إذا سألت معظم الأمهات عن أعز شخص في حياتها، أو ذلك الشخص الذي تفديه بحياتها، لن تفكر ثانيةً وستخبرك: أبنائي. نعم؛ هناك أمهات فطرتهن مختلفة، لكن ليس إلى درجة ما فعلته السيدة الأمريكية أندريا يتيس، تلك الأم التي أغرقت أطفالها الخمسة لإنقاذهم من الشيطان!
الأكثر قسوة وغرابةً في هذا المشهد أنه بعدما أغرقت السيدة أطفالها الخمسة في حوض الاستحمام الخاص بالعائلة، اتصلت بالشرطة وانتظرت وصولها، بينما كانت متخيلةً أنها أنقذت أطفالها وحمتهم من خطايا الشيطان بقتلهم، إذ اعتقدت أنَّها وأطفالها متجهون إلى نيران الجحيم، ولا سبيل لإنقاذهم إلا بالقتل.
هذه القضية الغريبة والمناقضة للفطرة الإنسانية لفتت الانتباه إلى قضايا الصحة العقلية بشكل ما، إذ عانت أنديرا من مشكلات عقلية ونفسية لم يلاحظها أحد، إذ عانت من الشره المرضي العصبي والأفكار الانتحارية في فترة المراهقة، وبوصولها سن الرشد كانت تعاني من الاكتئاب والتفكير الوهمي والفصام.
أندريا يتيس عاشت حياة عادية ومستقرة
أندريا (وُلدت عام 1964) عاشت حياة مستقرة لكن ليس على المستوى النفسي كما يبدو؛ إذ درست أندريا حتى تخرجت في كلية التمريض بجامعة تكساس (عام 1986)، وكانت من الطلاب المتفوقين، وكذلك كانت قائدة فريق السباحة في المدرسة الثانوية، لكنها على المستوى النفسي عانت من اضطراب في الأكل، وراودتها أفكار انتحارية.
قابلت أندريا صديقها راسل يتيس أثناء عملها كممرضة معتمدة، كانا يبلغان من العمر 25 عاماً وقتها، نشأ بينهما حب وقررا سريعاً الانتقال للعيش سوياً، وبعد 4 سنوات على علاقتهما تزوجا (1993)، ولأنهما أحبا فكرة أن ينجبا الكثير من الأبناء دون تأجيل، أنجب الزوجان 4 أولاد وفتاة واحدة في الـ7 سنوات التالية.
لكنها أيضاً عانت مرضاً نفسياً
تطورت مشاكل أندريا النفسية بعد مرحلة المراهقة، خصوصاً مع زواجها وولادة أبنائها، إذ كانت تصاب مع كل ولادة بنوبة جديدة أكثر حدة من اكتئاب ما بعد الولادة، وهو ما جعل الطبيب يصف لها دواء مضاداً للاكتئاب في عام 1999، مع ولادة ابنها الرابع.
لكن أندريا استغلت الأدوية المضادة للاكتئاب بشكل سلبي، إذ تناولت عمداً جرعة زائدة من الدواء مضاد الاكتئاب، ما أدَّى إلى دخولها في غيبوبة لمدة 10 أيام، وبعد أيام من إفاقتها، شاهدها زوجها تضع سكيناً على رقبتها، كما حاولت الانتحار مرة لاحقة.
كانت طبيبة الأمراض العقلية التي تتابع حالة أندريا تعتقد أنها واحدة من بين أشد 5 حالات مرضية تعاملت معها، وكتبت لها أدوية شديدة بينها عقار "هالدول" المضاد للذهان، كما أشار موقع شبكة History الأمريكية. تحسنت حالة أندريا لفترة، حيث مارست الرياضة، واهتمت بتدريس أبنائها.
وأفكار دينية متطرفة!
وَصَّف موقع All That's Interesting الأمريكي أفكار أندريا الدينية بالتطرف، ويبدو أنها كانت عاملاً مؤثراً في ارتكاب جريمتها، فكانت تؤمن أن الاستقامة الدينية لا يمكن الوصول لها إلا بعيش حياة التقشف، فانتقلت للعيش مع زوجها في شاحنة تخييم، وبدأت تعليم أطفالها منزلياً، كما كانت أندريا مقتنعة أن المرأة أصل الخطيئة وأنَّ الأمهات المحكوم عليهن بالجحيم سيرون أطفالهن يحترقون في نيران الجحيم.
كانت أندريا وزوجها يحرصان على التدين المسيحي، إذ سمت كل طفل من أبنائها على اسم شخصية إنجيلية، فكان طفلهما الأول اسمه نوح، ويوحنا، وبولس، ولوقا، وماري.
إنجاب خامس أطفالها ثم قتلهم جميعاً!
أطباء أندريا النفسيون نصحوها بعدم إنجاب مزيد من الأبناء، خصوصاً مع تطور وضع الاكتئاب لديها، لكنها تجاهلت ذلك وأنجبت ابنتها ماري في عام 2000، وهنا قررت العائلة تكبير منزلهم من شاحنة متنقلة إلى منزل متواضع في مدينة كلير ليك، بولاية تكساس.
بعد أشهر ساء وضع اكتئاب أندريا، حتى إنها رفضت إطعام أولادها ورعايتهم، وقد نقلت إلى المستشفى عدة مرت، ثم قررت فجأة التوقف عن تناول عقار "هالدول" المضاد للذهان، وبعد 3 أسابيع بالضبط ارتكبت جريمتها المروعة.
في صباح يوم 20 يونيو/حزيران 2001، ذهب راسل إلى عمله، على أن تأتي والدته بعد ساعة لتتولى رعاية الأطفال، لكن في هذه الساعة قامت أندريا بإغراق أطفالها؛ إذ أعدت حبوب الإفطار لأطفالها الأربعة الأكبر عمراً، ثم أخذت ابنتها الأصغر، ماري، البالغة من العمر 6 أشهر وأغرقتها في حوض الاستحمام، الذي ملأته بالماء البارد، تاركة جسدها طافياً في حوض الاستحمام.
ثم عادت أندريا إلى المطبخ واصطحبت بقية أطفالها، واحداً تلو الآخر، إلى حوض الاستحمام وأغرقتهم فيه. حاول ابنها الأكبر، نوح، الركض عندما رأى جسد أخته طافياً، لكن الأم حملته رغماً عنه إلى حوض الاستحمام وأغرقته فيه أيضاً.
تركت أندريا نوح في حوض الاستحمام ووضعت شقيقته ماري على السرير، ثم اتصلت بالشرطة، وبعدها اتصلت بزوجها وطلبت منه العودة إلى المنزل.
اعتراف الأم بقتل أبنائها
بعد إلقاء القبض عليها؛ اعترفت أندريا بأنَّها انتظرت مغادرة زوجها حتى تغرق أطفالها الخمسة في حوض الاستحمام، حتى أنَّها حبست كلب العائلة في البيت المُخصّص له في ذلك الصباح لمنعه من التدخل.
وبررت ما فعلته بأن "أطفالها لن يكونوا أتقياء عندما يكبرون، لذا فإنَّ قتلهم قبل أن يرتكبوا آثاماً وخطايا سينقذهم من الجحيم".
كان راسل داعماً لزوجته حتى بعد جريمتها، وألقى باللوم على المرض العقلي الحاد وانتقد أطباءها أيضاً لفشلهم في علاج حالتها بشكل صحيح. بدوره، تعرض لانتقادات لأنه ترك زوجته بدون إشراف في الوقت الذي قتلت فيه أطفالهما، عندما نصحه الأطباء بعدم القيام بذلك.
في محاكمتها عام 2002، جادل محامو ييتس بأنها كانت مجنونة، بينما اتهم الادعاء بأن حالتها لا تتطابق مع "تعريف تكساس" للجنون؛ لأنها كانت قادرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وبعد المداولة لأقل من أربع ساعات، وجدت هيئة المحلفين أنها مذنبة، وحُكم عليها بالسجن مدى الحياة.
أما زوجها الذي كان داعماً في البداية، قدم دعوى للطلاق في عام 2004، ثم تزوج مرة أخرى بعد عامين.
وبالنسبة لأندريا، فقد نقضت محكمة استئناف في تكساس الإدانة ومنحتها فرصة لمحاكمة جديدة في عام 2005، بعد أن تبين أن شاهد الادعاء، وهو طبيب نفسي، أدلى بشهادة زور أثرت على قرار هيئة المحلفين، وبعد عامٍ من المداولات وجدت هيئة المحلفين أن ييتس غير مذنبة بسبب جنونها.
منذ ذلك الوقت، تلزم أندريا الإقامة في مستشفى للأمراض العقلية في ولاية تكساس، ولا تزال مسألة الإفراج المشروط عنها يعاد النظر فيها كل عام حتى يومنا هذا وفق جدول زمني للمحاكمات نشرته شبكة CNN الأمريكية.
قد يهمك أيضاً: "الأم المنتقمة".. تعرفوا على ماريان باخماير الألمانية التي أطلقت الرصاص على قاتل ابنتها خلال محاكمته