يعود تاريخها لآلاف السنين.. بلدة “ترقوميا” إحدى مدن الخليل التي اقتحمها جيش الاحتلال

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/07 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/07 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
بلدة ترقوميا إحدى مدن الخليل / ويكيبيديا

قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأوّل 2023، باقتحام بلدة ترقوميا الواقعة غرب الخليل، واعتقلت الشقيقين حميدان وعبد جمال أرطيش، عقب مداهمة منزلهما في منطقة الصحراء وتفتيشه والعبث بمحتوياته.

كما داهمت قوات الاحتلال عدداً من المنازل والمحال التجارية في المدينة الفلسطينية، واستولت على تسجيلات كاميرات مراقبة، ومنعت تنقل المواطنين في ترقوميا، وأوقفت مركباتهم وقامت بتفتيشها.

يأتي ذلك في إطار التصعيد الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الـ7 أكتوبر/تشرين الأوّل، وذلك تزامناً مع حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، فما هي بلدة ترقوميا الضحية الجديدة لاقتحامات جيش الاحتلال وما تاريخها؟ 

تمثل الخط الفاصل بين فلسطين التاريخية وحدود عام 1967

تقع بلدة ترقوميا إلى الشمال الغربي من مدينة الخليل، بالضبط على بُعد 12 كلم منها، مساحتها تعدّ من أصغر المدن الفلسطينية، إذ لا تتجاوز 21 ألف دونم، غالبية أراضيها تقع في التلال الجبلية التي تربط بين امتداد السهل الساحلي الفلسطيني ومرتفعات جبال الخليل.

كما أنّ البلدة تقع على الخط الفاصل بين حدود فلسطين عام 48 وحدودها عام 67، ومن أراضيها يبدأ الخط الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة (المعبر الآمن)، والذي يسمى معبر ترقوميا.

موقع استراتيجي هام تحتله بلدة ترقوميا/ مواقع التواصل

يحد بلدة ترقوميا من الشرق جبال مدينة الخليل وبلدة بيت كاحل. ويحدها من الغرب بلدة بيت جبرين وهي أرض فلسطينية مغتصبة منذ عام 1948م، ويحدها من الشمال بلدة بيت أولا، ويحدها من الجنوب بلدة إذنا وسوبا وتفوح.

أقيمت ترقوميا على أنقاض بلدة كنعانية تدعى "يفتاح"، وقد عُرفت في العهد الروماني باسم Tricomias، وتعني أرض القرى الأربع، وهي: 

– كفار عتا التي تعرف حالياً باسم فرعا.

– قرية ناحل تلم التي تعرف اليوم باسم الطيبة.

– قرية كفار حيرف وهي خربة سيف.

– خربة بيت نصيب.

وهناك رواية أخرى ترجع تسميتها إلى العهد الإسلامي، إذ يُرجع البعض تسميتها إلى معركة أجنادين التي وقعت عام 13 هجري، بالقرب من بيت جبرين إلى الجهة الغربية من البلدة، إذ يتواتر أن جندياً من جنود المسلمين يدعى "أمية" قد ضلّ الطريق إلى الجيش، أو أنه نقل إليها جريحاً ونُسي هناك، فقيل: "تركوا أمية" ثم حرّف الاسم مع الوقت إلى ترقوميا.

مدينة أثرية عمّرت منذ آلاف السنين

يعتقد أنّ بلدة ترقوميا من أقدم مدن فلسطين، إذ سكن الإنسان بلدة ترقوميا منذ آلاف السنين وترك فيها آثار حضاراته المختلفة عبر العصور والأزمان منذ الزمن الكنعاني حتى الآن؛ إذ تعتبر ترقوميا بلدة أثرية، ذلك أنها سكنت من قِبل الرومان واليهود والكنعانيين والأتراك، وذلك لوقوعها بين القرى الأربع التي ورد ذكرها في سبب التسمية.

ومن المواقع الأثرية الموجودة فيها:

تل الطيبة، خربة بئر الكفرين، خربة جمرورة، خربة قرمول، خربة سيف، خربة بئر الفأر، خربة بيت نصيب، خربة البرج، خربة دوقاس، خربة البطم، وخربة الجرة، وخربة فرعون.

طوال فترة الثورات والمقاومات الفلسطينية، لم تتخلف قرية ترقوميا عن صف المقاومة، إذ شارك أبناؤها في مختلف الثورات، مثل  ثورة 1936، وكان قائدهم فيها هو القيادي عبد الحميد الشلف مع العديد من الشخصيات المحلية، ومشاركتهم أيضاً في معركة صوريف في سنة 1947، والتي كان قادتها من المدينة كلاً من: محمد محمود خليل الجعافرة، عبد الرحمن عواد الفطافطة، عبد العال محمود عوض، محمد عيسى الجعافرة، أحمد مصطفى أرطيش، شحادة عبد المحسن قباجة.

ترقوميا
بوابة مدينة ترقوميا باتجاه محافظة الخليل/ ويكيبيديا

كما شارك أبناء المدينة في حرب عام 1948، في معركة كفار عصيون، التي استشهد فيها محمد محمود خليل الجعافرة، إضافةً إلى العديد من  معارك الحدود بين عامَي 1949 و1950، ناهيك عن مشاركتهم في حرب يونيو/حزيران 1967، والتي استشهد فيها أحمد عبد القادر حسين قباجة، وعزات محمود المصري، وهو التاريخ الذي احتلت فيه القرية من قِبل الاحتلال الصهيوني. 

ورغم الاحتلال، واصل أبناء المدينة مقاومتهم، حتى الآن، وذلك من خلال مشاركتهم في الانتفاضتين الأولى والثانية سنة 2000.

يعيش سكان بلدة ترقوميا على الزراعة 

وفقاً لموقع مدينة ترقوميا، فقد بلغ عدد سكان بلدة ترقوميا حسب آخر الإحصائيات 19 ألف نسمة؛ حيث بلغت نسبة الذكور منهم 51.5% ونسبة الإناث 48.5%.

ويعيش معظم سكانها على الزراعة، ومن أشهر المزروعات التي تزرع في تلال ترقوميا: الزيتون والعنب والخضراوات والفواكه وبعض الحمضيات، بالإضافة إلى المزروعات الشتوية كالقمح والشعير، والصيفية مثل البندورة والكوسا والفقوس، وعلى أراضيها عدد من البيوت البلاستيكية الزراعية.

كما يوجد في البلدة العديد من المؤسسات، من بينها جمعية ترقوميا الخيرية التي تأسست عام 1964، وهي أقدم وأكبر مؤسسة في ترقوميا وتقدم خدماتها لجميع سكان البلدة في المجالات الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية.

تحميل المزيد