بعدما شيّع مئات الفلسطينيين من سكان مدينة اللد، يوم الثلاثاء 11 مايو/أيار، شاباً يبلغ 25 عاماً قتله مستوطن إسرائيلي، انتشرت المظاهرات والاشتباكات بينهم وبين القوات الإسرائيلية، وخرجت الأمور عن سيطرة القوات الإسرائيلية، ما جعلها تعلن حالة طوارئ في المدينة لأوّل مرّة منذ عام 1966.
كانت المظاهرات قد بدأت في مدينة اللد وغيرها من مدن أراضي 48، دعماً لأهالي القدس والتطورات الأخيرة الحاصلة بعد قضية تهجير الفلسطينيين من بيوتهم في حيّ الشيخ جرّاح.
اشتعلت الاحتجاجات أكثر بعدما قتل الشاب على يد مستوطن إسرائيلي، فأعلنت الحكومة حالة الطوارئ، بعدما فقدت الشرطة الإسرائيلية السيطرة على ما يحدث في المدينة، وفق ما عبّرت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية. ما جعل الحكومة الإسرائيلية تُخلي بعض الإسرائيليين من منازلهم مساء الثلاثاء 11 مايو/أيار.
كما أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس تعليماته بتخصيص "جميع سرايا شرطة حرس الحدود المكلفة بمهام عسكرية للمساعدة الفورية في مدينة اللدّ وبقية مدن 48. كما أنّ وزير الأمن الداخلي مركز 16 سرية شرطة في مدينة اللد وحدها.
مدينة اللدّ التي "دوّخت" إسرائيل
مدينة اللد تقع على بعد 38 كم شمال غرب مدينة القدس، وعلى مسافة 16 كم جنوب شرق يافا، وعلى بعد 5 كم فقط شمال شرق الرملة، ولقربها من الرملة فقد عرفا دائماً مرتبطين ببعضهما "اللد والرملة".
لوقوعها بينهما فقد سيطرت المدينة في الماضي على خط سكك حديد يافا- القدس، كما سيطرت على الطرق الرئيسية الذاهبة للقدس من ناحية المتوسّط. وتبلغ مساحتها حوالي 12.2 كم2.
تاريخياً، تحرّك اقتصاد المدينة عبر الزراعة والتجارة، فاللد مدينة زراعية وتقع ضمن أراضٍ زراعية خصبة، وبطبيعة وجود الزراعة فقد أثّر ذلك على عملية التجارة، بالإضافة إلى موقعها المتمركز إلى الغرب من القدس.
ويسكنها اليوم يهودٌ إلى جانب العرب، فبعد وقوع مدينة اللد في قبضة القوات الإسرائيلية عام 1948 تمّ تهجير الكثير من السكان الفلسطينيين، وهكذا أصبح العرب ربع سكان اللد فقط تقريباً، ووفقاً للتعداد السكاني عام 2011 فقد وصل عدد سكانها إلى 70 ألف نسمة.
مدينة اللد في التاريخ.. حرَّرها الظاهر بيبرس من الصليبيين
مدينة اللد من مدن فلسطين القديمة، وقد توالى على حكمها دول كثيرة وحضارات عديدة، ليس فقط باعتبار موقعها الجغرافي الذي جعلها ملتقى للطرق الرئيسية في المنطقة، وإنما لقربها ولكونها المدخل الشمالي الغربي لمدينة القدس.
كانت مدينة اللد تسمّى في عصر تحتمس الثالث الفرعوني باسم "رتن"، بينما سميت في عهد الرومان باسم "ديوسبوليس". وبعد الفتح الإسلامي كانت عاصمةً لجند فلسطين، وفي العصر الأموي كان سليمان بن عبدالملك والياً لها (ومدن فلسطينية أخرى) قبل أن يصبح الخليفة، وقد اتّخذ من مدينة اللدّ عاصمةً لولايته تلك.
كانت مدينة اللدّ مثل غيرها من مدن فلسطين وساحل الشام على موعدٍ من الغزو الصليبي، ففي عام 1099 جاءت الحملة الصليبية الأولى من أوروبا إلى ساحل الشام وبلاد الأناضول، وأسّست 4 ممالك في المشرق الإسلامي، من ضمنهم مملكة بيت المقدس، وقد كانت أكبر ممالك الصليبيين في بلاد الشام.
ظلّت مدينة اللدّ تحت الاحتلال الصليبي طيلة 167 عاماً، ورغم أنّ صلاح الدين قد حرّر بيت المقدس في معركة حطين الشهيرة عام 1187، فقد ظلّت مدينة اللدّ تحت السيطرة الصليبية، حتّى حررها الظاهر بيبرس في إحدى حملاته القوية على بلاد الشام عام 1267.
ومن حينها عادت مدينة اللد لطبيعتها العربية الإسلامية، وظلّت هكذا حتّى عام 1917، وتحت أحداث الحرب العالمية الأولى انسحب الجيش العثماني من المدينة عام 1917، فدخلت تحت الانتداب البريطاني، هي وبقية فلسطين.
وفي عام 1948 وقعت مدينة اللد تحت السيطرة الإسرائيلية، وشهدت موجة نزوح ضخمة من سكانها العرب، وفي مقابلهم استوطنت أعدادٌ كبيرة من اليهود ليصبحوا هم الأغلبية في المدينة بعد ذلك.