كان ستالين ديكتاتوراً حكم الاتحاد السوفييتي طوال ما يزيد على 30 عاماً، عمل خلالها على تمكين حكمه وتصفية خصومه وخاض حملات قمع واضطهاد سياسي منظمة، لكن بعيداً عن حياته السياسية لم تكن حياته الشخصية بحال أفضل، فقد كان السببَ في انتحار زوجته الثانية ناديا آليلوييفا.. إليكم قصتها:
ناديا آليلوييفا، زوجة ستالين الثانية
أصيبت الزوجة الأولى لستالين بمرض السل وتوفيت عام 1907، عندما كان ستالين لا يزال في صفوف الثوار البلاشفة، ولم يكن يملك المال الكافي حينذاك لعلاجها، ولم تنجب له سوى ابنه الأكبر ياكوف جوجاشفيلي. ويقال إنه حزن على موتها حزناً شديداً، حتى إنه قال لأحد أصدقائه: "ماتت معها آخر آمالي".
مع ذلك تزوج ستالين ثانية عام 1919 من امرأة تصغره بـ23 عاماً وتدعى ناديا آليلوييفا.
وُلدت ناديا عام 1901 بمدينة باكو التي كانت آنذاك جزءاً من الإمبراطورية الروسية، وقد تعرفت على ستالين عن طريق والدها الذي كان زميلاً لستالين في الحزب البلشفي، وقد انتقل مع عائلته من باكو للعيش في سانت بطرسبرغ التي شهدت منذ مطلع القرن العشرين تقلبات سياسية عديدة أسفرت عام 1917 عن رحيل النظام القيصري تزامناً مع تنازل القيصر نيقولا الثاني عن العرش.
كانت ناديا في الثامنة عشرة من عمرها فقط عندما وافقت على الزواج بستالين، وقد كانت معجبة بشخصيته الثورية. لكن هذا الإعجاب لم يستمر إلى الأبد فسرعان ما بدأت المشاكل تظهر بين الزوجين.
كانت ناديا قد عملت سكرتيرة لعدد من القادة البلشفيين مثل لينين وستالين وكانت كذلك عضواً فاعلاً في الحزب الشيوعي، لكن يقال إن ستالين طردها من الحزب بعد زواجهما؛ بذريعة أنها لا تستوعب سياساته.
بعد خروجها من الحزب، تفرغت ناديا لرعاية ولديها، إذ أنجبت لستالين ابنه فاسيلي (1921)، وابنته الوحيدة سفيتلانا (1926). كذلك تابعت دراستها الأكاديمية إذ اتجهت لدراسة الهندسة في مجال الألياف الصناعية.
السبب الذي دفع ناديا للانتحار
إنجاب الأطفال لم يخفف حدة الخلافات بين الزوجين، وقد قيل إنهما كانا يتشاجران للعديد من الأسباب منها الغيرة، إذ كانت ناديا تشك في وجود علاقات لزوجها مع غيرها من النساء، كذلك لم تكن ناديا راضية عن سياسات زوجها القمعية وطريقة إدارته للبلاد، فضلاً عن أن ستالين كان قاسياً على زوجته ويغيب كثيراً عن المنزل حتى إن تواصلهما يقتصر على الرسائل في بعض الأحيان.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 1932، كانت ناديا على وشك إنهاء مسيرتها الدراسية لكنها وضعت حداً لحياتها قبل حصولها على شهادة الهندسة بأسابيع قليلة.
ففي السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، حضرت ناديا مع زوجها ستالين احتفالاً لإحياء الذكرى الخامسة عشرة للثورة البلشفية، ثم توجه الزوجان إلى الكرملين لحضور احتفال أقامه المسؤول السوفييتي كليمنت فوروشيلوف وحضره كبار قادة الحزب الشيوعي.
في تلك الليلة، كان ستالين تحت تأثير الكحول وراح يغازل النساء الموجودات في الحفل دون أن يقيم اعتباراً لزوجته التي كانت حاضرة معه أيضاً، وعندما أبدت ناديا انزعاجها من تصرفاته أهانها أمام جميع الحضور، فما كان منها إلا أن انسحبت مغادِرةً الحفل.
وفي صبيحة اليوم التالي، أنهت ناديا حياتها بطلقة في الصدر، مستخدمة مسدساً صغيراً أحضره لها شقيقها من برلين بعد طلبٍ منها بحجة حماية نفسها داخل الكرملين.
انهيار عائلة ستالين بعد انتحار زوجته
صُدم ستالين كثيراً عند سماع الخبر وأمر بإخفاء القصة عن الصحافة والأطفال، وأعلن أنها توفيت بسبب الزائدة الدودية.
كان عمر فاسيلي ابن ستالين، 12 عاماً فقط عندما أقدمت والدته على الانتحار، وقد اتجه إلى إدمان الكحول بعد سنة واحدة من هذه الحادثة أي عندما كان لا يزال في الـ13 من عمره، وفق ما أورده موقع All That's Interesting.
وعندما اشتد عوده، لم يتألق فاسيلي في الجيش كما كان والده يحلم، بل أمضى حياته بشرب الخمر ومطاردة النساء، وبعد وفاة والده اتهم باختلاس أموال عسكرية لإشباع نهمه لشرب الخمر أثناء الحرب، فجُرد من رُتبه وحكم عليه بالسجن مدة 7 سنوات.
أما الابنة الوحيدة لستالين فقد أصيبت بصدمة عندما علمت بحقيقة انتحار والدتها، وأمضت حياتها حانقة على والدها الذي دفع أمها إلى الانتحار وتدخل في جميع خياراتها بالحياة، فمنعها من دراسة الأدب، ومنعها من رؤية حبيبها اليهودي، حتى إنه أرسله إلى معسكرات الاعتقال لمدة 5 أعوام. وهاجمت سفيتلانا لاحقاً والدها والاتحاد السوفييتي في مذكراتها وكُتبها مثل "عشرون رسالة لصديق"، و"عام واحد فقط".