حوّلت مدينة كاملة إلى كتلة لهب.. “عملية عمورة”، عندما أحرقت بريطانيا هامبورغ الألمانية بأطنان من القنابل الحارقة

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/28 الساعة 12:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/28 الساعة 12:48 بتوقيت غرينتش
"عملية عمورة"، عندما أحرقت بريطانيا مدينة هامبورغ الألمانية بـ2300 طن من القنابل الحارقة/ ويكيبيديا

في عام 1943، كانت مدينة هامبورغ الألمانية تضم العديد من المصانع، كما كنت مركزاً لعمليات بناء السفن العملاقة والحربية، إذ قامت المدينة في ذروة الحرب العالمية الثانية بصناعة غواصات يو الحربية التي شكلت تهديداً وجودياً لبريطانيا العظمى، الأمر الذي جعلها تنتقم من المدينة من خلال غارات جوية تسمى عملية عمورة.

خلال فصل الصيف الجاف والحار من ذلك العام، حدد المشير الجوي السير آرثر "بومبر" هاريس التابع لقيادة القاذفات الجوية التابعة لسلاح الجو الملكي، مدينة هامبورغ الواقعة شمال ألمانيا بأنها هدف رئيسي جدير بالاستهداف.

أمر هاريس بحملة جوية مدتها 10 أيام تستهدف المدينة، وأطلق عليها اسم عملية عمورة، في إشارة إلى المطر التوراتي للخراب والنار القادمة من الأعلى.

كان مقرراً في الأصل أن تبدأ العملية في 22 يوليو/تموز، لكنها تأخرت لمدة يومين بسبب التغطية السحابية، وبحلول 24 من يوليو/تموز، وابتداءً من حوالي الساعة 10:00 مساءً، أقلعت 791 قاذفة قنابل بريطانية تحت جنح الظلام من أجل دكّ العاصمة الاقتصادية لألمانيا النازية بالحمم النارية.

كان الأسطول الجوي البريطاني مكوناً من طائرات شركة لانكستر البريطانية، وقاذفات ستيرلينغ ويلينجتون وطائرات هاليفاكس تحلِّق في ست موجات. كان لكل موجة ما بين 100 إلى 120 طائرة على أمل تركيز أكبر قدر ممكن من الدمار.

عملية عمورة
مدينة هامبروغ أثناء عملية عمورة/ ويكيبيديا

بعد 8 أيّام من القصف، تحوّلت مدينة هامبورغ الألمانية إلى كتلة من النار والدمار، فقد خرجت المدينة عن الخدمة لأكثر من عامين، بعد أن دكت بأكثر من 2300 طن من القنابل الحارقة، التي رفعت درجة حرارة المدينة إلى أكثر من 900 درجة مئوية. 

عملية عمورة.. حين أرادت بريطانيا تدمير هامبورغ لإثارة غضب هتلر

وفقاً لموقع BBC، خلال الحرب العالمية الثانية كانت مدينة هامبورغ هدفاً رئيسياً لقوات الحلفاء بسبب مكانة المدينة الاقتصادية وتمركز الصناعات الحربية للجيش النازي فيها، كما كانت إثارة هتلر والتأثير على نفسيته من أجل الضغط عليه لإنهاء الحرب أحد الأسباب التي عجّلت بعملية عمورة.

فقد تمّت تسمية العملية على اسم مدينة الكتاب المقدس التي قيل إن الله دمرها بالنار والكبريت، في دعاية نفسية للتأثير على الألمان وهتلر بشكلٍ محدد، فقد استمر القصف ثمانية أيام وسبع ليالٍ بهدف تسوية ثاني أكبر مدينة في ألمانيا بالأرض.

معركة عمورة
حوّلت عملية عمورة مدينة هامبورغ الى كتلة من الأكوام /ويكيبيديا

كانت عملية عمورة في الواقع بداية مرحلة جديدة من الحرب العالمية الثانية، حيث بدأ الحلفاء في استهداف المدنيين في جهد متضافر لسحق الروح المعنوية الألمانية ووضع حد للحرب كما سبق الذكر، كما شهدت العملية أيضاً أول استخدام لتقنية جديدة مبتكرة جعلت الرادار الألماني غير فعّال.

فبفضل هذه التقنية، خسرت بريطانيا 12 طائرة فقط في هذه الغارة من أصل 791 طائرة، إذ عمل جهاز تشويش جديد يسمى "النافذة"، والذي يتكون من شرائح من رقائق الألومنيوم أسقطتها القاذفات في طريقها إلى هدفها بإرباك الرادار الألماني الذي عجز عن صدّ الغارات البريطانية، وذلك بحسب موقع history

حوّلت هامبورغ إلى كتلة من اللهب

وفي الليلة الفاصلة بين يومَي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من شهر يوليو/تموز سنة 1943، تموضعت حوالي 800 قاذفة قنابل بريطانية من نوع هاليفاكس ولانكاستر في سماء مدينة هامبورغ الألمانية، حيث استغل الطيارون البريطانيون برج كنيسة القديس نيقولا والذي يقدر طوله بحوالي 145 متراً من أجل تحديد المدينة خلال الظلام الدامس، كون الكهرباء كانت مقطوعةً على المدينة في الليل، وذلك وفقاً لـ nationalgeographic.

ألقت الطائرات البريطانية في أولى طلعاتها آلاف الأطنان من القنابل، وقد أسفر هذا القصف الأول عن مقتل حوالي 2000 شخص من أهالي المدينة في ليلة واحدة.

معركة عمورة
أسقطت الطائرات البريطانية 2300 طن من القنابل الحارقة على هامبورغ في عملية عمورة/ ويكيبيديا

استمر القصف الليلي البريطاني على مدينة هامبورغ الألمانية أياماً بعدها، لكن خلال الليلة الفاصلة بين يومَي الـ27 و28 يوليو/تموز، ضاعفت الطائرات البريطانية من حجم غاراتها، إذ ألقت طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني ما قدره 2326 طناً من القنابل الحارقة على مناطق هامر برووك، وهام وبورغ فيلد الصناعية، وفي تلك الأثناء تسببت الرياح العاتية والعوامل الجوية السيئة في ظهور ما يسمى بـ"عاصفة نارية" امتدت لتلتهم أجزاء واسعة من مدينة هامبورغ.

انتشر الدمار على ما يقرب من 12 ميلاً مربعاً (31 كيلومتراً مربعاً). في ذروة المداهمة، اشتعلت النيران في 16 ألف مبنى سكني بواجهات تبلغ 133 ميلاً (214 كيلومتراً)، ويقطنها ما يقرب من 450 ألف شخص.

وسريعاً تحوّلت مدينة هامبورغ إلى كتلة من اللهب، إذ بلغت درجة الحرارة بالمناطق التي تعرضت للقصف باستخدام القنابل الحارقة 900 درجة مئوية، وقد أسفر ذلك عن مقتل عشرات الآلاف من الأهالي حرقاً، فضلاً عن ذلك فارق العديد من الأطفال الحياة داخل الملاجئ خنقاً بسبب كميات الدخان الهائلة.

رفض هتلر زيارة مدينة هامبورغ لفظاعة آثار عملية عمورة

عندما انتهاء العملية، كانت القاذفات البريطانية قد أسقطت في 17 ألف طلعة، أكثر من 9000 طن من المتفجرات الحارقة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص وتدمير 280 ألف مبنى، بما في ذلك مصانع الذخيرة والصناعية.

عملية عمورة
تسببت عملية عمور في مقتل أكثر من 30 ألف مدني/ ويكيبيديا

كان تأثير عملية عمورة على هتلر كبيراً أيضاً، فقد رفض زيارة المدينة المحترقة، لأن الأنقاض ومشهد الدمار في المدينة لم يكن يذكر له شيئاً سوى نهاية الحرب.

استمر وضع مدينة هامبورغ المنكوبة لسنواتٍ بعد الحرب، إذ ظلّت مشاهد الحرائق والدمار الكثيف من يوميات المدينة لأكثر من سنتين. 

تحميل المزيد