عندما نُقارن القدرات العسكرية الأوكرانيّة بالقدرات الروسيّة، من الواضح أن هناك فرقاً شاسعاً بين البلدين، ومن الاستحالة تقريباً أن تقاوم كييف وحدها هجوماً واسع النطاق للقوات الروسيّة.
لكن فيما يتعلق بالنفوذ السياسي، أظهر الأوكرانيون هيمنتهم عندما سيطروا على الحياة السياسية في الدولة السابقة لروسيا في الاتحاد السوفييتي.
قادة الاتحاد السوفييتي من أصل أوكراني
حكم الاتحاد السوفييتي بين عامي 1922 و1991 وقاد زعماء من أصل أوكراني البلاد لأكثر من نصف ذلك الوقت، حتى إنّ فلاديمير بوتين اعترف بنفوذ الأوكرانيين القوي على السوفييت عندما كتب في العام 2021 مقالاً بعنوان "حول الوحدة التاريخية للروس والأوكرانيين" في إشارة إلى الاتحاد السوفييتي.
وقال بوتين فيها: "يكفي أن نقول إن نيكيتا خروتشوف وليونيد بريجنيف، اللذين ارتبطت سيرتهما الحزبية ارتباطاً وثيقاً بأوكرانيا، قادا الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي (CPSU) لما يقرب من 30 عاماً".
بعيداً عن القيادة السوفييتية، يتضح التأثير التاريخي الأوكراني على روسيا بطريقة لا يمكن إنكارها، بسبب حقيقة أن كييف كانت عاصمة الدولة الروسية الأولى في التاريخ، والتي يعود تاريخها إلى القرن التاسع.
فيما كان الروائيون الأوكرانيون مثل نيكولاي غوغول وتاراس بولبا، مصدر إلهام كبيراً للعديد من الأجيال الروسية لعدة قرون.
فيما يلي قائمة بالأوكرانيين الذين قادوا الاتحاد السوفييتي في الماضي.
1- ليون تروتسكي
وُلد تروتسكي واسمه الحقيقي ليف دافيدوفيتش برونشتاين في خيرسون أوبلاست في جنوب أوكرانيا وشمال شبه جزيرة القرم في العام 1879.
كان تروتسكي ماركسياً بارزاً وأحد زعماء ثورة أكتوبر/تشرين الأول في روسيا عام 1917 إضافة إلى الحركة الشيوعية العالمية في النصف الأول للقرن الماضي ومؤسس المذهب التروتسكي الشيوعي بصفته إحدى فصائل الشيوعية الذي يدعو إلى الثورة العالمية الدائمة.
يعتبر تروتسكي أيضاً مؤسس الجيش الأحمر، كما أنه عضو المكتب السياسي في الحزب البلشفي إبان حكم لينين الذي عينه وزيراً للخارجية عندما أسس حكومته البلشفية الأولى عام 1917 ولغاية 1918، بعد ذلك تسلم تروتسكي وزارة الدفاع من 1918 لغاية 1925.
اعتقد أغلب الشعب الروسي أن تروتسكي سوف يخلف لينين في رئاسة الحزب، ولكن ستالين كان ذا سلطة قوية أيضاً فانتصر في النهاية هازماً تروتسكي.
لم يحضر تروتسكي جنازة لينين لعدم تواجده في المدينة وقتها، فتم إعفاء تروتسكي من عضوية المكتب السياسي في الحزب البلشفي بتهمة النشاط المعادي للحزب، قبل أن ينفى من الحزب الشيوعي من قبل ستالين.
في العام 1929، تم تهجيره إلى خارج الاتحاد السوفييتي إلى مدينة آلما آتا في آسيا الوسطى، ثم إلى تركيا.
وفي عام 1937 أقيمت محاكمة له في الاتحاد السوفييتي وصدر بحقه حكم الإعدام الغيابي، ووجّهت إليه تهمة الخيانة العظمى، قبل أن يتم اغتياله في المكسيك في العام 1940.
2- نيكيتا خروتشوف
وُلد خروتشوف في قرية كالينفوكا التابعة حالياً لروسيا والقريبة من الحدود الأوكرانية، لكنه نشأ في شرق أوكرانيا.
بمرور الوقت، أصبح خروتشوف رئيساً للجمهورية الاشتراكية السوفييتية الأوكرانية.
وبعد وفاة جوزيف ستالين، عزَّز سلطته وقاد الدولة السوفييتية بين عامي 1953 و1964 وفقاً لما ذكره موقع History التاريخي.
وبينما كان خروتشوف روسياً عرقياً، وقع في حب أوكرانيا، وهناك دليل واضح على ذلك وهو نقل الإدارة الإقليمية لشبه جزيرة القرم من جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفييتية، وهو ما حدث في عهد خروتشوف.
كان نقل القرم إلى أوكرانيا خطوة مثيرة للجدل، وأثارت غضب الكثيرين، وتم تسليم المنطقة في عام 1954.
كان خروتشوف معروفاً أيضاً بسياسة نزع الستالينية عن السوفييت. كجزء من نزع الستالينية، عارض أيضاً سياسة ستالين الخاصة بفرض اللغة الروسية "الترويس"، مما سمح بانتقادها في دوائر السلطة الشيوعية.
توفي خروتشوف في 11 سبتمبر/أيلول 1971 بعد أزمة قلبيّة.
3- ليونيد بريجنيف
وُلد بريجنيف ونشأ في وسط أوكرانيا، كما ذكرت بعض الوثائق السوفييتية الرسمية مثل جواز سفره أن أصله العرقي أوكراني وفقاً لما ذكرته شبكة TRT World التركيّة.
كان بريجنيف أحد أنصار خروتشوف وحكم الدولة السوفييتية بين عامي 1964 و1982، وهو ثاني أطول زعيم شيوعي في الولاية بعد ستالين.
تحت قيادته، كان هناك العديد من الأوكرانيين يشغلون مناصب عليا من وزارة الدفاع إلى الـKGB لجنة أمن الدولة السوفييتية.
خلال فترة ولايته، وصل السوفييت إلى مستوى مساوٍ للولايات المتحدة من حيث الطاقة النووية، كما اكتسبت موسكو أيضاً قدراً كبيراً من النفوذ على وسط وشرق أوروبا.
بينما ساعد نهج بريجنيف السوفييت على تحسين مكانتهم الدولية، أدت أجندته المناهضة للإصلاح إلى التدهور في نهاية المطاف، وهي حقبة تعرف باسم ركود بريجنيف.
بعد عام 1975، انسحب في الغالب من السياسة النشطة بسبب تدهور صحته، قبل أن يتوفى في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1982.
4- قسطنطين تشيرنينكو
كان تشيرنينكو أوكرانياً آخر وصل أيضاً إلى المراتب العليا للسلطة السوفييتية.
قاد الدولة الشيوعية لفترة وجيزة خلفاً ليوري أندروبوف من 1984 إلى 1985، بعد أن ارتقى في صفوف الحزب الشيوعي بفضل مساعدة الأوكراني الآخر بريجنيف.
نهاية حقبته كانت بسبب وفاته في 10 مارس/آذار 1985، أي بعد 15 شهراً فقط من تسلمه السلطة.
5- ميخائيل غورباتشوف
غورباتشوف، الذي تنحدر عائلته من أصول أوكرانية وهاجرت من تشيرنيهيف، وهي مدينة في شمال أوكرانيا، خلف تشيرنينكو كأمين عام تالٍ للحزب الشيوعي السوفييتي الحاكم.
أسس غورباتشوف مكتب رئيس الاتحاد السوفييتي في عام 1990، وكان آخر رئيس للسوفييت، وأشرف على تفكيك القوة الشيوعية العظمى في العالم وهو سبب حصوله على جائزة نوبل للسلام عام 1990.
في المجموع، كان غورباتشوف قد حكم السوفييت من عام 1985 إلى عام 1991.
وبينما يحظى غورباتشوف بالإعجاب والإشادة من قبل الكثيرين في العالم الغربي وبعض الجمهوريات السوفييتية السابقة بسبب سياساته الجلاسنوست (الانفتاح) والبريسترويكا (إعادة الإعمار)، فإنه لا يزال شخصية مثيرة للجدل في روسيا اليوم.
ترشح للانتخابات الرئاسية عام 1996، وحصل على 0.5% من إجمالي الأصوات.
قدم غورباتشوف، وهو إصلاحي ومؤيد للديمقراطية، انتقادات من حين لآخر لسياسات بوتين، واصفاً حزب روسيا الموحدة الذي يتزعمه الرئيس بأنه "يجسد أسوأ السمات البيروقراطية للحزب الشيوعي السوفييتي".
منعت أوكرانيا غورباتشوف من دخول البلاد بعد أن كشف عن دعمه لضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
قد يهمك أيضاً: لماذا يكره الشعب الأوكراني الحكومة الروسية؟ 3 أحداث تاريخية قد تفسر الأمر