صنَّفته “اليونسكو” ضمن تراثها غير المادي.. “السبوع”، المهرجان الثقافي الذي يحتفل من خلاله الجزائريون بذكرى المولد النبوي

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/04 الساعة 12:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/04 الساعة 12:09 بتوقيت غرينتش
تظاهرة السبوع للاحتفال بذكرى المولد النبوي في مدينة تيميمون الجزائر / مواقع التواصل

في وسط صحراء الجزائر، حيث تلتقي الواحات الخضراء والكثبان الذهبية، وبالضبط في قرى مدينة تيميمون، يتجمع الراغبون في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف من سكان عدة محافظات جنوبية جزائرية، من أجل إحياء تظاهرة "السبوع"، أو أسبوع المولد النبوي الشريف، وهي المناسبة التي تشهد حضور الآلاف من الجزائريين والسياح الأجانب، وتتخللها طقوس اجتماعية ودينية تبرز الطابع الخاص لسكان واحات قورارة. 

سكان تيميمون يحتفلون بالمولد طيلة شهر كامل 

يعكف سكان محافظة تيميمون بأقصى الجنوب الجزائري على إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بطريقة خاصة، إذ تدوم احتفالاتهم شهراً كاملاً، وتتنوع بين المدائح الدينية وتلاوة القرآن في المساجد إلى مهرجانات البارود والفانتازيا. 

فمع مطلع أوّل ليلة في شهر ربيع الأوّل، تبدأ مساجد المنطقة في تلاوة المدائح الدينية عبر المكبرات، بينما تتزيّن البيوت والشوارع بالشموع والزينة. ويستمر الأمر حتى آخر ليلة من شهر ربيع الأوّل، مع وجود ليالٍ مميزة تبلغ فيها الاحتفالات ذروتها، وهي ليلة 12 من ربيع الأوّل، وهو ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم، و ليلة 18 من ربيع الأوّل التي توافق ذكرى أسبوع المولد النبوي، والتي تتميّز باحتفالٍ خاص عند ساكنة تيميمون، ومعظم سكان المناطق الجنوبية بالجزائر، ويطلق عليها تظاهرة السبوع.

السبوع
يستمر الاحتفال بالمولد النبوي طيلة شهر كاملٍ في الجزائر / مواقع التواصل

وللاحتفال بتظاهرة السبوع أبعاد، منها الطابع الديني الذي يميّز المنطقة، ومحافظة سكانها على التقاليد، وتقديسهم سيرة النبي محمد، والاعتقاد السائد بكرامات الأولياء الصالحين، كما تحمل المناسبة عمقاً اجتماعياً، إذ تمثّل أحد صور الروابط المجتمعية بين السكان، وتساهم في متانة التماسك بين الأفراد والعائلات، وتُعدّ فرصة للقاء، ومناسبة لفض النّزاعات والخلافات.

السبوع.. احتفال الجزائريين بالمولد النبوي الشريف

يشهد اليوم السابع، بعد ذكرى مولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- احتفالاً خاصاً، تتعدى فيه التظاهرات والفعاليات الدينية والاجتماعية. 

ولعلّ أبرز تظاهرة تميّز احتفالات تيميمون بالسبوع هي الفعالية التي يُطلق عليها اسم "يوم اللقاء"، وتشهد الفعالية تجمّعاً ضخماً يضم وفوداً قادمة من مختلف مناطق قورارة والجنوب الجزائري، وذلك وفقاً لموقع العربي الجديد

السبوع
تظاهرة السبوع بتيميمون /مواقع التواصل

حيث يكلّف أعيان كل منطقة من يمثلها، ليشارك في يوم اللقاء، حاملاً رايتها التي تمثل بدورها الولي الصالح للمنطقة، وأبرز المناطق هي "تابلكوزة" و"أنجلوا" و"أجدير" و"أولاد عيسى" و"امساهل" و"الواجدة" و"أوقروت"، ويتبع كل وفد مساراً خاصاً به مشياً على الأقدام، حتى الوصول إلى زاوية "سيدي الحاج بلقاسم"، وهي نقطة اللقاء، وقد تسير بعض الوفود أياماً للوصول إلى نقطة اللقاء، وذلك بعد قطعهم عشرات الكيلومترات.

بعد عصر يوم 17 ربيع الأوّل، تبدأ أعداد كبيرة من سكان المنطقة في الوفود إلى زاوية "سيدي الحاج بلقاسم"، بالإضافة إلى الزوار القادمين من الولايات الأخرى، والسياح الأجانب الذين يرغبون في المشاركة بهذه التظاهرة الدينية.

وأثناء المسير نحو مكان التجمع، يُنشد الزوار قصائد مختلفة في مدح النّبي، ويكون لباس الحضور المشكّل من العباءة والعمامة كله باللون الأبيض، وهو الزي المتعارَف عليه في المنطقة، مع حمل البعض الرايات الخضراء.

يقيم المحتفلون حلقة كبيرة، يكون محيطها مشكّلاً من أشخاص يرتدون لباساً خاصاً باللون الأبيض، ويحملون بنادق الباردون ويؤدون رقصات الفلكلور، بينما يتوسط الحلقة حاملو الرايات في مشهد جميل.
وينخرط الشباب المشارك في الاحتفال في حلقات يُطلق عليها اسم "لعلاوي"، والمعروفة في الجنوب الجزائري، وفيها ينتظمون بأشكال دائرية أو مستقيمة، حاملين البنادق التقليدية، مرددين مدائح نبوية تتسارع وتيرتها، وعند بلوغ مداها يطلقون البارود من بنادقهم فيُحدث صوتاً مدوياً تعبيراً عن نهاية تلك الحركات.

بينما تنظم زوايا المنطقة ومساجدها حلقات الذكر والمديح، وتخلل الفعالية ولائم لإطعام الزائرين والمحتفلين، ويكون ختام الفعالية بزيارة إلى زوايا المنطقة وأضرحة علمائها ورجالها الصالحين. 

احتفالية مدرجة في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي

ولأهمية هذه الفعالية، قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بإدراجها في عام 2015، ضمن قائمة التراث الثقافي الإنساني غير المادي، وتحمل المناسبة أبعاداً ثقافية واجتماعية واقتصادية، إذ توسعت إلى إقامة أنشطة موازية للتعريف بثقافة المنطقة.

إذ صارت المناسبة فرصة لاستعراض تراث الحضرة الجزائرية، ومهرجان أهليل الذي يصنف هو الآخر ضمن تراث اليونسكو غير المادي. 

السبوع
اليونيسكو يصنف السبوع ضمن قائمته للتراث غير المادي / مواقع التواصل

إضافةً إلى تأدية رقصات شعبية فلكلورية تعكس تقاليد المنطقة وخصوصيتها، من الأطباق التقليدية، إلى عرض مختلف المنتجات التقليدية.

تحميل المزيد