البعض يعتبرهم مناضلين، وآخرون يصفونهم بالإرهابيين، ولكنهم في كل الأحوال قرروا حمل السلاح لتحقيق أهدافهم السياسية، وبعضهم يفضل السلاح حتى لو فتحت أبواب السياسة، إنها الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح.
يزخر العالم بآلاف القوميات والإثنيات وليس لكل قومية أو إثنية دولة بالضرورة، ولكن لأسباب تاريخية معقدة ومتباينة، فإن بعض الحركات السياسية لجأت إلى رفع السلاح في محاولة لانتزاع دولة مستقلة لأبناء قوميتهم أو إثنيتهم.
بعض هذه الحركات دخل في مفاوضات سلام، إلا أن كثيراً منها تعسرت أو حتى فشلت مما جعل لغة السلاح تعود، بينما في قضايا أخرى سادت حالة اللاسلم واللاحرب.
كما أن بعضاً منها تورط في مشكلات مع عناصر أبناء شعبه في ظل محاولته لفرض رؤيته وآخرون اضطروا للتحالف مع الحكومات التي طالما حاربوها.
وفي حين أنه يوجد العديد من الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح، فإننا سنحاول في هذا التقرير أن نستعرض عدداً من الحركات الانفصالية المسلحة والتي توجد بدول قريبة من العالم العربي، لمعرفة كيف نشأت والأعداد المحتملة لمقاتليها، وطبيعة القضايا التي ترفع لواءها.
إليك عدداً من أبرز الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح
حركة النضال العربي لتحرير الأحواز (الأهواز).. يرفضون الوجود الإيراني رغم أنهم شيعة
تقع منطقة الأهواز، أو الأحواز وفق التسمية المنتشرة عربياً، في جنوب غرب إيران بمحاذاة الحدود العراقية، وتبلغ مساحتها 375 ألف كلم مربع.
وتتباين بشكل كبير التقديرات بشأن عددهم إذ ذكر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أن عددهم يبلغ نحو 8 ملايين نسمة.
حسب كتاب حقائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، يشكل العرب حوالي 2٪ من سكان إيران ، مما يشير إلى أن هناك حوالي 1.6 مليون منهم ، وهم أقلية صغيرة في بلد ذي أغلبية فارسية ومجتمعات أذربيجانية وكردي
ولكن حسب موقع CIA Factbook ، يشكل العرب حوالي 2٪ من سكان إيران، مما يشير إلى أن هناك عددهم نحو 1.6 مليون، وأغلبهم من المسلمين الشيعة كأغلبية الشعب الإيراني ولكن بينهم نسبة من السنة أيضاً.
ويتحدث عرب الأهواز (حيث يتركز الوجود الشيعي العربي بإيران) اللغة العربية بلهجة قريبة من لهجة جنوب العراق.
أما البدو وعرب جزر الخليج والشريط الساحلي الإيراني فهم يعتنقون المذهب السني، ويتحدثون بعربية أقرب للهجة الخليجية.
ويطلق على هذه المناطق التي يتركز بها العرب السنة في إيران أحياناً من قبل النشطاء الأهوازيون مسمى الأحواز الجنوبي، وكانت تسمى قبل السيطرة الإيرانية الإمارات الجنوبية الخمس.
وهناك تقارير من منظمات أحوازية تقول إن عدد السنة الآن يزيد على الـ 50% في الأهواز، أي أن هناك تغييراً ديموغرافياً يحدث، كرد فعل على الاضطهاد والتعسف الذي يلاقونه من بني مذهبهم الإيرانيين "الشيعة"، إلا أنه من الصعب التأكد من دقة هذه التقارير، وحجم هذه التحولات المذهبية التي يتحدث عنها الناشطون الأهوازيون.
وتفرض السلطات الإيرانية اللغة الفارسية كلغة رسمية للتعلم في الإقليم، وللتواصل في الدوائر الحكومية، وغير ذلك.
لقد كانت دولة مستقلة إلى فترة قريبة
وجود "عرب إيران" قديم في الأهواز، حسب المؤرخ الإيراني أحمد كسروي الذي يتحدث عن أن قبائل بكر بن وائل وبني حنظلة وبني العم، كانت تسيطر على الإقليم قبل مجيء الإسلام.
ونشأت عدة دول عربية في المنطقة منها الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م).
ومن أشهر الهجرات العربية الحديثة نسبياً للأهواز بنو كعب الذي هاجروا في القرن السابع عشر وأسسوا الإمارة الكعبية التي ظلت مستقلة حتى عام 1925.
وظلت الأهواز إمارة عربية مستقلة، (إمارة الكعبيين)، حتى عام 1925، عندما ضمتها إيران إليها بالقوة العسكرية، وأسرت أميرها الشيخ خزعل بن جابر الكعبي.
وفي أراضيهم يوجد شريان الحياة الإيراني
ويمثل نفط الأهواز شريان الحياة الأساسي والأهم لإيران؛ إذ يصدر الإقليم قرابة 80% من نفط إيران وغازها الطبيعي.
وقد دعم الأهوازيون الثورة الإيرانية عام 1979م ضد الشاه، ونجحوا في تعطيل كامل الإنتاج النفطي، وإرباك الاقتصاد، وشل حركة البلاد.
ويقول الناشطون الأهوازيون إن سكان الأقليم عانوا من القمع والتهميش تحت الحكم الإيراني، رغم تمتعه بثروة نفطية ضخمة، ما أدى إلى تنامي النزعة الانفصالية لدى بعض سكانه.
ويعتقد أن هذه النزعة أصبحت تلقى دعماً من دول عربية معادية لإيران، على رأسها المملكة العربية السعودية، التي سبق أن ألمح ولي عهدها الأمير محمد سلمان في عام 2017 إلى إمكانية التدخل في الشئون الداخلية لإيران، كما تفعل الأخيرة في الدول العربية.
ومن عرب إيران من رفع السلاح بعد أن كانوا حلفاء للثورة
ونشأت في الأهواز عديد من الحركات المسلحة التي ترفض الوجود الإيراني في الإقليم وتسعى لإقامة دولة مستقلة، أهمها حركة النضال العربي لتحرير الأحواز التي أسسها مجموعة من عرب الأهواز المقيمين في أوروبا، عام 1999.
وبدأت الحركة عملها المسلح في إيران عام 2005، ومنذ ذلك الحين وهي تشن هجمات على مؤسسات وشخصيات إيرانية، أبرزها تفجيرات 2006 التي استهدفت بنكاً خاصاً ووكالة بيئية حكومية وأودت بحياة 8 أشخاص، وتفجير أنبوب نفط مطلع عام 2017، واغتيال مدير جهاز الاستخبارات في مدينة "الخلفية" وعدد من مرافقيه في فبراير/شباط 2017.
وكان آخر الهجمات التي تبنتها "النضال العربي"، هي الهجوم على الحرس الثوري الإيراني في عرض عسكري أقيم في الأهواز بمناسبة الذكرى الـ38 للحرب الإيرانية – العراقية، ما أسفر عن مقتل 25 وإصابة 60 آخرين.
ورأس أحمد مولى حركة "النضال العربي" منذ تأسيسها وحتى تم اغتياله عام 2017، أمام منزله في مدينة لاهاي الهولندية.
واتهمت الحركة إيران بالوقوف وراء عملية الاغتيال. ويتولى قيادة الحركة حالياً السيد حبيب جبر، المعروف بقربه من المملكة العربية السعودية.
وتظل إلى الآن أعداد المقاتلين في صفوف "النضال" غير معروفة، وكذلك مستوى تسليحهم.
وهاهي قضية الأهواز تعود للواجهة.. وسوريا قد تكون كلمة السر
التحريض الرسمي ضد الإمارات في الداخل الإيراني مؤسف ويتصاعد عقب هجوم الأهواز في محاولة للتنفيس المحلي، موقف الإمارات التاريخي ضد الإرهاب والعنف واضح وإتهامات طهران لا أساس لها.
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) September 23, 2018
بدأ تسليط الضوء مؤخراً بشكل كبير على الحركة الأهوازية كإحدى الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح، نتيجة التطورات السياسية المتسارعة في الشرق الأوسط.
فرغم أن أغلب عرب إيران هم من الشيعة إلا أنه يعتقد أن علاقتهم بالدولة المركزية ازدادت توتراً على خلفية الصراع الأكبر بين إيران الشيعية والدول العربية الخاضعة للحكم السني في الخليج، خاصة في ضوء دعم الجانبين لأطراف متنازعة في الحرب الأهلية السورية.
ويقول البعض إن عرب الأهواز كانوا يتعاطفون مع المتمردين من السنة الذين يقاتلون الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من إيران.
وتنفي طهران أي تلميح إلى وجود استياء بين أقليتها العربية، واصفة هذه التقارير بأنها جزء من مؤامرة أجنبية لسرقة النفط الذي يقع في أراضي هذا الإقليم.
ومن بين عرب إيران الذين تولوا مناصب كبرى في الدول الإيرانية على شمخاني الذي كان وزيراً للدفاع خلال الفترة من عام 1997 إلى 2005 ثم تولى منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
حزب العمال الكردستاني "PKK".. اسئتناف للصراع بعد محادثات سلام مع الدولة التركية
يعيش أغلب أكراد تركيا في شرق وجنوب شرق البلاد، ويقدر "المعهد الكردي في باريس" عددهم في مختلف أنحاء تركيا بنحو 20 مليون نسمة، يشكلون 25% تقريباً من إجمالي سكان البلاد.
في حين تشير تقديرات أخرى إلى أن نسبتهم تقارب الـ20% من إجمالي سكان تركيا، أي أنهم يزيدون على 12 مليوناً أو 13 مليوناً.
ويتوزع الأكراد مذهبياً بين سنّة (70%، ومعظمهم شافعيون) وبين علويين (30%) مع وجود أقلية تقدر بما يقارب 10-20 ألفاً من اليزيديين (أو الأزيديين).
إنهم أتراك الجبل وليسوا أكراداً
وعانى الأكراد في تركيا من التهميش والإقصاء وعدم المساواة ومحاولة الدمج القسري خاصة في مطلع عهد الجمهورية التركية، حتى أن حكومة الزعيم التركي كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية أطلقت عليهم مصطلح "أتراك الجبل".
ومنذ ستينيات القرن الماضي، بدأت تنمو حركة سياسية للمطالبة بحقوق الأكراد، ثم تطورت لتطالب بالاستقلال وتأسيس دولة كردية.
وتأسس حزب العمال الكردستاني في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1978، على يد مجموعة من الشباب الأكراد ذوي الأيديولوجية الماركسية اللينينية، يرأسهم عبد الله أوجلان، بهدف الحصول على دولة مستقلة للأكراد في تركيا.
وبنى الحزب قواعده على مدى 6 سنوات، ثم أعلن في عام 1984 الحرب على الحكومة التركية، واتخذ من مناطق الأكراد في العراق قواعد انطلاق له، خاصة بعد ضعف الدولة العراقية بعد هزيمة بغداد إثر الغزو العراقي للكويت.
ويعتبر الحزب حالياً من أشهر الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح ، وهو مصنف كحركة إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة، فضلاً عن تركيا بطبيعة الحال.
الصراع يصل إلى ذروته الدموية والأتراك يلقون القبض على أوجلان بعد تخلي حافط الأسد عنه
وصل الصراع إلى أقصاه في أواسط التسعينيات، وأسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، ونزوح مئات الآلاف من الأكراد إلى أجزاء أخرى من تركيا، ودول الاتحاد الأوروبي.
واستطاعت المخابرات التركية القبض على عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، عام 1999، خلال توجهه من كينيا إلى هولندا، بعد طرده من سوريا بناء على ضغوط من أنقرة وصل إلى التهديد باندلاع حرب.
ليخرج أوجلان من سوريا بعد أن ظل 13 عاماً في ضيافة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
حكم على أوجلان بالإعدام بتهمة "الخيانة العظمى" ثم خفف الحكم إلى السجن مدى الحياة.
وتراجع حزب العمال عن مطلبه الأولي باستقلال المناطق الكردية داخل تركيا.
وصار يدعو إلى حصول الأكراد الأتراك على الحكم الذاتي. كما طرح مبادرة لوقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة 5 سنوات، واتخذ عدداً من الخطوات في محاولة لتغيير صورته وتوسيع رقعة شعبيته.
تغييرات تاريخية بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم
بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم بزعامة رجب طيب أردوغان منحت الحكومة الأكراد بعض حقوقهم الثقافية مثل السماح بتدريس اللغة الكردية في المدارس العامة.
وقوبلت هذه التوجهات بإشادة من قِبل وسائل إعلام غربية آنذاك.
كما سعى حزب العدالة إلى تحقيق السلام مع الأكراد عكس التوجهات السابقة للدولة التركية، وقد أعلن أردوغان وهو رئيس وزراء في 28 ديسمبر/كانون الأول 2012، عن محادثات مع رئيس حزب العمال أوجلان في السجن من أجل التوصل إلى سلام.
وفي 21 مارس/آذار 2013، أطلقت مفاوضات جديدة بين أوجلان -في سجنه بجزيرة أميرالي في بحر مرمرة- ومسؤولين بالاستخبارات التركية، وأعلن حزب العمال الكردستاني رسمياً حينئذ وقفاً لإطلاق النار مع تركيا.
ولكن انقلبت عملية السلام إلى حرب ضروس
بعد تدهور الأوضاع في سوريا والعراق، أصبح أكراد البلدين يعتقدون أنهم في الطريق لتأسيس دولة لهم، وهو ما شجع أكراد تركيا على استئناف حربهم ضد الحكومة.
فقد زاد التوتر وانعدمت الثقة بين الطرفين على خلفية الحرب في سوريا، ودور أكراد العراق وسوريا وتركيا الذين يرتبطون ببعض بروابط وثيقة، في الحرب على تنظيم "داعش" بدعم من الولايات المتحدة، والموقف التركي الرافض لهيمنة أكراد سوريا على شمال البلاد على حساب المعارضة السورية.
كل ذلك جعل المشهد يتعقد، وفي 22 يوليو/تموز 2015، انتهت عملية السلم الأهلي في تركيا بعد قيام حزب العمال الكردستاني بقتل اثنين من رجال الشرطة في بيتيهما، وعادت الاشتباكات بين الجانبين مرة أخرى على خلفية الخلاف بشأن الأكراد السوريين.
ولا تزال المعارك مستمرة حتى اليوم، وتشن تركيا أحياناً غارات جوية ضد معسكرات حزب العمال الكردستاني شمالي العراق.
المفارقة أن كثيراً من الأكراد يعطون أصواتهم لأردوغان بالانتخابات
وتقليدياً يعطي جزء كبير من الأكراد أصواتهم لحزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان ولعبوا دوراً في حسم كثير من الاستحقاقات السياسية لصالحه.
إذ يصوّت الناخبون المحافظون في المناطق الكردية لحزب العدالة والتنمية بسبب مرجعيته الإسلامية وعمليات التنمية في مناطقهم، كما ينفر بعضهم من الأيدلوجية الماركسية لحزب العمال.
وتتهم الحكومة التركية حزب الشعوب الديمقراطي (حزب سياسي كردي) بأنه فرع تابع لحزب العمال الكردستاني المسلح.
وقد حظي هذا الحزب بالفعل عند تأسيسه بمباركة عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، وتحالف معه في الانتخابات.
كم عدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني؟
وفي حين لا يوجد إحصاء دقيق لعدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني؛ إلا أن تقديرات قديمة تشير إلى أن عددهم كان يتراوح عام 1997 بين 10 و15 ألفاً، بينهم نساء، وتناقص هذا العدد إلى نحو 6 آلاف عام 2002.
ووفق تقدير لمعهد ماكنزي للدراسات الأمنية، عام 2016، فإن عدد مقاتلي الحزب في تركيا وشمال العراق يبلغ حوالي 7 آلاف.
لكن هذه الأرقام تتغير باستمرار بسبب سقوط قتلى كثر في المعارك مع الحكومة التركية، وكذلك انضمام مقاتلين جدد إلى صفوف الحزب من وقت لآخر.
إمارة القوقاز الإسلامية.. إحياء ل500 عام من الصراع
500 عام من الصراع شهدتها منطقة القوقاز بين الروس وسكانها المسلمين حتى أن الروائى الروسي الشهير "ليو تولستوى" سجلها في روايته "القوزاق" التي نشرها عام 1862.
وخلال التسعينيات بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، نجح الشيشانيون في وقف التدخل العسكري الروسي إلى جمهوريتهم الصغيرة محققين نوعاً من الاستقلال، واضطروا موسكو إلى التوصل إلى تسوية معهم.
وبدا أن إحدى الحركات الإنفصالية التي تسعى لتأسيس دول بقوة السلاح قد نجحت في مسعاها لو جزئياً.
إلا أنه بعد أن قام مقاتلون شيشانيون متشددون بالدخول بالقوة إلى جمهورية داغستان (جمهورية إسلامية مجاورة تابعة لروسيا)، أعاد الجيش الروسي اجتياح الشيشان.
ونجح هذه المرة في دخول العاصمة غروزني والسيطرة على الجمهورية المتمردة التي أذلت الجيش الروسي في حرب الشيشان الأولى ، ودمر عاصمتها.
وكعادتهم لم يتوقف الشيشانيون عن القتال
بعد هزيمة الشيشان، تواصل نشاط بعض المقاتلين إلى أن تأسست إمارة القوقاز الإسلامية عام 2007، على يد الجهادي الشيشاني المعروف دوكو عمروف.
وهذه الإمارة، هي جماعة إسلامية سلفية جهادية تنشط في منطقة شمال القوقاز، وتسعى إلى فصل المنطقة عن روسيا وإقامة دولة إسلامية مستقلة في داغستان والشيشان وإنغوشيا وغيرها من المناطق الإسلامية بالقوقاز ، (وهي شعوب إسلامية متقاربة في الثقافة والعادات).
وشنت المنظمة العديد من العمليات ضد روسيا، من أبرزها تفجير قطار في موسكو عام 2009 "26 قتيلاً" قبل إعلان الإمارة، وتفجير مترو موسكو عام 2010 "39 قتيلاً"، وعملية انتحارية في مطار موسكو عام 2011 "36 قتيلاً".
كما قامت بهجوم مسلح وسط العاصمة الشيشانية غروزني أواخر العام 2014 قتل بسببه 16 رجل أمن وأصيب 20 آخرون.
وهؤلاء هم من يدعمونها
وتعتبر إمارة القوقاز نموذجاً نادراً من الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح، ولكنها ارتمت في أحضان التنظيمات الدينية المتطرفة.
فقد حظيت المنظمة منذ نشأتها بدعم من تنظيم القاعدة وحركة طالبان، لذلك أعلنت في نيسان/أبريل 2009، الولاء لحركة الجهاد العالمي بقيادة أسامة بن لادن، ثم بدلت ولاءها عام 2014 وبايعت تنظيم داعش فحظيت بدعم منه.
ويُعتقد أن إمارة القوقاز تتلقى كذلك دعماً من رجال أعمال مؤيدين وشخصيات في الحكومة الشيشانية.
ويقال إنها تستمد قدراً هائلاً من التمويل من العديد من الأنشطة الإجرامية، بما في ذلك ابتزاز الشركات والمقيمين في مناطق عملياتهم.
فحسب بعض التقارير فقد حصلت الإمارة عام 2010، على ما لا يقل عن 3.5 مليون دولار عن طريق ابتزاز رجال الأعمال المحليين.
وتحصل إمارة القوقاز على سلاحها من السوق السوداء للأسلحة المنتشر في روسيا. ويعتقد أيضاً أن عصابات المافيا في روسيا وجورجيا وأذربيجان متورطة في تهريب الأسلحة إلى مقاتلي الإمارة.
وقتلت روسيا العديد من قيادات الإمارة، بينهم الأمير دوكو عمروف الذي قتل عام 2014، كما قتل الأمير الذي تلاه محمد بن علي سليمانوف عام 2015، على يد قوات العمليات الخاصة الروسية في جمهورية داغستان الروسية.
وتصنف روسيا والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والأمم المتحدة إمارة القوقاز كجماعة إرهابية.
جبهة البوليساريو.. إقامة دولة مستقلة في الصحراء
تقع منطقة الصحراء الغربية في شمال غرب قارة إفريقيا، على مساحة تبلغ نحو 252 ألف كيلومتر مربع. ويقدر عدد سكانها بحوالي 570 ألف نسمة.
خضعت المنطقة للاحتلال الإسباني منذ العام 1884 وحتى العام 1976، ثم تركت إدارتها للمغرب وموريتانيا بعدما قام المغرب بتنظيم ما عرف بـ"المسيرة الخضراء" وهي تظاهرة سلمية ضخمة كانت تهدف للتوجه إلى الصحراء باعتبارها جزءاً محتلاً من أراضيه.
وبالفعل أنهى الإسبان وجودهم في الصحراء، وحصلت نواكشوط على منطقة وادي الذهب، فيما حصلت الرباط على منطقة الساقية الحمراء.
وخلال عملية تقاسم للصحراء، نشأت حركة قومية صحراوية تسمى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، اختصاراً "جبهة البوليساريو"، في 20 مايو/أيار 1973، بزعامة مصطفى سيد الوالي الرقيبي، بهدف إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية، وذلك بدعم جزائري.
وبدأت البوليساريو بشن هجمات عسكرية من أجل انتزاع استقلال الصحراء، وذلك بمساعدة من ليبيا والجزائر.
وبعد خروج إسبانيا من الصحراء عام 1976، أعلنت جبهة البوليساريو قيام "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" على جزء صغير من الصحراء كانت تسيطر عليه، وتشكيل حكومة في المنفى بمدينة تندوف الجزائرية.
واندلعت معارك ضارية بين الأطراف المتصارعة في الصحراء الغربية، دار معظمها في الجزء الموريتاني، إلى أن انسحبت موريتانيا من الصراع وتركت وادي الذهب، عام 1979 بعد قيام انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المختار ولد داداه آنذاك.
وسيطر المغرب على نحو 80% من الصحراء الغربية، بينما سيطرت "البوليساريو" على نحو 20% فقط.
واستمرت الحرب بينهما لمدة 16 عاماً إلى أن عُقد اتفاق وقف إطلاق النار، عام 1991، بوساطة من الأمم المتحدة، وتم الاتفاق على إجراء استفتاء على الاستقلال، لكنه لم ينفذ حتى الآن.
المغرب يعرض الحكم الذاتي بديلاً للاستفتاء
جرت عديد من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو طوال العقود الثلاثة الماضية، كانت تتعثر حيناً فيتم الاستنفار العسكري استعداداً للحرب، وكانت تغلب لغة الحوار حيناً فيتم التفاوض دون نتيجة.
وطرحت الرباط في عام 2007 خطة تمنح الصحراء بموجبها قدراً كبيراً من الحكم الذاتي، ولكن مع الاحتفاظ برموز السيادة المغربية كالعلم والنشيد الوطني والعملة المغربية، رفضتها البوليساريو.
وعبرت الولايات المتحدة مراراً عن مساندتها للخطة التي طرحها المغرب لمنح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً، معتبرة الخطة "واقعية وذات مصداقية."
وبعد عشر سنوات مرَّت على آخر جولة مفاوضات بين الرباط وجبهة "البوليساريو"، وافق المغرب مؤخراً على تلبية الدعوة التي وجهها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة "هورست كوهلر" إلى كلٍّ من المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا للقدوم إلى جنيف بداية شهر ديسمبر/كانون الأول 2019.
ويقود جبهة البوليساريو والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية حالياً، إبراهيم غالي.
وتحظى الجبهة بدعم كبير من الجزائر، وهناك شكوك حول وجود دعم وتسليح إيراني للجبهة.
وتمثل البوليساريو نموذجاً من الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح والتي تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي.
الحركة الوطنية لتحرير أزواد: العرب والطوارق يتحدون من أجل الانفصال عن مالي
أزواد هي إقليم صحراوي يقع في شمال مالي تبلغ مساحته 822 ألف كلم مربع، ويقدر عدد سكانه بـ4 ملايين نسمة معظمهم من الطوارق والعرب.
ويطالب سكان أزواد منذ ستينيات القرن الماضي بالانفصال عن مالي وتأسيس دولة مستقلة.
وقاموا في سبيل ذلك بعديد من الثورات التي قابلتها الحكومة المالية بقمع وتهميش للإقليم من خطط التنمية.
وفي إطار حالة الثورة الدائمة التي يقوم بها سكان أزواد، تأسست "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" عام 2010، بهدف إقامة دولة أزواد.
ولكن هناك حدث تاريخي وقع في دولة عربية كان له تأثير كبير على تاريخ الأزواد.
المقاتلون الذين حاربوا مع القذافي أعطوها دفعة قوية، ولكن المتطرفين وأدوا أحلامها
قويت شوكة الحركة مع عودة مقاتلي الطوارق الذين كانوا يقاتلون في ليبيا مع قوات القذافي، عام 2011، مدججين بالأسلحة.
فشنت الحركة الحرب على الحكومة المركزية مطلع العام 2012، بالتعاون مع جماعة "أنصار الدين" الإسلامية الراديكالية.
واستغلت "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" الانقلاب الذي قام به الجيش على الرئيس المالي أمادو توماني توري، وسيطرت على ولايات تمبكتو وغاو وكيدال، وأعلنت قيام "جمهورية أزواد" العلمانية في أبريل/نيسان 2012.
ولم يهنأ رجال الحركة الوطنية بإعلان جمهوريتهم، حتى شنت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا والمدعومة من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، حرباً عليهم، في يونيو/حزيران 2012، منزلة بهم هزائم متوالية قاسية، فقدوا معها كل مدن إقليم أزواد، بحلول نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.
ثم تحالف الأزواديون مع أعدائهم السابقين
تدخلت فرنسا عسكرياً في مالي، (مستعمرتها السابق)، لطرد المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، مطلع العام 2013.
واستعادت حكومة مالي بدعم فرنسي، كافة مدن الشمال التي وقعت في يد الإسلاميين، عبر التعاون بين قوات الجيش المالي والحركة الوطنية لتحرير أزواد.
ودخلت الحكومة المالية و"حركة تحرير أزواد" وحركات أزوادية أخرى أقل أهمية، منذ عام 2013، في مفاوضات أسفرت عن توقيع اتفاق مصالحة في الجزائر عام 2015، لكن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل ما زال متعسراً بسبب رفض الحركة التخلي عن السلاح، ومغادرة معاقلها بمدن الشمال الرئيسية.
ويقود "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" حالياً بلال أغ الشريف، فيما يقود أركان جيش الحركة محمد أغ ناجم وهو ضابط سابق في جيش القذافي.
ومسيرة الحركة الوطنية لتحرير أزواد تعتبر مختلفة عن أغلب الحركات الانفصالية التي تحمل السلاح، إذ اضطرت إلى التحالف مع الحكومة المركزية (أعدائها التقليديين) لمواجهة صعود التيار الجهادي في الصحراء الكبرى، الذي وأد أحلامها.