منذ بداية الحرب على غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي حريصة على استهداف العديد من الفئات المختلفة، سواء كانوا أطفالاً، أو مقاتلين، أو مثقفين، أو سياسيين، أو شخصيات لها صوت قوي قادر على تحريك الرأي العام من خلال ما يقدمه من محتوى، إضافة إلى المدنيين، إذ وصل عدد الشهداء، إلى حدود كتابة هذه السطور، إلى أكثر من 20 ألفاً و200 شخص.
وقد امتدت يد العدو على عدة شخصيات علمية وأكاديميين ومثقفين فلسطينيين أبناء قطاع غزة، الذين رحلوا عن عالمنا، إلا أن وجودهم مستمر من خلال ما قدموه من إنجازات ما زالت تتحدث عنهم، وستتحدث دائماً، ليتم تخليد اسمهم من خلالها ذكرى في التاريخ.
ويعتبر استهداف هذه الفئة ضمن الخطة غير المعلنة لقوات الاحتلال، والتي تهدف إلى التأثير في المجتمع الفلسطيني، وإيقاف الحياة العلمية والثقافية بقطاع غزة.
وقد ظهر هذا في استهداف العديد من مباني مواقع الأرشيف المركزي كذلك، والتي بعضها يحتوي على مخطوطاتٍ عمرها يفوق 100 سنة، من بينها مركز رشاد الشقوا، ومكتبة غزة التاريخية.
إذن، من هم هؤلاء الأكاديميون والمثقفون الفلسطينيون الذين استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ ما يزيد على 70 يوماً.
سفيان تايه
استشهد عالم الفيزياء الفلسطيني البارز ورئيس الجامعة الإسلامية بغزة البروفيسور سفيان تايه، وعائلته، يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد أن تم استهداف منزله في غارة جوية إسرائيلية استهدفت بلدة الفلوجة في جباليا شمال قطاع غزة.
وقد رحل البروفيسور تايه عن عمر يناهز 52 عاماً، وهو الذي يعتبر واحداً من بين أبرز القامات التي أنجبها قطاع غزة، إذ يحمل درجة الأستاذية في تخصص الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية.
كما أنه قد تم تصنيفه ضمن قائمة أفضل 2% من الباحثين حول العالم في عام 2021، فيما حصل على "جائزة عبد الحميد شومان" للعلماء العرب الشبان، وتم تعيينه حاملاً لكرسي اليونسكو لعلوم الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في فلسطين.
رفعت العرعير
في غارة جوية إسرائيلية ليل الخميس 7 ديسمبر/كانون الأول، انطفأ أحد الأصوات الفلسطينية البارزة التي نقلت حكاية فلسطين بلغة الأدب الإنجليزي إلى العالم الغربي، بعد أن تم استهداف منزل الشاعر والأكاديمي الفلسطيني البروفيسور رفعت العرعير.
وقد استشهد العرعير البالغ من العمر 44 عاماً، بعد أن قدم كثيراً لبلده فلسطين، فهو الحاصل على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة بوترا بماليزيا عام 2017، لينتقل من أجل تدريس التخصص نفسه في الجامعة الإسلامية بغزة.
كما أنه كان أيضاً أحد مؤسسي مشروع "نحن لسنا أرقاماً"، الذي جمع مؤلفين من غزة مع "مرشدين" بالخارج لدعمهم في كتابة قصصهم بالإنجليزية.
وقد كان رفعت العرعير قائداً لجيل من الكتّاب الشبان في قطاع غزة الذين اعتمدوا الكتابة بالإنجليزية لنقل قصصهم، والواقع المعيش في ظل الاحتلال الإسرائيلي للعديد من الأراضي الفلسطينية منذ سنة 1948.
ومن بين أهم الكتب التي قدم فيها صورة واضحة عن الواقع في غزة، والذي يعارض السردية الإسرائيلية، كتاب "Gaza Writes Back" باللغة الإنجليزية.
سعيد طلال الدهشان
بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد الدكتور سعيد طلال الدهشان إلى جانب أسرته، بعد أن تم استهداف منزله من طرف قوات الاحتلال، في مدينة غزة.
والدكتور سعيد الدهشان خبير في القانون الدولي والشأن الفلسطيني، وكان له عدة مساهمات رفقة مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.
كما أصدر كتاباً سنة 2017، يحمل عنوان "كيف نُقاضي إسرائيل؟"، وهو الذي حاول من خلاله رسم خريطة من خلال القانون لتتمكن من مقاضاة إسرائيل وقادتها.
محمد عيد شبير
استشهد البروفيسور محمد عيد شبير رفقة عدد من أفراد أسرته بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وذلك إثر غارة جوية استهدفت منزله في مدينة غزة.
والبروفيسور شبير الذي رحل عن عالمنا شهيداً عن عمر يناهز 77 عاماً، كان يشغل منصب رئيس الجامعة الإسلامية في غزة، وأشهر من تقلد هذه المهمة.
إذ حصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الإسكندرية، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة من جامعة "مارشال" الأمريكيةوقد اشتغل في البداية محاضراً بالجامعة الإسلامية بغزة، ثم شغل منصب أستاذ مساعد ومشارك في كلية العلوم، قسم التحاليل الطبية بالجامعة، ثمَّ رئيساً لقسم التحاليل الطبية، وبعدها عميداً لكلية العلوم حتى تولَّى منصب رئاسة الجامعة في العام 1993.