في معظم الأوقات، يشير مصطلح "أزمة" إلى الكوارث الكبيرة مثل الحروب والأوبئة والمجاعات. وفي بعض الأحيان يُستخدم لوصف مشاكل أخرى كتراجع معدل المواليد، أو نقص النسور، أو إنتاج طاقة أكثر من اللزوم!
قد لا تكون هذه الأزمات حروباً، لكن نتائجها البيئية وتأثيرها المستقبلي أخطر من الحروب.
إليك 10 من أغرب الأزمات التي تمر بها الدول
أزمة المواليد في كوريا الجنوبية
وهي أزمة مُلحّة دفعت الحكومة إلى الطلب من الأزواج إنجاب أطفال، إذ وصل معدل الخصوبة في البلاد إلى مستوى متدنٍّ للغاية عام 2018.
من المتوقع أن تقل الكثافة السكانية للشعب الكوري الجنوبي في غضون 10 سنوات فقط. هذا يعني أنه سيكون هناك مزيد من الوفيات أكثر من الولادات.
إذا تم السماح لهذا الاتجاه بالاستمرار، فمن المقدر أنه لن يكون هناك أي شخص في البلاد بحلول عام 2750!
في 13 سنة فقط، أنفقت حكومة كوريا الجنوبية أكثر من 121 مليار دولار لتشجيع الآباء على إنجاب مزيد من الأطفال، وحالياً يتلقى الآباء ما يصل إلى 270 دولاراً شهرياً من الحكومة.
ولتشجيعهم أكثر، بدءاً من أواخر عام 2019، سيُسمح للآباء والأمهات (الذين تقل أعمار أطفالهم عن 8 سنوات) بالانصراف من العمل ساعة واحدة مبكراً.
وسيحصل الآباء أيضاً على إجازة أبوة مدفوعة الأجر مدتها 10 أيام، أي 7 أيام أكثر من الأيام الثلاثة المعتمدة حاليًا.
أزمة الأبقار في الهند
تعاني ولاية أوتار براديش الهندية حالياً أزمة كبيرة تسببت فيها الأبقار.
لا تؤكَل الأبقار في الهند، لأنها تعتبر مخلوقات مقدسة، لكن بعض الناس يأكلونها، وتلاحقهم حكومة الولاية ومجموعات حماية الأبقار.
يتخلى معظم المزارعين عن الماشية غير المنتِجة للألبان في الشوارع، لأنها تكلفهم المال.
وأصبح البقر مصدر إزعاج كبيراً، لأنها تغزو الأراضي الزراعية وتأكل المحاصيل، كما أن ملاجئ البقر أصبحت مكتظة وينقصها التمويل.
حالياً، يحبس المزارعون وأعضاء المجتمع الماشية الضالة في المباني الحكومية كالمدارس والمستشفيات!
وفي عام 2012، كان هناك 1.009.436 من الماشية الضالة في ولاية أوتار براديش. ومن المتوقع أن يسجل تعداد هذا العام رقماً أعلى بكثير.
أزمة جوازات السفر في فنزويلا
عانت دولة فنزويلا الغنية بالنفط التضخم الشديد الذي أدى إلى توقف اقتصادها تقريباً.
والآن مع مطالبة شخصين بالرئاسة، من المتوقع ألا تنتهي مشكلاتها في أي وقت قريب.
فرَّ أكثر من 2.3 مليون شخص من فنزويلا إلى دول أمريكا اللاتينية المجاورة منذ عام 2014.
ومع ذلك، لا يزال كثيرون عالقين، لأنهم لا يحملون جوازات سفر.
أزمة الجوازات سيئة للغاية، لدرجة أن دول أمريكا اللاتينية الأخرى سمحت للفنزويليين بالدخول بجوازات سفر منتهية الصلاحية.
لكن الفنزويليين الذين لا يملكون جوازات سفر ظلوا عالقين.
من المعروف أن العاملين في مكتب الجوازات يؤخِّرون عمداً جوازات السفر ما لم يدفع طالبو جواز السفر رشاوى تتراوح بين 1000 دولار و5000 دولار.
الباحثون عن جوازات السفر اليوم ليس لديهم هذا النوع من المال، والحكومة نفسها ليست حريصة على السماح لمواطنيها بالمغادرة.
أزمة الرعاية الصحية في فنزويلا
تعاني فنزويلا أيضاً أزمة الرعاية الصحية الشديدة. فرَّ ما لا يقل عن 22000 طبيب من البلاد منذ بدء الأزمة؛ وهو ما تسبب في نقص الأطباء على مستوى البلاد.
أغلقت عدة مستشفيات أبوابها، وبعضها أصبح يعمل بشكل غير منتظم. أما المستشفيات التي لا تزال مفتوحة فلا تملك ما يكفي من اللوازم الطبية.
ويتعين على المرضى الحاليين إحضار العقاقير الخاصة بهم، والمحاق، والقفازات، وحتى الصابون.
يرقد المرضى فى عنابر قذرة بلا تكييف أو مياه شرب نظيفة، ويحصلون على طعام رديء.
وتحولت المستشفيات الفنزويلية من أماكن يعالَج فيها الأشخاص إلى أماكن يموتون فيها، فمع نقص كثير من اللوازم والأدوية في المستشفيات، صار من الطبيعي للمرضى أن يُصابوا بأمراض فتاكة في أثناء معالجتهم من أمراض أخرى.
أزمة الطعام في الصين
تعاني الصين أزمة غذائية منذ عدة سنوات، والحرب التجارية مع الولايات المتحدة زادت الأمر سوءًا.
في العام الماضي، فرضت الحكومة الصينية العديد من الرسوم الجمركية على الواردات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها مثل فول الصويا والذرة الرفيعة والذرة، استجابةً لفرض ترامب الرسوم الجمركية على البضائع الصينية.
ومن المثير للاهتمام، أن شركة Sinograin الصينية المملوكة للحكومة، والتي تحتفظ بمخزون من الحبوب للحكومة، كان عليها أن تدفع الرسوم الجمركية.
لطالما كان إنتاج الغذاء يمثل مشكلة للصين، إذ تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في الصين أقل من عُشر الأراضي الزراعية بالعالم، على الرغم من أنها تضم خُمس سكان العالم.
بدأت أزمة الغذاء منذ عقود مضت، عندما تسبب تحسُّن مستوى المعيشة في تحوُّل المواطنين الصينيين من الكربوهيدرات إلى وجبات غنية بالبروتين. وليس هناك ما يكفي من الأراضي لزراعة الخضراوات وتربية الماشية.
في الوقت الحالي، تمكنت الصين من إدارة الموقف من خلال استيراد المواد الغذائية وتأجير أو شراء الأراضي الزراعية في إفريقيا وأستراليا والأمريكتين.
ومع ذلك، فقد أظهرت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة أن الاستيراد يمكن أن يكون غير موثوق به.
من جهة أخرى، تتوقع معظم البلدان التي تؤوي المَزارع الصينية أن يزداد عدد سكانها بنسبة كبيرة خلال بضعة عقود، وستحتاج الأراضي الزراعية لإطعام مواطنيها!
أزمة البلاستيك القابل لإعادة التدوير في الولايات المتحدة
ليس بإمكان الحكومة الأمريكية إعادة تدوير معظم المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير.
قبل بضع سنوات، كانت هذه المواد ترسَل إلى الصين لإعادة تدويرها. لكن هذا تغير في يناير/كانون الثاني 2018، عندما حظرت الصين الحصول على المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير من الولايات المتحدة.
توجهت الولايات المتحدة إلى كندا وتركيا وماليزيا وتايلاند لإعادة تدوير المواد البلاستيكية.
في النصف الأول من عام 2017، صدّرت الولايات المتحدة 4000 طن من المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير إلى تايلاند.
وفي غضون 6 أشهر من الحظر الصيني، صدّرت الولايات المتحدة 91505 أطنان من البلاستيك إلى تايلاند؛ زيادة بنسبة 1985%.
لكن هذه الدول لا تريد المواد البلاستيكية الأمريكية. فرضت ماليزيا ضريبة، وحصرت أنواع البلاستيك المقبولة التي يمكن أن تقبلها من الولايات المتحدة، ووعدت تايلاند بحظر البلاستيك الأمريكي في غضون عامين.
أزمة المواليد في الصين
قبل بضعة عقود، طبقت الصين سياسة الطفل الواحد، للسيطرة على سكانها المزدهرين.
تم تطبيق هذه السياسة بصرامة، حتى إن الحكومة كانت تقوم بالإجهاض القسري لمن ينتهكون السياسة.
في عام 2015، استبدلت الحكومة سياسة الطفل الواحد بسياسة الطفلين عندما أدركت أن البلاد تعاني انخفاضاً في النمو السكاني، تماماً مثل كوريا الجنوبية.
ولكن يبدو أن معظم الأزواج الصينيين يفضّلون إنجاب طفل واحد فقط أو لا شيء على الإطلاق.
الآن تريد الحكومة الصينية من الآباء والأمهات أن ينجبوا أكثر من طفل واحد، لدرجة أن إحدى الصحف التي تديرها الحكومة أوضحت أن "إنجاب أطفال مسألة عائلية ومسألة وطنية أيضاً".
وتدرس الحكومة تقديم إعفاءات ضريبية على الوالدين اللذين ينجبان طفلين.
أزمة النسور في الهند
تمتلك الهند ثروة هائلة من النسور، بلغ تقديرها 40 مليوناً في أوائل التسعينيات.
وقد تغير هذا بين عامي 1992 و2007، حيث انخفض عدد نسر الحيوانات بنسبة 97 إلى 99.9%، واليوم الهند لديها فقط نحو 20.000 نسرٍ اليوم.
ومن المثير للاهتمام، أن أحداً لم يلاحظ انخفاض عدد النسور حتى لاحظ الباحثون والقرويون فجأةً أنهم لم يروا نسوراً كافية.
حتى إن بعض القرويين ظنوا أن الولايات المتحدة سرقت نسورهم.
اتضح بعد ذلك أن السبب هو أن المزارعين الهنود كانوا يُطعمون ماشيتهم الميتة للنسور.
لسوء الحظ، فإن الماشية كانت تتلقى دواء ديكلوفيناك، وهو مسكّن للألم شهير للماشية، لكنه قاتل للنسور!
ويسبب ديكلوفيناك الفشل الكلوي للنسور؛ ومن ثم موتها.
والآن، لا توجد نسور كافية لأكل جيف الحيوانات، وهو ما يترك كثيراً من الماشية الميتة في جميع أنحاء الهند.
وقد ترك هذا البلدَ على شفا وباء المرض، إذ حلَّت الجرذان والكلاب محل النسور، لكنها ليست فعالة.
وحظرت الهند مسكّن ديكلوفيناك، وأدخلت برامج تربية للعمل على زيادة أعداد النسور.
ومع ذلك، سوف يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يأتي بالنتائج المرجوة.
يمكن أن تعاني الحكومة أيضاً بسبب استمرار الأزمة، لأن بعض مالكي الماشية لا يزالون يستخدمون الديكلوفيناك بشكل غير قانوني.
أزمة الانتحار في كوريا الجنوبية
كوريا الجنوبية لديها واحد من أعلى معدلات الانتحار في العالم، إذ انتحر 13500 كوري جنوبي في عام 2015، بمعدل 37 شخصاً في اليوم.
معظم الذين يختارون إنهاء حياتهم من كبار السن الذين يعيشون غالباً في فقر، ولا يريدون أن يصبحوا عبئاً على أقاربهم الأحياء.
كثير من الكوريين الجنوبيين المسنين فقراء، لدرجة أنهم يعتمدون على وجبات مجانية للبقاء على قيد الحياة.
استجابةً لمعدلات الانتحار المرتفعة، قامت الحكومة بتجريم المواثيق الانتحارية، وهي اتفاقات بين شخصين أو أكثر يعِدون بالانتحار المشترك.
في عام 2011، خفضت الحكومة أيضاً معدلات الانتحار بنسبة 15% عندما حظرت الباراكوات، وهو مبيد للآفات يستخدم غالباً في الانتحار.
أزمة الطاقة المتجددة في ألمانيا
تعد ألمانيا الدولة النموذجية للطاقة المتجددة. في أحد أيام الأحد من عام 2017، ولَّدت كثيراً من الطاقة من مصادرها المتجددة، بحيث دفعت الحكومة أموالاً للمستخدمين لاستخدام الطاقة الزائدة.
في مثل هذه الحالات، تدفع الحكومة للمواطنين والمصانع لتشغيل المعدات والآلات التي لا يستخدمونها. تخيَّل أن حكومتك تدفع لك أموالاً لتشغيل غسالة الملابس الخاصة بك دون سبب!
لكي نكون واضحين، فإن الحكومة لا تعطي المستهلكين المال، بدلاً من ذلك، تقوم شركات الطاقة بخصم ثمنها من فواتير الكهرباء الخاصة بها.
يحدث هذا الأمر، لأن الطاقة الخضراء لا يمكن التنبؤ بها ولا يمكن التحكم فيها.
فمثلاً، يمكن زيادة أو خفض إنتاج الفحم ومحطة الطاقة النووية لتلبية المطالب. أما بالنسبة للألواح الشمسية وتوربينات الرياح، فلا يمكن ذلك، لأنها تولد الكهرباء اعتماداً على الظروف الجوية.
شركات الطاقة الخضراء تُبقي نفسها على اطلاع على التوقعات الجوية، لكننا نعلم أن توقعات الطقس ليست موثوقة دائماً.
تسببت محاولة ألمانيا للتحول إلى الطاقة الخضراء في أزمة يطلق عليها الألمان "فقر الطاقة".
يحدث فقر الطاقة عندما يجد الناس صعوبة في دفع تكاليف الكهرباء، لأن الألمان يدفعون ضريبة سنوية متوسطها 171 دولاراً، بالإضافة إلى إنفاق كثير من الأموال على فواتير الكهرباء بحيث لا يملكون ما يكفي من المال للرفاهية.
هناك أمر سلبي آخر في تحوُّل ألمانيا إلى الطاقة المتجددة: في حال لم تنتج المصادر الخضراء ما يكفي من الكهرباء يتم الاعتماد على الفحم والطاقة النووية؛ وهو ما يؤدي إلى زيادة انبعاثات الكربون، التي تحاول ألمانيا تفاديها.