تحتفظ كتب التاريخ بقصص غريبة حول نهايات مأساوية تعرّض لها ملوك دولٍ حول العالم، مثل قصة وفاة ملك إنجلترا جورج الثاني عام 1760 داخل الحمام، أو وفاة ملك السويد أدولف فريدريك سنة 1771م عقب التهامه كمية كبيرة من الحلويات، أو ملك اليونان ألكسندر الأوّل الذي فارق الحياة سنة 1920 بسبب عضّة من اثنين من قردة مزرعته.
ولم تكن أوروبا الوحيدة التي مات فيها أفراد من العائلات المالكة في ظروف غير عادية، فواحدة من أكثر هذه القصص التي يصعب تصديقها هي لزوجة ملك مملكة سيام، التي صارت حالياً تسمى بانكوك، سوناندا كوماريتانا، التي غرقت تحت أنظار حرسها وشعبها، بسبب قانون وتقليدٍ كانت تسير عليه مملكتها.
سوناندا ملكة مملكة سيام
في مملكة سيام، التي تُعرف حالياً باسم بانكوك بتايلاند، ولدت الأميرة سوناندا كوماريتانا، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1860، وهي ابنة الملك مونغ كوت، المكنى براما الرابع، وزوجته الأميرة بيام.
احتفظ ملوك مملكة سيام بعادة تعدّد الزوجات والعشيقات، وعلى هذا النحو كانوا يميلون إلى إنجاب العشرات من الأطفال، فعلى سبيل المثال كان للملك مونغ كوت 82 طفلاً حسب history collection.
عندما كانت في سن المراهقة تزوجت الأميرة سوناندا من راما الخامس، الذي أصبح يعرف باسم الملك شولالونغكورن، وأصبحت بالتالي سوناندا ملكة لمملكة سيام.
كانت سوناندا تحمل جميع الألقاب الرسمية المرتبطة بالملك، باستثناء سلطته العسكرية أو السياسية التي كانت حكراً على الملك راما الخامس.
لم يمنع حبّه الكبير لزوجته سوناندا الملك راما الخامس من أن يمشي على تقاليد أسلافه في تعدد الزوجات والعشيقات، فقد كانت اثنتان من أخوات سوناندا زوجتين لراما الخامس، إضافةً إلى نساء أخريات.
لا تلمس أحد أفراد الأسرة المالكة حتى ولو كان يموت.. قانون غريب عند مملكة سيام
يميل أفراد العائلة المالكة لمملكة سيام إلى وضع قوانين خاصة بهم، والتي تمنع الكثير منها اختلاطهم بالعامة، وعلى سبيل المثال، هناك بروتوكولات صارمة، تحظر في ظل أي ظروف على شخص من العامة لمس أحد أفراد العائلة المالكة.
ربط الكثيرون هذا القانون برغبة الأسرة المالكة في احترام خصوصيتها، بينما ربطه آخرون بأسباب عنصرية، كون الأسرة الحاكمة لمملكة سيام كانت تخشى المرض الذي ينتقل من أشخاص غرباء عنها.
نص ذلك القانون على أنه لا يوجد من عامة الشعب من يُسمح له بلمس أحد أفراد العائلة المالكة، وأي مخالفة لهذا القانون سيكون عقابها الإعدام، سيكون هذا القانون سبباً في مقتل الملكة سوناندا عن عمر يناهز 19 عاماً.
كانت الثقافة السائدة في مملكة سيام مليئة بالعديد من التقاليد والخرافات الأخرى، إحداها أنه لا يجب على شعب مملكة سيام إنقاذ شخص يغرق، اعتقد السياميون أنه إذا حاولت إنقاذ شخص يغرق فعندئذ حتى لو نجا سيعود النهر ويطالب بحياتك، كبديل عن الشخص الذي انتزعته منه.
تسبّب القانون في مقتل الملكة سوناندا
أجرى الملك راما الخامس، زوج الملكة سوناندا العديد من الإصلاحات في مملكته، والتي ساعدت في ترسيخ حكمه، كان أحد إصلاحاته الأولى هو إنشاء مكتب سمعي لتحصيل الضرائب، إضافةً إلى إلغائه العبودية، كما قام بتحويل مملكة سيام إلى ملكية دستورية، أعطت الشعب صوتاً في حكومته. كما سمح بنشر الأصوات الراديكالية المعارضة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
أسهمت تلك الإصلاحات في زيادة شعبية الملك، ومن ورائه زوجته الملكة سوناندا، التي صارت محبوبة من شعب مملكة سيام.
بعد سنة من زواجها أنجبت سوناندا الأميرة كارنابورن بيجاراتانا، وعندما كانت الملكة في التاسعة عشرة من عمرها كانت حاملاً مرة أخرى بوريث عرش سيام.
في مايو/أيار من عام 1880، وأثناء حملها، ذهبت سوناندا في رحلة لزيارة قصر بانغ با-إن الصيفي الفخم، والذي يقع خارج بانكوك، برفقة ابنتها التي تبلغ عامين، بحسب ما ورد في تقرير لمدونة facts forever org.
ومن أجل الوصول إلى القصر اضطرت الملكة وابنتها لعبور نهر تشاو فرايا، وهو أكبر نهر في سيام.
قام حراس الملكة بوضع سوناندا وابنتها في قارب منفصل، وفي الطريق هبّت رياحٌ قويةٌ، تسببت في انقلاب السفينة الملكية. ألقيت الملكة الحامل والأميرة البالغة من العمر عامين في النهر.
وبينما كانت الملكة وابنتها تصارعان الموت كان الكثير من سكان مملكة سيام يراقبون الحدث المروّع، مكتفين بالمشاهدة فقط.
قام الحراس المرافقون للملكة سوناندا بمنع أي شخص من الدخول إلى النهر لإنقاذ الملكة، مهددين من يفعل ذلك بعقوبة الإعدام.
أُلغي القانون بعد موت الملكة سوناندا
ومع ذلك، اختلف الملك راما الخامس مع تطبيق الحراس للقانون، وقام بسجنهم، لتسببهم في وفاة زوجته المفضلة، وابنته، وطفله الذي لم يولد بعد.
حزِن الملك راما الخامس لوفاة زوجته وابنيه، فقام بترتيب جنازة ملكية رسمية لهم، كلفت أكثر من نصف مليون دولار، كما قام بتحنيط الطفلين، وأجلسهما منتصبين على عرش ذهبي، مزيّنين بالذهب والمجوهرات باهظة الثمن.
بحسب historia، انتظر الملك سبعة أشهر كاملة، قبل أن يتمكن من تحمل حرق جثة سوناندا، واستمرت مراسم الحرق لمدة اثني عشر يوماً، ولم يضع الملك رمادها للراحة، كما تنص عليه تقاليد وطقوس مملكة سيام، إلّا بعد مرور عام آخر تقريباً على حادث مقتل الملكة سوناندا.
وبعد ذلك اليوم العصيب على الملك راما الخامس تم إلغاء القانون، الذي يحظر على أي شخص لمس أحد أفراد العائلة المالكة السيامية.