أعلنت الهيئة القومية للإعلام في مصر أن القاهرة تسلمت الإثنين 2 يناير/كانون الثاني، التابوت الأخضر الذي تم تهريبه بطرق غير شرعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعُرض في معرض هيوستن للعلوم الطبيعية، وفقاً لما أكده موقع Egypt Independent.
ما هي أهمية التابوت الأخضر، وما هي قصّته، وكيف وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولمن يعود هذا التابوت الأثري؟
قصة التابوت الأخضر الذي استعادته مصر من أمريكا
ووفقاً لما ذكرته شبكة BBC البريطانية، فإنّ تاريخ "التابوت الأخضر" يعود إلى أواخر فترة "الأسر الفرعونية الأخيرة" والذي امتد من عام 664 وحتى 332 قبل الميلاد، وكان ملكاً لكاهن يدعى "عنخ إن ماعت".
في حين أنّ التابوت البالغ طوله 2.94 متر، مصنوع من الخشب المغطى بكتابات هيروغليفية (اللغة المصرية القديمة)، وله وجه ملون باللون الأخضر، كما زين بزخارف باللون الذهبي، فيما أطلق عليه اسم "التابوت الأخضر" بسبب أنّ لون الوجه المرسوم عليه والملون باللون الأخضر دلالة على المعبود أوزوريس رمز البحث والخلود، وفقاً لما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط.
كتاب الموتى
كتاب الموتى هو نص جنائزي مصري قديم مكتوب على ورق البردي وتم استخدامه منذ بداية الدولة الحديثة (نحو 1550 قبل الميلاد) إلى نحو 50 قبل الميلاد، حسب ما نشره موقع مجلة Smithsonian.
تمت ترجمة الاسم المصري الأصلي للنص إلى "كتاب يوم القدوم" أو "كتاب الظهور في النور".
وكلمة "كتاب" هي المصطلح الأقرب لوصف مجموعة النصوص الفضفاضة التي تتكون من تعاويذ سحرية تهدف إلى مساعدة الشخص الميت في رحلة عبر العالم السفلي إلى الحياة الآخرة والتي كتبها العديد من القساوسة على فترة 1000 سنة.
وجرت العادات أن يوضع كتاب الموتى في نعش أو حجرة دفن المتوفى، كجزء من تقليد النصوص الجنائزية التي كانت مرسومة على أشياء غير مكتوبة على ورق البردي.
تم استخلاص بعض التعاويذ في الكتاب والتي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.
كما تم تأليف التعاويذ الأخرى في وقت لاحق من التاريخ المصري، ويرجع تاريخها إلى الفترة الانتقالية الثالثة (القرن الحادي عشر إلى السابع قبل الميلاد).
استمرت كتابة عدد من التعويذات التي يتألف منها الكتاب، بشكل منفصل، على جدران المقابر والتوابيت، ولم يكن هناك كتاب واحد أو كتاب قانوني للموتى.
تحتوي البرديات الباقية على مجموعة متنوعة من النصوص الدينية والسحرية، وتختلف بشكل كبير في الرسوم التوضيحية من قبر إلى آخر.
وهذا الاختلاف تم تفسيره على أن بعض الناس طلبوا نسختهم الخاصة من كتاب الموتى، وربما اختاروا التعاويذ التي اعتقدوا أنها أكثر حيوية في عبورهم إلى الحياة الآخرة.
وكان كتاب الموتى يُكتب بشكل أكثر شيوعاً بالخط الهيروغليفي أو الهيراطي على لفافة من ورق البردي، وغالباً ما يتم تصويره بصور صغيرة تصور المتوفى ورحلته إلى الحياة الآخرة.
وتعود أصول هذه العادات إلى العهد المصري القديم، وكانت النصوص الجنائزية الأولى هي نصوص الأهرام التي استُخدمت لأول مرة في هرم الملك أوناس من الأسرة الخامسة، نحو 2400 قبل الميلاد.
ومع قدوم الأسرة الخامسة تم تخصيص نسخة من كتاب الموتى لزوجة الفرعون بعدما كان حكراً عليه فقط، ثم تطور لاحقاً عبر التاريخ، ليصبح مستخدماً من قبل الكهنة وكبار الشخصيات.
في حين يُقال إنّ هذا التابوت الأثري قد تمّ العثور عليه في مدينة الكوم الأحمر بأسوان.
كيف تم تهريب التابوت الأخضر إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟
ووفقاً لـBBC قال المدعي العام في مانهاتن "ألفين براج" إن التابوت الأخضر تقدر قيمته بأكثر من مليون دولار، وقد تم تهريبه بشكل غير قانوني من مصر من قِبل شبكة متعددة الجنسيات من مهربي الآثار.
وأضاف أنه التابوت تمّ نهبه من مقبرة أبوصير في شمال مصر من قِبل شبكة التهريب التي قامت بنقله عبر ألمانيا إلى الولايات المتحدة في عام 2008، قبل أن يتم العثور عليه ونقله إلى متحف هيوستن للعلوم الطبيعية في عام 2013.
إضافة إلى أنّ الشبكة ذاتها كانت مسؤولة أيضاً عن تهريب "التابوت الذهبي" الذي تمّت إعادته إلى مصر في عام 2019، وقطع أثرية أخرى تم الاستيلاء عليها من متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك العام الماضي.
في حين قال موقع الهيئة الوطنية للإعلام المصرية إنّ المهربين سرقوا فقط غطاء التابوت الأخضر بدون قاعدته بسبب سماكته الكبيرة، مضيفاً أنّ هذا التابوت كان يحتوي أيضاً داخله على تابوت أصغر حجماً.
من هو الكاهن عنخ إن ماعت؟
وفقاً لصحيفة بوابة الأهرام المصرية، فإنّ الكاهن عنخ إن ماعت هو أحد الكهنة القاطنين في مدينة هيراكليوبوليس بمحافظة بني سويف وتوجد حالياً بمركز إهناسيا؛ حيث كانت إهناسيا عاصمة مصر في عهد الأسرتين التاسعة والعاشرة لمدة تقارب قرنين من الزمان، وعرفت باسم "أهنيس"، ومنه اشتقت التسمية الحالية إهناسيا، وكانت عاصمة للإقليم 20 من أقاليم الوجه القبلي.
وأضافت الصحيفة أنّ أهنيس عُرفت باسم (حت نن نسو) التي تعني (مقر الطفل الملكي)، ثم حُرفت في العربية إلى إهناسيا، وتعرف أيضاً باسم إهناس، وإهناس المدينة، وأم الكيمان.
فيما عُرفت في النصوص اليونانية باسم (هرقليوﭘوليس)، أي: "مدينة هرقل" الذي ربط اليونانيون بينه وبين الإله المصري للمدينة.