ما الذي فعله رؤساء الولايات المتحدة بعد ترك مناصبهم؟ ما شكل الحياة بعد البيت الأبيض؟ ماذا يفعل رئيس أهم دولة بعدما يترك أهم منصب في بلاده؟
موقع History Extra البريطاني المهتم بالمواضيع التاريخية قدم لنا الإجابة من تاريخ رؤساء أمريكا السابقين.
ما الذي فعله رؤساء الولايات المتحدة بعد ترك مناصبهم؟
1- الذهاب للصيد
كانت الحيوانات في إفريقيا في حالة استنفار شديدة عندما غادر الرئيس الأمريكي السادس والعشرون ثيودور روزفلت منصبه عام 1909. في ذلك العام شرع ثيودور في رحلة صيد وجمع طويلة لمدة عام مع ابنه كيرميت، وعلماء من مؤسسة سميثسونيان وأكثر من 200 حمال.
كان اسم تيدي روزفلت قد أُطلق على لعبة محشوة شهيرة (دببة تيدي) بعد أن رفض قتل دبّ في عام 1902 أثناء رحلة صيد، لكنه كان أقل خجلاً في اصطياد الحيوانات بعد سبع سنوات من تلك الحادثة.
قام الرئيس الأسبق ورفاقه، الذين سافروا بالقوارب والقطار والقافلة في جميع أنحاء شمال شرق القارة، بصيد الأفيال ووحيد القرن وأفراس النهر والثعابين والحمار الوحشي والقرود ومخلوقات أخرى مختلفة، وأحضروا العديد من جثثها المحنطة إلى أمريكا للدراسة العلمية. في أواخر عام 1913، شرع المغامر روزفلت في رحلة استكشافية أخرى، هذه المرة لمدة سبعة أشهر في أمريكا الجنوبية.
2- العمل في المزرعة
لم يكن الرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن يحب شيئاً أفضل من الاعتناء بمزرعته ماونت فيرنون في فيرجينيا. بعد تحقيق النصر في حرب الاستقلال عام 1783، كان جورج واشنطن يأمل في أن يعيش بقية حياته كمزارع نبيل.
وبعدها بست سنوات، تولى منصب الرئاسة ببعض التردد. حتى خلال الفترة التي قضاها في المنصب، نادراً ما كانت الزراعة بعيدة عن ذهنه، ففي إحدى رسائله التي تعود لعام 1795 إلى توماس جيفرسون، على سبيل المثال، ناقش كيف "يمكن استخدام الحنطة السوداء بشكل مفيد كسماد".
وعند تقاعده من الرئاسة عام 1797، سارع واشنطن بالعودة إلى مزرعة ماونت فيرنون، التي كانت مهملة إلى حد ما في غيابه. توفي جورج واشنطن بعد ذلك بعامين على إثر قيامه بجولة حول مزرعته أثناء عاصفة ثلجية بعد فترة من مرضه.
3- محاربة العبودية
كان جون كوينسي آدامز الرئيس الأمريكي الوحيد الذي دخل مجلس النواب، حيث اُنتخب في عام 1830، بعد عام من انتهاء فترة ولايته. أمضى جون آدامز الرئيس الأمريكي السادس السنوات الـ17 التالية في المنزل، وحصل في النهاية على لقب "العجوز الفصيح".
كانت القضية الأكثر ارتباطاً به هي محاربة العبودية. من المعروف أن آدامز تحدى قاعدة الحجر سيئة السمعة التي كانت تحظر على الكونغرس مناقشة أي التماسات تتعلق بالعبودية والاسترقاق عام 1836. استمر آدامز في تقديم المزيد والمزيد من الالتماسات، المرسلة إليه من قبل دعاة إلغاء الرقّ، حتى استسلم الكونغرس وألغى القاعدة في عام 1844. ذهب آدامز أيضاً إلى المحكمة العليا في عام 1841 للدفاع عن العبيد الأفارقة الذين تمردوا ضد أسيادهم في سفينة الأميستاد. بفضل تدخل الرئيس السابق جزئياً، حصل المتهمون على حريتهم.
4- الوقوع في الحب
وصف ثيودور روزفلت الرئيس الأمريكي الثالث والعشرين بنجامين هاريسون بأنه "سياسي من إنديانابوليس قاسي وضيق الأفق ومتحيز وعنيد ومتردد وخجول". ومع ذلك، لا بد أن هاريسون كان يتمتع ببعض السحر لأنه في عام 1896، بعد ثلاث سنوات من تركه للرئاسة، تزوج ماري ديميك التي كانت أصغر منه بـ25 عاماً.
توفيت زوجة هاريسون الأولى كارولين بسبب مرض السل قبل أسبوعين من محاولته الفاشلة لتأمين فترة ولاية رئاسية ثانية في عام 1892، ولم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ علاقة عاطفية مع ماري، التي كانت مساعدة كارولين وابنة أخيها. أصيب طفلا الرئيس الأسبق البالغ من العمر 62 عاماً وقتئذ بالرعب من من خبر زواج الأب، ورفضا حضور حفل الزفاف في نيويورك.
عند وفاة هاريسون عام 1901، أعطى الجزء الأكبر من ممتلكاته البالغة 400 ألف دولار لزوجته وابنتهما إليزابيث (من مواليد 1897)، تاركاً القليل لنسله الأكبر. بقت ماري على قيد الحياة بعد وفاة زوجها لما يقرب من نصف قرن وتوفيت في عام 1948 في عهد هاري ترومان أثناء بدء الحرب الباردة.
5- تأسيس جامعة
كانت المساعي العلمية تمثل "مصدر بهجة كبرى" للرئيس الأمريكي الثالث توماس جيفرسون، لكن "فظائع العصر" التي عاش فيها أجبرته على الدخول في الساحة السياسية. بعد أن ترك منصب الرئاسة عام 1809، تمكن جيفرسون من تكريس حياته بشكل كامل للتعليم.
كان أفضل إنجاز له هو تأسيس جامعة فيرجينيا عام 1819، وقد صمم جيفرسون كل من المناهج الدراسية ومباني الجامعة، والتي تضمنت قاعة مستديرة كبيرة على غرار مبنى البانثيون في روما.
6- معالجة مشاكل العالم والحصول على جائزة نوبل
قال الرئيس الأمريكي التاسع والثلاثون جيمي كارتر في عام 2005، بعد ربع قرن من هزيمته الشديدة على يد رونالد ريغان "لا أستطيع أن أنكر أن أدائي كرئيس أسبق أفضل مما كنت رئيساً فعلياً للولايات المتحدة".
ثم بخيبة أمل بسبب الفشل النسبي في الفترة التي قضاها في منصبه، ألقى كارتر بنفسه في العمل الدبلوماسي والإنساني من خلال مركز كارتر الذي أنشأه في عام 1982.
منذ ذلك الحين، توسط كارتر في النزاعات في جميع أنحاء العالم وحصل على جائزة نوبل للسلام لجهوده. ربما كان أعظم إنجازاته هو القضاء على داء دودة غينيا، الذي أصاب ذات يوم ملايين الأفارقة. لم يكن عمله بعد الرئاسة خالياً من الجدل، لكن كارتر كان من بين قلة من القادة السابقين الذين تباهوا بمهنتهم بعد منصب الرئاسة.
7- كتابة مذكراته
كانت رئاسة جيمس بوكانان بمثابة كارثة. فشل الرئيس الأمريكي الخامس عشر في التوفيق بين الشمال والجنوب المتناحرين وفي الأشهر الأربعة بين انتخاب أبراهام لنكولن ورحيل بوكانان في مارس 1861، انفصلت عدة ولايات جنوبية، ما مهد الطريق للحرب الأهلية. كتب بوكانان لخلفه في الرئاسة قائلاً: "سيدي العزيز، إذا كنت سعيداً بدخول البيت الأبيض مثلما أنا سعيد بمغادرته، فأنت رجل سعيد جداً حقاً".
ومع ذلك، كان بوكانان يكره قبول النقد الموجه إليه بسبب طريقة تعامله مع الأزمة. في عام 1866، أنتج أول مذكرات رئاسية لبوكانان عن "إدارة السيد بوكانان لليلة التمرد"، والتي هدفت للدفاع عنه. لقد كانت المذكرات بمثابة جهداً جريئاً ولكنه فشل إلى حد كبير في استعادة سمعته، حيث أكد استطلاع أجري عام 1962 للمؤرخين والذي صنفه بأنه ثالث أسوأ رئيس حتى الآن.
8- الجمع بين منصب الرئاسة ورئاسة المحكمة العليا
قبل خمس سنوات من انتخابه الرئيس السابع والعشرين في عام 1908، أوضح ويليام تافت وجهات نظره حول إمكانية رئاسة تافت: "لا تسهر الليالي وأنت تفكر في أن تجعلني رئيساً لأن ذلك لن يأتي أبداً وليس لديّ أي طموح في هذا الاتجاه. أي حزب يرشحني سيرتكب خطأ كبيراً". ولقد تحققت تنبؤات تافت، فقد أدت سنواته الأربع غير السعيدة في المنصب إلى حدوث انقسام في الجمهوريين مكّن الديمقراطي وودرو ويلسون من تحقيق نصر مقنع في الانتخابات الرئاسية عام 1912.
تقدم تافت، وهو محام بحكم دراسته للقانون، لمنصب الرئيس من خلال حث زوجته وسلفه ثيودور روزفلت. كان يقول في كثير من الأحيان: "السياسة تجعلني أشعر بالمرض"، وكان سعيداً بالعودة إلى العمل القانوني في السنوات التي أعقبت هزيمته. ربما كانت ذروة مسيرة تافت المهنية هي تعيينه كرئيس للمحكمة العليا للولايات المتحدة في عام 1921. وقد شغل هذا المنصب لمدة تسع سنوات ولا يزال الرئيس الوحيد الذي شغل منصب رئيس المحكمة العليا.
9- الاسترخاء على ضفاف النهر
كان العديد من الرؤساء من الصيادين المتحمسين، ربما ليس أكثر من الرئيس الحادي والثلاثين هربرت هوفر. حتى أن إحدى السيرة الذاتية لعام 2005 حملت عنوان هوفر، رئيس الصيد. عندما كان في البيت الأبيض، كان يحب تخفيف ضغوط العمل ببعض الساعات الهادئة على النهر وبعد أن حل محله فرانكلين روزفلت في عام 1933، واصل هوفر هوايته، مع مواصلة الشروع في مزيد من العمل السياسي والدبلوماسي.
في حياته المهنية الطويلة التي تلت الرئاسة، كتب هوفر على نطاق واسع عن الشؤون الدولية والمشاكل التي تعصف بأمريكا، لكن الكتاب الأخير الذي أنتجه كان من نوع مختلف تماماً. فقد نشر في عام 1963، قبل عام من وفاته، كتاباً بعنوان "الصيد من أجل المتعة" ليعكس حبه الطويل بالصيد، وفي أحد أسطر الكتاب التي لا تنسى، قال هوفر: "كل الرجال متساوون أمام السمك".
10- الترشح وتولي الرئاسة مرة أخرى إذا فشل كل شيء
حاول عدد قليل من الرؤساء السابقين العودة إلى البيت الأبيض بعد هزيمة انتخابية، لكن واحداً منهم فقط، وهو جروفر كليفلاند في عام 1892، نجح في فعل ذلك. في هذه العملية، شغل كليفلاند بالفعل منصب الرئاسة مرتين، الرئيس الثاني والعشرين والرابع والعشرين للولايات المتحدة.
هُزم كليفلاند على يد بنجامين هاريسون بعد ولايته الأولى في عام 1888، لكنه ظل يتمتع بشعبية كافية لدى الديمقراطيين لمنحه فرصة ثانية ضد هاريسون بعد أربع سنوات. في نهاية ولايته الثانية، تقاعد كليفلاند نهائياً وأصبح اسمه يتردد كثيراً في مسابقات الحانات حول أسماء رؤساء الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.