موقع خيالي في إحدى الروايات المصرية.. كيف تحوَّل “سرداب فوريك” إلى حقيقة؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/03 الساعة 19:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/04 الساعة 12:23 بتوقيت غرينتش
Istock أرض زيكولا

في روايته الشهيرة "أرض زيكولا" تخيل الكاتب المصري الشاب عمرو عبد الحميد، سرداباً خيالياً، يُدعى "سرداب فوريك"، باعتباره همزة وصل بين قرية مصرية حقيقية ومكان خيالي من وحي تأليفه، لكن اللافت هو تحوُّل الخيال فجأة إلى واقع، حين ظهرت علامة على برنامج الخرائط الأشهر "جوجل مابس"، تشير إلى موقع السرداب تحت اسم "سرداب فوريك أرض زيكولا"، لتتحول بذلك أرض زيكولا إلى وجهة يمكن لمن يرغب أن يصل إليها بسيارته، خاصة بعدما قام الكاتب نفسه بكتابة جملة مقتضبة ومريبة عبر صفحته الرسمية يقول فيها: "مين جاهز للرحلة؟".

ما هي قصة أرض زيكولا؟ 

ربما لم يكن الطبيب المصري الشاب عمرو عبد الحميد يتصور حين أقدم على نشر روايته "أرض زيكولا" عام 2010 أنها سوف تكون على قائمة الكتب الأكثر قراءة لسنوات تالية،  وأنه سوف يصدر منها عشرات الطبعات، وتصل مع قرائها إلى الجزء الثالث، مع مزيد من الحماسة لمزيد من الأجزاء.

تدور قصة أرض زيكولا في قرية مصرية تدعى البهو فريك، وهي موجودة بالفعل، على أرض الواقع، تتبع مركز أجا، في محافظة الدقهلية، ويفترض أنه داخل هذه القرية سرداب، يسمع به الناس منذ زمن بعيد، لكن لا أحد يعرف طريقه أو موقعه، لكن الكاتب الشاب تخيل أنه عرف مكانه أخيراً، وذهب بالخيال إلى ما هو أبعد، حيث افترض أن هذا السرداب ينفتح في توقيت بعينه، ليقود من يدخله إلى أرض تدعى "أرض زيكولا" حيث لا مكان للنقود، فالعملة في هذا العالم الموازي هي وحدات الذكاء، مع مجموعة من التفاصيل الشائقة التي جذبت حولها آلاف الشباب من المعجبين برواية "أرض زيكولا".

كيف تحول سرداب فوريك إلى حقيقة

فجأة صار لسرداب فوريك موقع على الخريطة، الأمر الذي أثار كثيراً من التساؤلات، فعلى مجموعة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تحمل اسم "أرض زيكولا"، وتضم قرابة نصف مليون عضو، تساءل أحد الأعضاء بجدية: "معلش سؤال: أنا بحب رواية أرض زيكولا جداً جداً والله، بس هو سرداب فوريك حقيقي في عالمنا دا، والبهو فريك حقيقي؟ محتاجة إجابة بجد".

تلك الحالة من الرغبة في التصديق اشتعلت، عقب ذلك المنشور على صفحة مؤلف السلسلة، حيث شارك عبر صفحته الشخصية موقع السرداب على خرائط جوجل، وتساءل: "مين جاهز للرحلة؟".

ظن كثير من متابعي الكاتب أنه سوف يقوم برحلة بالفعل إلى سرداب فوريك، كما ظن كثيرون أن السرداب حقيقي فعلاً، يقول عمرو عبد الحميد لـ"عربي بوست": "راسلني كثيرون يستفسرون عن موعد الرحلة، في الواقع فإن الحديث عن وجود سرداب فوريك بقرية البهو فريك التابعة لمحافظة الدقهلية منتشر بين أهل القرية من وقت طويل جداً، حيث تدور الكثير من الأساطير حول هؤلاء الذين نزلوا، وساروا داخل السرداب، فانطفأت مصابيحهم، وهلكوا".

الأساطير التي قصَّها الوالد على ابنه الطبيب الشاب، حفزت خياله لينتج سلسلته الناجحة من الروايات، لكن عبد الحميد نفسه، ليس واثقاً حقاً بوجود السرداب: "أعتقد أنه، وعلى الرغم من وجود عنوان واضح على الخريطة، من الصعب الوصول إلى السرداب حقاً، اللهم إلا إذا تحولت الرواية إلى فيلم مثلاً، وتم عمل مجسم في هذا المكان، ربما يتحول لاحقاً إلى مزار حقيقي".

هل يتم تنظيم رحلات إلى مكان وهمي حقاً؟

ليست تلك هي المرة الأولى التي يتحول معها الخيال إلى واقع، برغبة القراء، يقول الكاتب المصري، والناقد، مؤسس "منتدى ورشة الزيتون الأدبي"، شعبان يوسف، لـ"عربي بوست"، إن كثيراً من الأعمال الفنية، وليس الأدب وحده، تتنبأ بالمستقبل، أستعين هنا برسم كاريكاتيري للفنان المصري حجازي، يرى كثيرون أنه تنبأ خلاله بـ(الهاتف المحمول) في مارس/آذار 1958، كذلك الأمر مع جورج أوريل، وروايته 1948، التي ابتكر فيها عدداً من المصطلحات التي صارت لاحقاً تستخدم كمصطلحات سياسية خالدة في التدريس والنقد السياسي مثل: جريمة الفكر، التفكير المزدوج، شرطة الفكر، وغيرها".

من الخيال إلى الواقع، انتقلت الكثير من الأعمال الأدبية الخيالية بالقراءة إلى مستويات مرتفعة من التصديق، حيث تتحول التفاصيل الخيالية إلى واقع له عشاق، كما هو الحال مع هاري بوتر، لمؤلفته ج. ك. رولينغ، فمثلاً، بسبب اسم هاري بوتر وحده، تحول قبر جندي بريطاني قُتل عام 1929 إلى مزار سياحي، في الأراضي المحتلة الفلسطينية، فقط لأنه يحمل اسم هاري بوتر، وبسبب السلسلة ذاتها، تحولت مكتبة ليلو، التي تأسست عام 1881 في البرتغال، إلى مزار سياحي، بعد أن صرحت المؤلفة بأنها استوحت من تلك المكتبة الواقعة في شارع راهبات الكرمل، بمدينة بورتو شمالي البرتغال، السمات المكانية لكثير من مشاهد السلسلة، ذلك أن رولينغ عاشت فترة من حياتها خلال التسعينيات في تلك المدينة، كمُدرسة لغة إنجليزية، وكانت تلك المكتبة هي ملهمتها لتخيُّل "درج مدرسة هوغورتس لفنون السحر".

ليس هذا فحسب، فقد تحولت أيضاً الأستديوهات التي تم تصوير مشاهد سلسلة أفلام هاري بوتر داخلها، إلى مزار دائم بعنوان The Making of Harry Potter، والذي يؤمُّه آلاف الزوار يومياً، في موقعه بلندن، خلال زيارات عائلية، عامرة بالمتعة والآثار، حيث الخيال قد تحول إلى واقع يمكن زيارته.

علامات:
تحميل المزيد