /istock

ملابس سوداء ومظلات صفراء في هونغ كونغ 

في عام 2014، قامت احتجاجات في هونغ كونغ، مطالبةً حكومة المنطقة الإدارية الخاصة بإجراء إصلاحات انتخابية، ما يُتيح انتخاب الرئيس التنفيذي وأعضاء المجلس التشريعي بطريقة ديمقراطية وشفافة.

عُرفت الحركة باسم "ثورة المظلات"، بسبب استخدام المظلات الصفراء كأداة مقاومة لرذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع الذي استخدمته شرطة هونغ كونغ لتفريق الحشد خلال الاحتجاجات في المدينة، التي استمرت لمدة 79 يوماً، مطالبةً بانتخابات ديمقراطية أكثر شفافية في البلاد.

وفي عام 2019 في هونغ كونغ، بدأت حركات احتجاج جديدة عُرفت باسم "حركة مشروع تعديل قانون مناهضة تسليم المجرمين". وكانت عبارة عن سلسلة من المظاهرات التي خرجت رداً على تعديل مشروع قانون بشأن تسليم المجرمين. 

قام المتظاهرون في هذه الحركة بشلّ حركة المطار وأجزاء كاملة من العاصمة باحتجاجات حاشدة، وهم يرتدون اللون الأسود للتعبير عن الحزن. أما الأشخاص الموالون لحكومتهم آنذاك فقد كانوا يرتدون ملابس بيضاء، وخرجوا في مسيرات دعماً لها.

الحركة الخضراء في إيران

في يونيو/حزيران 2009، تظاهر عشرات الآلاف من الإيرانيين في جميع أنحاء البلاد، متهمين النظام بتزوير نتائج الانتخابات السابقة. كان رد الحكومة قاسياً، وواجهت الميليشيات التابعة للنظام الحاكم المتظاهرين العُزل بالسلاح، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى واعتقال حوالي 4000 شخص.

تعمدت حركة المعارضة الإيرانية اختيار اللون الأخضر، الذي يُعتبر لون الإسلام والسلام، وقد صوّر الكثيرون الأحداث في شوارع طهران بهواتفهم المحمولة، وقام المخرج الإيراني علي صمدي الهادي، الذي فر إلى ألمانيا في عام 1985، بإخراج الفيلم الوثائقي "الموجة الخضراء" في عام 2010، مستعيناً بالفيديوهات والصور التي التُقطت باستخدام الهواتف المحمولة.

العلم الإيراني /istock

ثورة الزعفران في ميانمار

أدّى قرار الحكومة العسكرية برفع أسعار النفط والغاز في جمهورية اتحاد ميانمار عام 2007 إلى استياء واسع النطاق، بلغ ذروته في نهاية المطاف في ثورة الزعفران التي لم تدُم طويلاً.

شارك الرهبان البوذيون بشكل أساسي في هذه الاحتجاجات، وكان لون الزعفران يرمز إلى اللون التقليدي لردائهم.

في البداية، أظهرت الحكومة مرونة مفاجئة في ردها الصامت على الاحتجاجات، ومع ذلك سرعان ما تحول مضمون الاحتجاجات، وأصبحت ذات طابع سياسي أكثر.

قام الرهبان بوقفة احتجاجية عند منزل أونغ سان سو كي، زعيمة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية المعارضة، التي كانت رهن الإقامة الجبرية، ودعوا إلى تشكيل حكومة ديمقراطية. ورداً على هذا التحدي، رد الجيش بوحشية وهاجم المتظاهرين الرهبان.

تم توثيق هذه الاعتداءات من قِبل المتفرجين الذين استخدموا الهواتف المحمولة وكاميرات الفيديو المحمولة لتوثيق الأحداث. وعلى الرغم من جهود الحكومة لفرض الرقابة على هذه الصور من خلال إغلاق الإنترنت في ميانمار، فإنها سُربت وتمكنت من الوصول إلى أجهزة التلفزيون عبر الأقمار الصناعية، وتم بث هذه الصور لاحقاً في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى احتجاج دولي.

الثورات الملونة
تماثيل للرهبان في مقدونيا /istock

الثورة الملونة الحمراء في مقدونيا

بدأت الاحتجاجات في جمهورية مقدونيا في اليوم الذي أعلنت فيه الحكومة قراراً بالعفو عن السياسيين المتهمين بارتكاب جرائم، والذين كانوا لا يزالون قيد التحقيق في أعقاب فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، في أبريل/نيسان عام 2016. 

طالبت الاحتجاجات بعزل الرئيس جورجي إيفانوف، الذي اتُّهِم بالتنسيق مع الحزب الحاكم لحماية مسؤوليه من الملاحقة القضائية، والذي وصفه النقاد والمواطنون على حد سواء بأنه إجراء غير دستوري.

تميزت الثورة بسلميتها وابتعادها عن العنف، فقد بدأ الناس في الظهور بمسدسات كرات الطلاء والتوجه إلى بورتا مقدونيا، وهو قوس نصر أقيم في الفترة من 2011 إلى 2012 لتلوين المباني والجدران.

عرفت الثورة على أنها "ثورة ملونة" حمراء، بسبب قيام المتظاهرين برمي كرات من الطلاء بألوان مختلفة، يغلب عليها الأحمر، على المباني الحكومية في العاصمة سكوبيه، علاوة على رفع أعلام حمراء، كرد على اللون الرمادي الذي يمثل القمع والاستغلال، الذي كانت تفرضه الحكومة منذ سنوات.

وقد شبه الكثيرون ألوان الجدران والمباني بلوحات بقع الألوان الشهيرة للرسام جاكسون بولوك.

انتهت الاحتجاجات عندما وافقت الحكومة على القيام بانتخابات برلمانية جديدة، وتحققت بعض مطالب الثورة، لكنها لم تستطع خلع الرئيس المقدوني جورجي إيفانوف من السلطة.

علم مقدونيا /istock

ثورة الفلبين الصفراء

كانت ثورة قوة الشعب، المعروفة أيضاً باسم الثورة الفلبينية عبارة عن سلسلة من المظاهرات الشعبية، التي بدأت في عام 1983، وبلغت ذروتها في عام 1986. 

كما أنها عُرفت أيضاً باسم "الثورة الصفراء"؛ نظراً لأن المتظاهرين حملوا شرائط صفراء أثناء الاحتجاجات، في إشارة إلى أغنية توني أورلاندو وفون "اربط الشريط الأصفر حول شجرة البلوط الأولى"، كرمز للاحتجاج بعد اغتيال السيناتور الفلبيني بنينو أكينو، في أغسطس/آب 1983، عند عودته إلى الفلبين من المنفى.

كانت الثورة بمثابة حملة متواصلة من المقاومة المدنية ضد عنف النظام والتزوير الانتخابي.

وانتهت الثورة بانتصار للشعب ضد النظام الاستبدادي القمعي، الذي استمر لمدة 20 عاماً للرئيس الحاكم آنذاك، فرديناند ماركوس، واستعادة الديمقراطية في البلاد، كما تصدّرت عناوين الأخبار على أنها "الثورة التي فاجأت العالم".

تحميل المزيد