حدثت وقائع من السرقات والنهب الفني على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية، إذ بدأ كل شيء مع مهنة وهواية أدولف هتلر غير الناجحة كفنان تشكيلي مغمور.
حيث تم رفض قبوله في أكاديمية فيينا للفنون الجميلة، ومع ذلك، فقد اعتبر نفسه خبيراً في الفنون، وعندما أصبح "الفوهرر" قائداً لألمانيا النازية، أصبح لديه حلم لإنشاء متحف الفن الأوروبي في مدينة لينتز، الذي اعتقد أنه سيجمع فيه أعظم الكنوز والتحف الثمينة من حول العالم.
صحيح أن الحرب لطالما جلبت الفوضى، ومعها فرصة للنهب والسلب. لكن الحرب العالمية الثانية خاصة كانت استثناء فائقاً، عندما تم تدمير عدد لا يحصى من القطع الفنية والتحف والكنوز الأخرى التي لا تُقدّر بثمن، ونهبها من أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ.
وقد نهب النازيون الممتلكات الثقافية بشكل منهجي من المتاحف والمنازل الخاصة والقصور الملكية، وكان بعضها لمساعدة أدولف هتلر في بناء متحف الفن الذي تمناه.
النعش الملكي البولندي المليء بالكنوز
كان النعش الملكي البولندي نصباً تذكارياً ثميناً يحتوي على 73 قطعة أثرية بولندية لا تُقدر بثمن. أنشأتها لأول مرة عام 1800 الأميرة البولندية إيزابيلا كزارتوريسكا، حيث عملت على حفظها وتخزينها في متحف "معبد العرافة" أو معبد سيبل في مدينة بولاوي البولندية.
وقد نُقِش على التابوت أو الخزانة الأثرية عبارة "تذكارات بولندية جمعتها إيزابيلا كزارتوريسكا عام 1800".
احتوى النعش نفسه على العديد من المصنوعات اليدوية لنبلاء والطبقة الملكية البولندية، بما في ذلك ساعة ذهبية للملكة ماري كازيمير، ومسبحة فضية للملكة ماري لسيسكا، ولوحة للملكة كونستانس من النمسا في ثوب فضي، طلب الملك سيجسموند الثالث بإتمامها.
وعند وقوع الحرب العالمية الثانية، تم نقل النعش مع مجموعة غنية من المتحف إلى سيينا، حيث تم إخفاؤه في مستودع يقع في مبنى خارجي للقصر تم تشييده لاحقاً.
ومع ذلك، كان هناك مالك طاحونة ألماني يعمل لصالح عائلة الأميرة البولندية، الذي فتن عن موقع التحف لجنود ألمان.
وبمجرد دخول الألمان المدينة في 14 سبتمبر/أيلول عام 1939، اقتحم الجنود القصر وسرقوا المجموعة، ووزعوا محتويات النعش فيما بينهم. ومن المفترض أن جميع الأشياء الثمينة في النعش تم تدميرها منذ ذلك الحين.
غرفة الكهرمان الذهبية
تم تصميم "غرفة الكهرمان – Amber Room" في أوائل القرن الثامن عشر، وكانت عبارة عن مجموعة مزخرفة من ألواح الجدران الممتدة من الأرض إلى السقف والمزينة بأحجار الكهرمان الأحفورية والأحجار شبه الكريمة والمدعومة بأوراق ذهبية، ما يجعلها أثمن غرفة في التاريخ الحديث.
ففي عام 1716، أهدى الملك البروسي فريدريك وليام الأول الألواح، المصممة لتغطية 180 قدماً مربعاً، للإمبراطور الروسي بطرس الأكبر كرمز لتحالف بروسيا وروسيا ضد السويد.
ولكن عندما غزا النازيون الاتحاد السوفييتي خلال عملية بربروسا عام 1941، كانت غرفة العنبر تحتل غرفة في قصر كاترين في بلدة بوشكين الروسية.
واعتقاداً منهم أن الغرفة ينبغي لها أن تنتمي للفن الألماني، باعتبار النمسا جزءاً من ألمانيا الكبرى، فقام النازيون بتفكيك الغرفة وشحنها إلى متحف القلعة في كونيجسبيرغ، بألمانيا، والتي أصبحت اليوم مدينة كالينينغراد في روسيا.
ثم بحلول عام 1944، يُعتقد أن قصف الحلفاء دمر هذه المدينة بالكامل، بما فيها متحف القلعة وكل الكنوز التي كانت فيه، بما فيها غرفة الكهرمان أيضاً. وعلى الرغم من أن غرفة لم تنج من الحرب ولم تُشاهد علناً مرة أخرى، فقد كانت هناك العديد من تقارير شهود العيان التي زعمت أنها شاهدت الغرفة يتم تحميلها على متن سفينة Wilhelm Gustloff الألمانية عبر المحيط الهادئ في 30 يناير/كانون الثاني عام 1945.
حتى أنه في عام 1997، تم العثور على فسيفساء حجرية إيطالية يُعتقد أنها جزء من غرفة الكهرمان في ألمانيا الغربية، في حوزة عائلة جندي ادعى أنه ساعد في تفكيك الغرفة.
وفي عام 1979، بدأت إعادة بناء غرفة الكهرمان في نسخة زخرفية منها.
وبعد عقود من العمل، في عام 2003 ومجهودات الحرفيين الروس والتبرعات من ألمانيا، تم افتتاح غرفة الكهرمان الزخرفية التي أُعيد بناؤها في قصر كاترين بالقرب من سانت بطرسبرغ.
كنوز روميل المنهوبة من تونس خلال الحرب!
أحد أكثر أنواع كنوز الحرب العالمية الثانية التي أثير حولها الكثير من الجدل والروايات هو الذهب النازي المسروق. ففي عام 1943، أثناء الاحتلال الألماني لتونس، ورد أن النازيين سرقوا كمية كبيرة من الذهب من الشعب اليهودي في جزيرة جربة.
وقد قاموا بشحن الذهب إلى كورسيكا، وهي جزيرة تقع بين سواحل فرنسا وإيطاليا، لكن يُزعم أنها غرقت في رحلتها من كورسيكا إلى ألمانيا.
غالباً ما يُعرف هذا الكنز المشاع باسم "ذهب روميل"، وذلك على اسم الجنرال النازي الذي قاد حملات إرهابية ضد التونسيين في شمال إفريقيا إروين روميل؛ وهذا على الرغم من أن روميل لم يكن متورطاً في هذه السرقة تحديداً.
ومع ذلك، فإن الأسطورة حفزت الباحثين عن الكنوز الحقيقيين والخياليين. ففي فيلم جيمس بوند عام 1963 للكاتب إيان فليمنغ، بعنوان "On Her Majesty's Secret Service"، يُفترض مقتل اثنين من الغواصين أثناء بحثهم عن "كنز روميل".
ولم يتثبت عبر التاريخ أي وجود حقيقي لهذا الكنز سوى بالروايات المتداولة.
لوحة شاب للفنان العالمي رافائيل
سرق النازيون الكثير من اللوحات والكنوز الثمينة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن أحد أشهر اللوحات التي فُقدت وأكثرها أهمية من الناحية التاريخية هي لوحة بورتريه لشاب يافع لفنان عصر النهضة الإيطالي العالمي رافائيل.
حيث انتزع النازيون اللوحة من متحف الأمراء كزارتورسكي في كراكوف ببولندا عام 1939.
في البداية، ذهبت اللوحة إلى هانز فرانك، الذي أدار الحكومة النازية العامة في بولندا. وخلال الحرب، سافرت إلى برلين ودريسدن ولينتز قبل أن تعود إلى كراكوف مجدداً، حيث علقها فرانك في قلعة فافل.
ومع ذلك، عندما اعتقلت القوات الأمريكية فرانك من القلعة في ذلك العام، لم تكن اللوحة، إضافة لأكثر من 800 قطعة أثرية أخرى، لها أي أثر؛ حيث لا تزال مفقودة حتى الآن.