كانت عملية بلاكستون (Opération Blackstone) التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية بالمغرب جزءاً من عملية عسكرية أكبر، قام بها الحلفاء في شمال إفريقيا، من أجل حصر النفوذ الألماني وإنهاء سيطرة حكومة فيشي على المغرب والجزائر، وهي العملية التي أطلق عليها اسم عملية الشعلة.
لم تكن عملية الشعلة لتسير بالشكل الذي سارت عليه لو لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية بعملية إنزال كبيرة في المغرب، وهي العملية التي أُطلق عليها اسم بلاكستون.
كانت هذه المهمة الداعمة تهدف في بدايتها إلى سيطرة القوات الأمريكية على ميناء آسفي، الذي تديره حكومة فيشي الفرنسية في المغرب الفرنسي، ومن ثم البدء في عملية للسيطرة على الدار البيضاء المغربية، كانت الوحدة المسؤولة عن العملية هي فوج المشاة 47 الأمريكي، واختير صباح الـ8 من نوفمبر/تشرين الثاني 1942 موعداً لها.
عملية بلاكستون.. حين نزل الأمريكيون بالمغرب
بقيادة الجنرال دوايت أيزنهاور، تم تصميم العملية كحركة داعمة للعمليات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، والتي استهدفت القيادة الفرنسية الموالية لفيشي في المغرب، فقد كان الجنرال شارل أوغست نوجيس خاضعاً للقائد الأعلى لجميع قوات فيشي، الأدميرال جان فرانسوا دارلان، الذي كان مقيماً بالجزائر.
وفقاً للموسوعة البريطانية فقد حاول الدبلوماسيون والعسكريون الأمريكيون كسب تعاون هؤلاء الضباط مع الحلفاء قبل البدء في عملية بلاكستون، لأنه كان من الضروري محاولة تجنب المقاومة المسلحة لقوات فيشي الفرنسية، لكن تلك الجهود الدبلوماسية كللت بالفشل.
وموازاة مع هبوط القوات الأنجلو أمريكية في مرسى الكبير بوهران، أعطى الجنرال أيزنهاور الضوء الأخضر لفوج المشاة 47 الأمريكي، للإنزال في ميناء آسفي بالمغرب من أجل دعم عملية الشعلة، وإنهاء سيطرة حكومة فيشي على المغرب، وتأمين رؤوس الجسور لفتح جبهة ثانية في مؤخرة القوات الألمانية والإيطالية، التي تقاتل البريطانيين في ليبيا ومصر.
كان الأمريكيون يأملون في أن يتمّ الإنزال دون مقاومة من قوات حكومة فيشي، لذلك لم تكن عملية بلاكستون بحاجة إلى تغطية في البداية، لكن مع ذلك تلقى الجنود الأمريكيون النار فور وصولهم إلى الأرض، فقد كان القناصة الفرنسيون منتشرين في كلّ مكان، ويقومون بقنص أي جندي أمريكي يدخل مجال رؤيتهم.
تسببت المقاومة الفرنسية الشديدة في خسائر كبيرة في صفوف القوات الأمريكية، مع ذلك نجحت القوات الأمريكية في السيطرة على ميناء آسفي، في الـ8 من نوفمبر/تشرين الثاني، تمّ توجهت إلى مناطق المحمدية والمهدية ومراكش وأكادير وسط مقاومة فرنسية متضاربة.
3 أيامٍ كانت كافية للقضاء على حكومة فيشي الفرنسية بالمغرب
ولأنّ ضمان حياد المغاربة كان نقطة مصيرية في نجاح العملية، قام الرئيس الأمريكي روزفلت بإرسال رسالة إلى المغاربة، وزّعت في منشورات قامت الطائرات الأمريكية برميها في المغرب من أجل إقناع المغاربة بحسن نية الأمريكان، وأنهم حلفاء وليسوا أعداء، وهي الرسالة التي جعلت آلاف المغاربة يستقبلون القوات الأمريكية عند نجاحها في هزيمة حكومة فيشي.
استمرت عملية بلاكستون 3 أيامٍ فقط، ففي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، وبعد استسلام الفرنسيين في جميع المناطق الرئيسية، استعدت القوات الأمريكية للهجوم على مدينة الدار البيضاء، المعقل الأخير لحكومة فيشي بالمغرب، وبعد اشتباك بحري قصير استسلم الفرنسيون قبل شن هجوم شامل.
وبعد نجاح عملية بلاكستون في المغرب، اتفق الحلفاء على إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في الدار البيضاء، تكون تحت قيادة الجنرال باتون، وتكون تحت السيادة الأمريكية من أجل دفع عملية الشعلة إلى الأمام.