على سفح جبال الأمانوس، التي تعرف أيضاً بـ"جبال نور" تتموضع مدينة "عثمانية" التي تعتبر مركزاً لمحافظة عثمانية الواقعة جنوب تركيا.
توجد في المدينة آثار قليلة تشير إلى تاريخ سكانها القديم، لكن مع ذلك يعتقد أن بدايات التواجد الإسلامي في المنطقة كانت خلال العصر العباسي، وتحديداً في عهد هارون الرشيد، ويعتقد أيضاً أن الأتراك استوطنوا عثمانية في ذاك الوقت تحديداً. ومن سوء حظ سكان المدينة أنها تقع في نطاق ما يسمى "فالق الأناضول" بمعنى أنها أكثر عرضة للزلازل المدمرة، مثل زلزال تركيا وسوريا الذي ضرب المنطقة في 6 فبراير/شباط 2023.
تاريخ مدينة عثمانية
يعتقد أن شعوباً مختلفة سكنت مدينة عثمانية على مر التاريخ، ابتداء بالحيثيين (أحد شعوب الأناضول)، مروراً بالفرس والبيزنطيين والأرمن، مع ذلك لا يوجد الكثير من الأدلة التي تشير إلى تواجد هذه الشعوب في تلك المنطقة.
بدأ الوجود الإسلامي في المدينة مع عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، الذي حارب البيزنطيين في منطقة الأناضول، وكان الأتراك في ذلك الوقت جزءاً أساسياً من الجيش، ويعتقد المؤرخون أن دخول الأتراك إلى المنطقة قد بدأ منذ ذلك الحين.
فبعد انتصار جيش الخلافة على البيزنطيين عام 1071، بدأ الأتراك الذين أحبوا المنطقة باستيطان جبال نور، إذ يعتقد أن قبيلة Ulaşlı التركمانية كانت أول من سكنها.
وبقيت قبيلة Ulaşlı قوة محلية مهيمنة في المنطقة حتى خلال فترة حكم الإمبراطورية العثمانية، لكن زعماء هذه القبيلة شاركوا في القرن السابع عشر في سلسلة من الانتفاضات والتمردات ضد الحكم العثماني في الأناضول، عرفت باسم انتفاضات celall.
ومع حلول عام 1865، تم تكليف الجنرال العثماني درويش باشا بقمع حركة التمرد تلك، وبالفعل استطاع إعادة السيطرة على المنطقة لتصبح مجدداً مقاطعة عثمانية.
الموقع الاستراتيجي لمدينة عثمانية
تاريخياً تميزت مدينة عثمانية بموقع استراتيجي جعل منها منطقة حيوية، فقد كانت بوابة تصل ما بين الأناضول والشرق الأوسط، وتقع على طريق الحرير، مما زاد من أهمية موقعها.
وفي عهد الإمبراطورية العثمانية كانت المدينة جزءاً من ولاية حلب، أما اليوم فتعتبر المدينة مركز محافظة عثمانية التركية، ويوجد في المنطقة عدد من مناطق الجذب السياحي بما في ذلك هضبة Zorkun، ومسرح هيرابوليس الروماني.
عثمانية من المدن المتضررة بزلزال تركيا وسوريا 2023
ضرب زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر للزلازل، منطقة جنوب تركيا وشمال سوريا، إذ امتد تأثيره ليشمل العديد من المدن والبلدات التركية والسورية على حد سواء، ومن بينها مدينة عثمانية، بالإضافة إلى منطقة هاتاي وغازي عنتاب وكهرمان مرعش وغيرها، وقد كان مركزه يقع على بعد 17.9 كيلومتر تحت سطح الأرض بالقرب من مدينة غازي عنتاب التركية، وفقاً لجمعية المسح الجيولوجي الأمريكية.
وقد تسبب هذا الزلزال في مقتل وإصابة الآلاف، فضلاً عن تدمير عدد هائل من المباني، وزاد من سوء وقع الكارثة أنها تزامنت مع أحوال جوية سيئة. وقد قدرت منظمة الصحة العالمية احتمال تضرر ما يصل إلى 23 مليون شخص من هذا الزلزال المدمر، فمنهم من فارق الحياة ومنهم من بقي عالقاً لفترة طويلة تحت الأنقاض، ومنهم من أصيب بجراح بليغة ومنهم من تكبد خسائر هائلة في الممتلكات.
وبالعودة إلى مدينة عثمانية، التي تقع بالقرب من مركز الزلزال، فقد أعاق هطول الأمطار الغزيرة فرق الإنقاذ عن استمرار البحث عن الناجين تحت الأنقاض. وانقطع التيار الكهربائي عن المدينة بسبب الطقس البارد والأمطار الغزيرة. وبعد مضي 48 ساعة من لحظة وقوع الزلزال كانت الحصيلة الأولية للضحايا في المدينة بالمئات، فيما لا يزال مصير العالقين تحت الأنقاض مجهولاً.