مصر القديمة كانت سباقة في مجال المساواة بين الجنسين.. هكذا ضمنت الدولة الحقوق القانونية للنساء

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/27 الساعة 19:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/27 الساعة 19:55 بتوقيت غرينتش
istock الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة

تحارب العديد من النساء في هذا الزمان لانتزاع حقوقهن الرئيسية والحصول على حماية قانونية لمصالحهن في بعض الدول التي يتجاهل فيها القانون هذا الجانب. لكن الحال بالنسبة للنساء المصريات على وجه التحديد لم يكن كذلك دائماً، فقد كانت مصر القديمة سباقة من ناحية المساواة بين الجنسين، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقوانين والتشريعات التي تضمن للنساء حقوقهن. 

الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 

على الرغم من أن النساء والرجال لعبوا أدواراً مختلفة في المجتمع بمصر القديمة، فإن الجميع كانوا متساوين في عين القانون، وقد حظيت النساء باستقلالية واضحة، خاصة بالمقارنة مع وضع النساء في العصر الحديث. 

لكن لماذا كانت مصر دون غيرها سباقة في هذا المجال؟ 

مهد تقدير القدماء المصريين للإلهة الأسطورية ماعت، الطريق أمام المساواة بين الجنسين في المجتمع المصري. فقد كان مبدأ ماعت قيمةً مركزيةً بالنسبة للحضارة المصرية القديمة، وهو مبدأ الانسجام والتوازن في حياة المرء. وقد كانت فكرة ماعت جوهريةً بالنسبة للثقافة المصرية القديمة، مما جعلها حاضرةً في فنونهم ودياناتهم وحكومتهم، بل حتى أفكارهم المتعلقة بأدوار الجنسين. 

في مصر القديمة، كان الرجال والنساء جزءاً من هذا التوازن. كان كلا الجنسين متساوياً في جميع الجوانب ما عدا المهنة. اضطلع الرجال في المعتاد بالمواقع المنتشرة في المجال المجتمعي، بينما هيمنت النساء على شؤون البيت. ومع أنه في مصر القديمة كان الرجال هم المهيمنين مجتمعياً، فقد كان للنساء الحقوق القانونية نفسها.

كانت النساء قادرات على الزواج بأي شخص يرغبن فيه، والطلاق منه أيضاً، وكن قادرات على السفر والامتلاك، بل كان لديهن قدرٌ من حرية اختيار عملهن (إن كان لهن عمل). كانت هناك أيضاً بعض الإلهات الأسطوريات الإناث، اللواتي أشرفن على الوظائف المهمة في المجتمع. 

وتضمنت إحدى قصص الخلق الشهيرة في مصر القديمة إلهين أسطوريين، أحدهما ذكر والآخر أنثى، وهما من أنشآ الأرض، وتسير القصة الأسطورية على نهج فكرة التوازن. فرؤية الإلهات الأسطوريات الإناث في أساطير مصر القديمة، تبين أن النساء حظين بالتقدير، وأيضاً تساعد في توضيح السبب الذي جعل للنساء حقوقاً قانونية في هذه الثقافة. 

shutterstock\ الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 
shutterstock\ الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 

حقوق التملك

تشير بعض السجلات الأولى التي تعود إلى المملكة المصرية القديمة، التي امتدت بين عامي 2575 قبل الميلاد و2150 قبل الميلاد، إلى أن النساء كُنّ قادرات على التملك، وكُنّ متساويات مع الرجال أمام المحكمة. 

على النقيض من ذلك، كانت النساء في مجتمعات أخرى، مثل اليونان القديمة، لا يُنظر إليهن بوصفهن أشخاصاً اعتباريين أمام القانون، وكن عاجزات عن التملك، ولم يستطعن المشاركة في النظام القانوني إلا من خلال الرجال. 

في مصر القديمة، كانت العقارات ملكية مشتركة في الغالب، إذ يحظى بها المتزوجون خلال زواجهم. فإذا باع الزوج قطعة أرض أو عقاراً ذا ملكية مشتركة، يكون مسؤولاً عن منح زوجته ملكية ذات قيمة مُساوية للأرض أو العقار.

أحد الجوانب المهمة الأخرى الخاصة بالنظام القانوني في مصر القديمة، هو أن النساء امتلكن عقوداً تثبت ملكيتهن للأراضي، وكانت هذه العقود تُكتب بأسمائهن. كان هذا يعني أن النساء كُنّ مسؤولات عن أي عمليات تحدث في ممتلكاتهن. بحسب  المُدوَّن في بردية ويلبور، وهي نصوص طويلة مسجلة تتعلق بـ"الضرائب" المستحقة على الأراضي الزراعية، كانت أكثر من 10% من الأراضي تملكها النساء. 

كذلك تشير الوثائق الأقدم التي تعود إلى المملكة المصرية القديمة، إلى أن النساء كُنّ جزءاً أساسياً من اقتصاد العمالة في مصر. ثمة أدلة على أن النساء عملن في التجارة بالأسواق وعملن كاهنات. كذلك كانت النساء منخرطات بقوة في صناعات محددة، تضمنت النسيج وصناعة العطور والترفيه.

istock\ الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 
istock\ الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 

الزواج وعقود المعاش السنوية

عكس ما يحدث الآن، كان الزواج في مصر القديمة شأناً خاصاً ولم تحتفظ الدولة بسجلات الزواج. كانت هناك استثناءات، ولكن في معظم الأوقات كان الزواج في مصر القديمة لا يسمح به إلا في إطار الطبقات الاجتماعية. على سبيل المثال، يمكن لأي امرأة أن تتزوج بأي رجل بشرط أن تكون مكانته الاجتماعية تعادل المكانة الاجتماعية لأبيها أو أخيها.

صحيحٌ أن النساء تمتعن بطرقٍ لكسب ثرواتهن الخاصة، لكنهن احتجن في معظم الأحيان إلى ضمان قدرة أزواجهن على إعالتهن وإعالة أطفالهن. ومن هنا نشأت عقود المعاش السنوية، التي سميت كذلك عقود الزواج. كانت عقود الزواج مهتمة، بدقة بالأمور الاقتصادية المتعلقة بمستقبل العائلة. فكانت تضمن المسؤولية السنوية للآباء عن إطعام الزوجة والأطفال وكسوتهم. نظراً إلى أن النساء في مصر كُنّ متساويات مع الرجال في النظام القانوني، فقد كانت عقود الزواج تُكتب بين الزوج والزوجة مباشرة بلا وسيط. أتاح هذا للنساء صياغة هذه العقود بطريقة تلائم مصلحتهن.

istock\ الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 
istock\ الحقوق القانونية للنساء في مصر القديمة 

الطلاق

تشير السجلات الأثرية إلى أن الطلاق والزواج كانا أمرين شائعين في مصر القديمة. إذ يمكن للزوج أو الزوجة طلب الطلاق، من أجل مصلحته الشخصية. لم تنخرط الدولة في أمور الطلاق. لكن المسؤوليات الاقتصادية التي كان الأزواج يتفقون عليها في عقود المعاش السنوية، جعلت الطلاق قراراً صعباً له عواقبه، وفقاً لما ورد في موقع World Atlas الكندي.

وإذا لم ينته الطلاق بصورة جيدة وتزوج أحد الزوجين مرة أخرى، كانت تحدث في الغالب معارك قضائية حول حقوق الممتلكات والميراث. كذلك كان يُطلب من الرجل الذي يطلق زوجته أن يدفع لها مهرها مرة أخرى، وكان يتعرض لغرامة.

تحميل المزيد