لطالما كانت قصة اكتشاف أمريكا محور اهتمام عالمي، حيث يُنسب الفضل عادةً إلى كريستوفر كولومبوس. ومع ذلك، هناك شخصيات أخرى غالباً ما تغفل عنها الروايات التاريخية الشائعة، ومن بينها شخصية خشخاش بن سعيد بن أسود، الذي يُزعم أنه وطأ أراضي العالم الجديد قبل كولومبوس بسنوات. خشخاش، رحّالة ومستكشف من العصور الوسطى، ترك وراءه إرثاً غامضاً ومثيراً للاهتمام يتحدى السرد التقليدي لتاريخ اكتشاف أمريكا.
من هو خشخاش بن سعيد بن أسود؟
في زوايا منسية من صفحات التاريخ، يُعيد اسم خشخاش بن سعيد بن أسود رسم خرائط اكتشاف العالم الجديد. هذا الأميرال العربي، الذي رسخت جذوره في بيشاينة الأندلس، خطّ مساراً استثنائياً عبر المياه الغامضة للمحيط الأطلسي قبل قرون من رحلات كولومبس الموثقة.
بناءً على ما دوّنه المؤرخ المسلم أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في عمله الخالد "مروج الذهب وجواهر المعدن"، أبحر خشخاش من مدينة ولبة، حيث ينبض قلبها بالشجاعة والإقدام، وذلك في العام 889 ميلادياً.
من هذه البداية المبهمة، خاض خشخاش رحلة استكشافية لم تُخط في معظم الروايات الاستكشافية، حيث اكتشف أراضي غير ممهدة قبل أن يعود مُحمّلاً بالكنوز التي تحكي قصصاً من ثقافات لم تُكتشف بعد. هذه الحكاية الاستثنائية، التي أعيد سردها بفضل روايات المسعودي، تُلقي الضوء على مغامرات مغمورة بالأسرار، وتُعيد تشكيل فهمنا للتاريخ البشري وشجاعة الاستكشاف.
خشخاش بن سعيد واكتشاف أمريكا
في تحول مذهل للأحداث التاريخية المتعارف عليها، تظهر الوثائق القديمة والكتب التاريخية دلائل تشير إلى أن البحار العربي المسلم "خشخاش بن سعيد" قد سبق الرحالة الأوروبيين إلى الأمريكتين بقرون. يعود الفضل في هذا الادعاء إلى المؤرخ العربي "أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي" ومؤلفه "مروج الذهب"، الذي يوثق رحلة خشخاش بن سعيد في العام 889م، مؤكداً بذلك أنه كان أول من وطئت قدمه أرض العالم الجديد.
تأتي هذه المعلومات لتقلب الفهم التقليدي الذي يعتبر كريستوفر كولومبوس البحار الإيطالي، المكتشف الأول للأمريكتين في نهاية القرن الخامس عشر. يُشار إلى أن كولومبوس، الذي أبحر تحت راية الملكية الإسبانية، قد استفاد من خرائط ومعارف تم جمعها بشكل مسبق، بما في ذلك تلك التي رُسمت بناءً على رحلات البحارة المسلمين مثل خشخاش بن سعيد.
السجلات تذكر أن خشخاش، المولود في "بيشاينة" ببلاد الأندلس، قد انطلق من مدينة "ولبة"، مبحراً عبر المحيط الأطلسي وصولاً إلى أراضٍ غير معروفة سابقاً للعالم القديم. عاد الرحالة المسلم إلى وطنه محملاً بالكنوز الثمينة، في رحلة تحمل الكثير من الشبه بما أنجزه كولومبوس بعد ذلك بأربعة قرون.
هذه الرواية ليست مجرد قصة عن رحلة استكشافية ناجحة، بل تحدٍّ للرواية الأوروبية المركزية التي طالما هيمنت على تاريخ الاكتشافات الجغرافية. إذ تسلط الضوء على أهمية الإسهامات الإسلامية في العلوم والمعرفة الجغرافية، التي ساعدت في رسم خرائط العالم وفتح آفاق جديدة للإنسانية.
إن إعادة تقييم هذه الفترة التاريخية، مع الأخذ في الاعتبار الدور الحقيقي للبحارة المسلمين مثل خشخاش بن سعيد، تدعو إلى نظرة أكثر شمولية وتقديراً لتاريخ الاستكشاف البشري، وتؤكد على الطابع المتعدد للثقافات والحضارات في بناء المعرفة العالمية.
الاكتشاف الغامض.. كنوز من الماضي على سواحل فنزويلا
في إحدى اللحظات التاريخية المحورية بأواخر القرن التاسع عشر، كشف الساحل الشرقي لفنزويلا عن سر دفين، حيث تم العثور على وعاء خزفي ضخم يحتضن بين جنباته حوالي 6.000 قطعة نقدية من العصور الغابرة.
تشكل هذه القطع الأثرية بحراً من النقود الرومانية التي تعود إلى القرن الرابع، معززة بإضافة لافتة من القطع النقدية الإسلامية التي رأت النور في القرن الثامن. هذا الكنز الثمين وقع بين يدي بيركلي لويس، الشخصية العسكرية المرموقة بالسفارة الأمريكية في فنزويلا آنذاك، الذي لم يتردد في نقل هذا الاكتشاف الثمين إلى مؤسسة سميثسونيان بواشنطن، مما فتح المجال أمام صديقه مندل ل.بيترسون، المتخصص في علم الآثار البحرية، للغوص في أعماق تاريخ هذه الآثار النقدية الاستثنائية.
من خلال تحليل دقيق وعمل متأنٍ، أشار مندل ل. بيترسون في مراسلاته مع بول ج. ويليس، المؤرخ في السابع من مايو/أيار لعام 1968، إلى أنه يعمل على دراسة هذه القطع النقدية الفريدة بعزم وإصرار، متطلعاً إلى نشر تقرير مفصل عن هذا الاكتشاف الهام.
ومع ذلك، يبدو أن هناك وثيقة بحثية لبيترسون قد ضاعت في غياهب النسيان، تتناول التحديات التي واجهتها القطع النقدية من التآكل والصدأ، لكنها مع ذلك بقيت قادرة على الكشف عن أسرارها، مؤكداً أن الغالبية العظمى منها رومانية وأن هناك قطعاً إسلامية قيمة من القرن الثامن.
العنصر المثير للدهشة في هذا الاكتشاف ليس فقط في الكمية الهائلة من القطع المتشابهة والمكررة، بل في ما تشير إليه هذه القطع من إمكانية أن تكون قد فقدت خلال حادث غرق قديم بدلاً من أن تكون جزءاً من مجموعة نقدية مدفونة حديثاً. إن الاختلاط بين النقود الرومانية والإسلامية ينقلنا إلى فرضية غرق سفينة في القرنين الثامن أو التاسع، مقدماً لمحة نادرة عن التفاعلات التاريخية والثقافية التي شكلت حضارات البحر الأبيض المتوسط عبر العصور.
أين توجد القطع النقدية المكتشفة؟
يكتنف الغموض مصير مجموعة من القطع النقدية التاريخية، التي يُرجح أنها مخزنة بعناية في أدراج مؤسسة سميثسونيان، إحدى أبرز المؤسسات العلمية والتعليمية في العالم. وفقاً لمصادر متعددة، تمت دراسة هذه القطع النقدية الأثرية بدقة من قبل المؤسسة، التي قامت لاحقاً بإعادتها إلى بيركلي لويس، الذي يُعتقد أنه صاحب القطع الأصلي. تشير التقارير إلى أن هذه القطع قد تكون الآن جزءاً من مقتنيات عائلة لويس.
ومع ذلك، يبقى مصير هذه القطع النقدية الثمينة غير معلوم بالتحديد، في ظل غياب تدخل فعال من المؤسسات الثقافية والتاريخية في فنزويلا. هذا الغموض يطرح تساؤلات حول أهمية وقيمة هذه القطع في سياق التاريخ العالمي، ويعكس الحاجة إلى مزيد من الشفافية والتعاون بين المؤسسات الثقافية الدولية لحماية التراث الإنساني.
من هو كريستوف لوكومبوس
كريستوف كولومبوس، الرحالة والمستكشف الجنوى الذي وُلد في منتصف القرن الخامس عشر، يُعد واحداً من أبرز الشخصيات في تاريخ الاكتشافات الجغرافية. بدعم من الملكية الإسبانية، أبحر كولومبوس في عام 1492 بهدف العثور على طريق بحري جديد إلى الهند، لكنه وصل بدلاً من ذلك إلى الأمريكتين، ما فتح الباب أمام عصر جديد من الاستكشاف الأوروبي للعالم الجديد.
على الرغم من أنه لم يكن أول من وصل إلى الأمريكتين، إلا أن رحلاته الأربع عبر المحيط الأطلسي كانت حاسمة في فتح الطريق أمام الاستعمار الأوروبي للأمريكتين. يُحتفل بكولومبوس على نطاق واسع لشجاعته وإصراره، على الرغم من الجدل المحيط بتأثيراته على الشعوب الأصلية للأمريكتين والعواقب الطويلة الأمد لاكتشافاته.