صُب الذهب المصهور في فمه بسبب جشعه.. ماركوس كراسوس أغنى رجل في روما والذي تسبب موته في حرب أهلية

تم النشر: 2023/06/08 الساعة 16:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/08 الساعة 16:34 بتوقيت غرينتش
ماركوس كراسوس، أغنى رجل في روما /ويكيبيديا

كان السياسي والعسكري الروماني الشهير ماركوس كراسوس أغنى رجل في روما، وربما أحد أثرى الأثرياء في العالم، فقد كان كان يمتلك ثلث سوق العقارات في روما، وكانت ثروته بحجم الإيرادات السنوية لروما، مع ذلك، كان بحث كراكوس عن انتصارٍ عسكري سبباً في سقوطه.

فقد جلبت له ثروته الهائلة ومهاراته السياسية الحادة التحالف مع القنصلين يوليوس قيصر وبومبي في ما عُرف تاريخياً بالحكومة الثلاثية الأولى، التي بموجبها صار كراسوس حاكماً على سوريا، هناك وعلى الرغم من أنه كان يتمتع بعلاقة ودية وممتازة مع يوليوس قيصر بحكم أنه كان مرشده وراعياً له، فإن كراسوس كان يبحث عن مجدٍ عسكريٍّ يوازي به إنجازات الضلع الثالث في الحكومة الرومانية: القيصر بومبي، لكن ذلك القرار على ما يبدو قد كلف روما الدخول في حربٍ أهلية، بعد أن قُتل كراسوس وهو في طريق تحقيقه لمجده العسكري بعد هزيمته في معركة كراي أمام الفرثيين.

أمضى ماركوس كراسوس شبابه هارباً في الكهوف قبل أن يتحول إلى أغنى رجل في روما

وفقاً لـnationalgeographic. وُلد ماركوس كراسوس نحو عام 115 قبل الميلاد، ولم يكن ينحدر من عائلة ثرية، فعلى الرغم من أن والده كان قنصلاً في عام 97 قبل الميلاد، فقد نشأ كراسوس في منزل صغير لم يكن موطناً له ولوالديه فحسب، بل أيضاً لشقيقيه الأكبر وأسرهم.

عندما كان في أواخر العشرينيات من عمره، قُتل والد Crassus وأحد أشقائه أثناء الصراع الذي حدث في روما بعهد الدكتاتور Cinna، لكنCrassus نفسه هرب مع ثلاثة من أصدقائه إلى إسبانيا، حيث كان والده قد خدم قائداً عسكرياً، وهناك قضى معظم وقته هارباً في أحد الكهوف حتى وفاة Cinna، حيث بدأت مرحلة جديدة من حياة كراسوس.

فبعد وفاة سيينا خرج Crassus من كهفه، وقام بجمع جيشٍ من 2500 مقاتل، لينضم به إلى سولا في حملاتها بالأراضي الإيطالية، وبعدها التفت كراسوس لتجميع ثروته.

استغل Crassus احتجاجات سولا، حيث رخصت عقارات روما، فقام بشرائها، كما قام بشراء العقارات المعرضة للخطر بسبب الحريق الذي التهم روما، بأسعار زهيدة للغاية. 

ماركوس كراسوس
تمثال ماركوس كراسوس في روما /ويكيبيديا

وشيئاً فشيئاً سيطر Crassus على ثلث سوق العقار في روما، وأضاف إلى مصادر دخله تجارة العبيد والأسلحة، حتى صار أغنى رجل في روما، وبلغت ثروته مداخيل روما السنوية.

وعلاوةً على المجد الذي كتبه Crassus بثروته، كان يعتبر خطيباً مفوهاً للغاية، كما كان ودوداً ولطيفاً مع الجميع، وزاد تواضعه من إعجاب الرومان بشخصيته.

دخل في صراع مع بومبي من أجل المجد العسكري

على الرغم من الثروة الكبيرة التي كان يملكها، فإن Crassus كان يرى في بومبي منافساً عظيماً له، لكنه عرف أنه لا يمكن أن يقابل الإنجازات العسكرية لبومبي، لذلك بدأ في الفوز بشعبية الرومان من خلال العمل كمدافع في الدعاوى القضائية، حيث رفض المدافعون الآخرون التصرف وإقراض المال دون فرض فائدة، شريطة سداد القرض في الوقت المحدد، لكن كراسوس كان المنقذ.

ماركوس كراسوس
دخل كارسوس في حلف مع يوليوس قيصر وبومبي / ويكيبيديا

مع ذلك، سنحت فرصة لـ Crassus لإثبات أفضليته العسكرية حين حارب قوات سبارتاكوس المتمردة، ورغم نجاحه في المهمة إلى أبعد حد، فإن إرسال مجلس السينات الروماني لبومبي من أجل إكمال مهمة القضاء على جنود سبارتاكوس، جعل بومبي هو البطل، لكون كراسوس قد شل التمرد، لكن بومبي كان هو الذي أنهاه، وهو ما زاد تنافس الرجلين.

دخل يوليوس قيصر على خط هذا التنافس، وأقنع بومبي و Crassus بتسوية خلافاتهما، وقام الثلاثة معاً بتوقيع تحالف الحكومة الثلاثية، التي بموجبها صار كراسوس حاكماً على المقاطعات الرومانية بسوريا سنة 54 قبل الميلاد، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.

نهاية مأساوية لماركوس كراسوس

أراد Crassus أن يستغل منصبه حاكماً على سوريا من أجل تعزيز مجده العسكري، واستخدام سوريا قاعدةً لعملياته ضد بارثيا بالأراضي الإيرانية الحالية، وهو الأمر الذي أثار معارضة كبيرة في روما، لكون بارثيا لم تحدث أي ضرر على الرومان. 

وبالفعل حوّل Crassus نواياه إلى حقيقة، وشرع في تجسيد هدفه بمهاجمة البارثيين، ولكنه كان أمام موعدٍ مع السقوط النهائي. 

بدأ Crassus غزوه في عام 53 قبل الميلاد، وارتكب خلاله سلسلة من الأخطاء الفادحة، من ضمنها رفض عرض من ملك أرمينيا بمده بمزيد من الجنود إذا كان سيغزو بارثيا من بلاده، وذلك بحسب worldhistory.

وبدلاً من ذلك، اختارCrassus التقدم عبر الصحراء، وهو القرار الذي ترك رجاله البالغ عددهم 43 ألف مقاتل، يعانون من الجوع والعطش.

ماركوس كراسوس
مات كراسوس بصبّ الذهب المصهور على فمه /shutterstock

بالقرب من كاراي، وهي بلدة تركيةٌ الآن، اشتبك كراسوس مع القوات البارثية بقيادة الجنرال سوريناس الذي قاتل بمكر وصبر. تعرض Crassus لهزيمة مذلة خلال هذه المعركة، فمن أصل 43 ألف جندي روماني، قُتل عشرون ألفاً، وأُسر عشرة آلاف، كان ابن Crassus من بين القتلى، بينما كان كراسوس نفسه من بين الأسرى.

كانت نهاية Crassus بشعة، فوفقاً لبلوتارخ، تم إرسال رأسه ويده إلى الملك أورودس الثاني، بينما يروي كاسيوس ديو نهايةً أكثر بشاعة، تقول إن البارثيين سكبوا الذهب المصهور في فم كراسوس. 

كانت نهاية Crassus المؤلمة إيذاناً بنهاية التحالف الثلاثي الذي سقط أحد أضلاعه، فبعد مقتل كراسوس، انفجر التنافس بين قيصر وبومبي، وغرقت روما في حرب أهلية طويلة كانت سبباً في نهاية الجمهورية الرومانية وقيام الإمبراطورية مكانها.

تحميل المزيد