ألف كتباً عن السحر والشعوذة.. جيمس السادس، الملك الذي كرهه الكاثوليك والبروتستانت

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/01 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/01 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش
جيمس السادس ويكيميديا

عُرف بـ"جيمس السادس" عندما كان ملكاً لأسكتلندا وبـ"جيمس الأول" عندما تولى عرش إنجلترا، وعلى الرغم من أن التاريخ يذكره على أنه ملك كرهه الكاثوليك والبروتستانت على حد سواء، حتى إن جماعة كاثوليكية حاولت اغتياله بعملية جريئة للغاية، فإن أبرز الأحداث التي وقعت في عهد الملك جيمس كانت الإعلان عن ولادة "بريطانيا العظمى" بعد ضم أسكتلندا مع إنجلترا. 

جيمس السادس الذي اعتلى العرش عندما كان يبلغ 13 شهراً

وُلِد الملك جيمس السادس بقلعة إدنبره في 19 يونيو/حزيران 1566، وهو الابن الوحيد لماري ملكة أسكتلندا، وقد تولى العرش عندما كان عمره 13 شهراً فقط، وتوالى على الوصاية على عرشه عدد من الرجال الطامعين في السلطة.

في فترة مراهقته، عُرف جيمس بالشذوذ الجنسي، وعلى الرغم من ذلك أدرك لاحقاً أن دوره كملك يعني أنه من المتوقع أن يكون لديه أطفال وورثة في المستقبل. لذلك قرر في عام 1589 الزواج من آن الدنماركية البالغة من العمر 14 عاماً، بينما كان يبلغ من العمر 23 عاماً.

ولكي يتزوج آن قرر جيمس الإبحار إلى الدنمارك، وكانت الرحلة محفوفة بالمخاطر بسبب العواصف الشديدة، وقد اعتقد جيمس في ذلك الوقت أنها كانت نتيجة "لعنة" من قبل "السحرة"؛ لإغراقه هو وعروسه الجديدة. لذلك كانت تلك الرحلة هي الحافز الأساسي الذي دفعه إلى مطاردة السحرة فيما بعد في جميع أنحاء البلاد.

جيمس السادس \ ويكيميديا
جيمس السادس \ ويكيميديا

إعدام 1500 من السحرة والساحرات 

اعتقد جيمس أن السحرة قد جهزوا التعويذة بربط قطة بجسد رجل ميت بخطاف مطبخ وإلقائها في البحر. لذلك بدأ سلسلة من المحاكمات الجنونية التي أعقبت مطاردة السحرة في جميع أنحاء البلاد.

وتشير التقديرات إلى إعدام نحو 1500 شخص في أسكتلندا بتهمة السحر، ومعظمهم من النساء اللواتي أصبحن ضحايا للشائعات والقيل والقال.

لم يكتفِ الملك بهذا القدر فحسب، بل أصبح السحر هاجسه لدرجة أنه ألف كتاباً عن السحر والشعوذة أطلق عليه اسم Daemonologie، ونشره عام 1597.

في كتابه تحدث جيمس عن أساليب ما يسمى بـ"الشياطين"، التي يُزعم أنها تُستخدم للتأثير على الناس العاديين للقيام بأعمال شائنة، كذلك تطرق أيضاً إلى مواضيع أخرى مثل المستذئبين ومصاصي الدماء.

وقد كان هدف جيمس تثقيف الجمهور حول تاريخ وممارسات السحر التي يمكن أن تسبب الأذى، وتبرير أسباب اضطهاد السحرة ومستحضري الأرواح في المجتمع المسيحي.

لاحقاً قام جيمس بتأليف كتابين حول إدارة الملك وفنون الحكم. كتابه Basilikon Doron، الذي كُتب في شكل رسالة خاصة إلى ابنه الأكبر، هنري، كان دليلاً إرشادياً حول كيف تكون ملكاً صالحاً وليس طاغية.

لقد أوضح هذا الكتاب معتقدات جيمس الشخصية وقيمه، وأصبح واحداً من أكثر الكتب مبيعاً في كل من إنجلترا وخارجها. ويرجع جزء من شعبيته إلى أن الرعايا الإنجليز الجدد للملك جيمس كانوا متعطشين إلى معرفة شكل ملكهم الجديد.

من إنجلترا وأسكتلندا إلى بريطانيا العظمى

في عام 1602، أصبح جيمس السادس، ملك أسكتلندا، ملكاً لإنجلترا كذلك، حيث خلف الملكة إليزابيث الأولى، وبات يعرف في إنجلترا باسم "جيمس الأول". 

بالتأكيد، كان هناك كثير من الأعداء للملك الجديد في إنجلترا، لأنه كان أسكتلندياً في المقام الأول، ولم يكن الجميع سعداء بفكرة توحيد إنجلترا وأسكتلندا لإنشاء بريطانيا العظمى. فمن جهتهم كان الأسكتلنديون لديهم تحفظات على الانضمام إلى الإنجليز. أما الإنجليز، فلم يكونوا يرغبون في أن يطلق عليهم تسمية "بريطانيين" وكانوا متمسكين بهويتهم الإنجليزية.

وعلى الرغم من وجود خلافات حول الموضوع، على الصعيد الشعبي وفي البرلمان أيضاً، مضى الملك جيمس قدماً في خطته وأعلن نفسه ملكاً لبريطانيا العظمى، كذلك قام بإنشاء علم اتحاد جديد.

ترجمة الكتاب المقدس

بدأ عهد جيمس بفترة سادت فيها الاضطرابات السياسية والدينية، مع وجود قدر كبير من عدم التسامح الديني. فقد أراد الكاثوليك تحريك الكنيسة في اتجاه حاسم وتخليص البلاد من البروتستانتية، بينما أراد البروتستانت التخلص من بقايا الكاثوليكية كي يصبح البروتستانت هم السائدين. 

وفي عام 1604، تم ترتيب مؤتمر لمدة ثلاثة أيام والذي تم إعداده كمحاولة للاستماع إلى كلا الجانبين بوجود الملك جيمس كوسيط بينهما، لا سيما أنه ولد كاثوليكياً لكنه نشأ بروتستانتياً. 

مع نهاية المؤتمر رفض الملك جيمس معظم الأفكار التي طرحها الجانبان، لكن كانت الفكرة الوحيدة التي لقيت قبولاً عنده هي إصدار ترجمة جديدة للكتاب المقدس باللغة الإنجليزية، وفقاً لما ورد في موقع history.

وبالفعل تم تخصيص ثمانية وأربعين مترجماً لهذه المهمة، وأصبح الكتاب المقدس الذي أصدره الملك جيمس هو الكتاب المعتمد وواحداً من أكبر الكتب مبيعاً في اللغة الإنجليزية.

جيمس السادس \ ويكيميديا
جيمس السادس \ ويكيميديا

مؤامرة البارود

كان جيمس موهوباً في إثارة حنق كل من الكاثوليك والبروتستانت، فقد كرهه كلا الطرفين، مما أدى إلى موجة من المؤامرات التي استهدفته مثل "مؤامرة الوداع" في عام 1603، وهي مؤامرة من قبل القساوسة الكاثوليك والمتطرفين بهدف القبض على الملك والتخلص منه واستبداله بابن عمه.

لكن هذه الخطة فشلت، وأعقبتها مؤامرة أكثر شهرة في عام 1605. حيث تآمر ثلاثة عشر كاثوليكياً لتفجير الملك أثناء إقامته في قصر وستمنستر. كان من المقرر أن يوجد جيمس في المبنى مع زوجته الملكة آن وابنه هنري وأهم الشخصيات في البلاد. كانت الخطة تقضي بقتل الملك واستبداله بابنته إليزابيث. قاد المؤامرة رجل يدعى روبرت كاتسبي، لكن السلطات تمكنت من اعتقاله في النهاية وأحبطت المؤامرة.

لم يطل غضب الملك المتآمرين الذين حكم عليهم بالإعدام فحسب، بل شمل أيضاً كل السكان الكاثوليك، حيث أطلق جيمس مجموعة من القوانين التي منعت الكاثوليك من تولي مناصب في الحياة العامة. إذ صدر قانون بابوي لعام 1605 منع الكاثوليك من ممارسة القانون والطب، والانضمام إلى الجيش.

علامات:
تحميل المزيد