قتل جميع خصومه ليصبح زعيماً على المافيا الأمريكية.. “جو ماسينو” من بطل لعائلته إلى مُخبر للحكومة

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/15 الساعة 16:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/15 الساعة 16:15 بتوقيت غرينتش
Getty Images/ جو ماسينو من بطل لعائلته المجرمة إلى مخبر للحكومة

جوزيف ماسينو، أو يطلق عليه جو ماسينو، هو رجل عصابات أمريكي سابق، كان عضواً في المافيا، ورئيساً لعائلة بونانو الإجرامية من عام 1991 حتى عام 2004، عندما أصبح أول رئيس لإحدى العائلات الـ5 الرئيسية في مدينة نيويورك، يتحول لأن يصبح مُخبراً.

جو ماسينو من بطل لعائلته المجرمة إلى مخبر للحكومة

في عام 1981، اكتشفت عائلة بونانو الإجرامية أن أحد جنودها، الذي كان يُدعى دوني براسكو، كان في حقيقة الأمر عميلاً سرياً تابعاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي، يُدعى جوزيف بيستون.

خلق هذا الاكتشاف التوتر بين أفراد العائلة على مدى عقد من الزمان، ولكن في عام 1991، برز جو ماسينو ليصير الأب الروحي للعائلة بلا منازع.

بعد قتل كل شخص كان متورطاً مع بيستون، إضافة إلى عديد من المدعين، تحمل ماسينو الآلام لضمان نجاحه واستمراره، فحظر على جنوده والكباتن (الكابو) نطق اسمه.

وأغلق عديداً من النوادي الاجتماعية الخاصة بالعائلة، التي كانت في الماضي مشهورة، وأصرّ على أن تُعقد اجتماعات العائلة في مواقع نائية كي تبدو كأنها عطلات.

وخلال مدة قيادته التي استمرت 13 عاماً، حكم ماسينو بحصانة كاملة حتى صار يُعرف باسم "الدون الأخير"، لأن جميع رؤساء العائلات الإجرامية الآخرين في نيويورك كانوا في السجن، بينما كان هو يسود ويحكم حراً طليقاً.

وفي عام 2004، فعل جو ماسينو ما لا يمكن تصوره: صار أول رئيس عائلة من عائلات نيويورك الإجرامية يصبح مخبراً للحكومة، بينما لا يزال زعيماً للعصابة.

جو ماسينو كان عضواً موثوقاً لعائلة بونانو

وُلد جوزيف تشارلز ماسينو في منطقة ماسبيث بحي كوينز في ولاية نيويورك في 10 يناير/كانون الثاني عام 1943.

انتهى التعليم الذي تلقاه ماسينو في مدارس الولايات المتحدة عند السنة الثانية من المرحلة الثانوية، لكن مسيرته التعليمية الإجرامية كانت قد بدأت لتوها.

دخل ماسينو بعد مدة وجيزة دائرة انتباه زعيم عائلة بونانو حينها، فيليب "راستي" راستيلي.

وفي عام 1973 تقريباً، صار مساعداً عندما وضعه راستيلي على أول طريق التحول إلى عضو فعلي في عصابات المافيا.

وقد غيّرت علاقتهما التي استمرت لوقت طويل حظوظ عائلة بونانو للأبد.

كان ماسينو ينادي راستيلي بـ"عمي" بطريقة ودودة، نظراً إلى أن الأخير كان مرشده في عالم العصابات.

وصار ماسينو يُعرف باسم "جو الكبير" بسبب ثقل وزنه وبراعته الإجرامية.

بدأ ماسينو أعماله في ربا القروض، وكان يدير أعماله من شاحنة طعام، وأظهر ماسينو السمات الشخصية الضرورية من أجل أن يحظى بمسيرة طويلة في عالم المافيا: الذكاء، والقدرة على كسب المال، والاستعداد للقتل وفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي.

وبعد وقت قصيرٍ صار يدير مجموعة متخصصة من المختطفين، وكان يراقب تقاطعات الطرق التي تسير فيها الشاحنات التي تنقل مقتنيات قيّمة.

ولما كان ربيب راستيلي، صار ماسينو عضواً في عائلة بونانو رسمياً في 14 يونيو/حزيران عام 1977، خلال احتفالية نُظمت في إحدى حانات حي كوينز.

كان أنيقاً وذكياً ومرعباً

ارتأى عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين راقبوه أن ماسينو كان أنيقاً ومهذباً، وأبهر العملاء الفيدراليين بذاكرته الفوتوغرافية وبراعته في التذكر، حتى أنه أحياناً كان يتذكر أرقام لوحات السيارات الخاصة بهم، وبرغم طبيعته اللطيفة هذه، امتلك ماسينو سمعة مرعبة.

وفقاً لكتاب تاريخ المافيا الذي ألفه سلوين راب بعنوان "خمس عائلات" (Five Families) فقد كان ريموند وين، منفذ عمليات ماسينو صاحب الجسد العملاق، يخاف بشدة من ماسينو، حتى أنه عندنا ألقي القبض عليه رفض وين التعاون مع الشرطة خوفاً من ماسينو، وبُرِّئت ساحته نتيجة لذلك.

وعندما دخل راستيلي السجن في أواخر سبعينيات القرن الماضي، صار ماسينو رسوله الموثوق بين عصابات المافيا.

وفي أعقاب سجن راستيلي، صار كارمين غالانتي الخطير مشكلة كبيرة، فقد اعتبر نفسه الزعيم الجديد، وحاول الهيمنة على تجارة الهيروين الخاصة بالعائلة.

ضغط راستيلي، عن طريق ماسينو، على لجنة العائلات الـ5، كي يوافقوا على اغتيال غالانتي.

ووافقوا في النهاية، واغتيل غالانتي في منطقة بوشويك بحي بروكلين في نيويورك في يوليو/تموز عام 1979.

كيف انقسمت عائلة بونانو إلى فصائل متنافسة؟

لم يوحد اغتيال غالانتي عائلة بونانو تحت لواء راستيلي، بل كان التأثير معاكساً.

ومع قدوم عام 1981، تَشكَّل فصيلان، فعلى جانب كان هناك الكباتن الموالون لراستيلي، ومن ضمنهم جو ماسينو.

وعلى الجانب الآخر، تشكلت مجموعة منشقة من 3 كباتن، وهم: آل "سوني ريد" إندليكاتو، ودومينيك "بيغ ترين" ترينشيرا، وفيليب "فيلي لاكي" جياكوني.

في مايو/أيار عام 1981، سمع ماسينو أن الكباتن الـ3 المستائين كانوا يجمعون السلاح، حمل ماسينو هذه الأنباء إلى اللجنة.

رتب ماسينو "اجتماع سلام" في نادٍ ليلي في 5 مايو/أيار عام 1981، لكنها كانت في الحقيقة محاولة اغتيال.

اعتمد ماسينو على بروتوكول العصابات، الذي يضمن عدم وجود سلاح في الاجتماع.

ورتب كذلك لحضور اثنين من الكباتن المحايدين كي يبعد أي شكوك، كانت الخطة تتمثل في إحضار الكباتن الثلاثة المتمردين إلى منطقة خلفية من الملهى الليلي عندما يحضرون لحضور الاجتماع.

أراد شخص بارز آخر منضوٍ تحت لواء راستيلي، ويُدعى دومينيك "سوني بلاك" نابوليتانو، أن يشارك في المهمة مساعدٌ يدعى دوني براسكو.

اعترض جو ماسينو على ذلك، فقد كان يشعر بالريبة تجاه براسكو وأمر مجموعته بالبقاء بعيداً عنه.

ويبدو أن حدس ماسينو كان في محله؛ لأن براسكو هذا هو نفسه جوزيف بيستون، العميل الفيدرالي السري الذي تسلل إلى عائلة بونانو في عام 1977.

وعندما وصل الكباتن الـ3، نفذ رجال ماسينو العملية وأطلقوا النار عليهم وقتلوهم.

تعاظمت مكانة جو ماسينو داخل العائلة، وظهرت العلامة الوحيدة التي تسلط الضوء على سمعته في عالم الإجرام، عندما عُثر على جثة سوني ريد بعد أيام قليلة في منطقة تسمى "الحفرة"، وهي عبارة عن مجموعة من الشوارع المنخفضة التي تغمرها المياه في معظم الوقت عند الحدود التي تفصل بين حي بروكلين وحي كوينز، وتحتوي على الكثير من الأراضي الخالية، وذلك وفقاً لموقع Untapped New York.

وفاة منافسه دومينيك نابوليتانو

في يوليو/تموز، سحب مشرفو جوزيف بيستون في مكتب التحقيقات الفيدرالية عميلهم السري الذي زرعوه بين صفوف عائلة بونانو، بعد عمليته السرية التي استمرت لحوالي 6 سنوات، مما ترك أمام ماسينو مهمة أخرى عليه التعامل معها: الكابو دومينيك "سوني بلاك" نابوليتانو.

كان نابوليتانو هو من أجاز براسكو، حتى أنه فكر في منحه عضوية مافيا صقلية (كوزا نوسترا)، وهو انتهاك لأمن المافيا لا يُغتفر.

ووفقاً لما ذكره موقع Independent.ie، فقد مر ماسينو باغتيال نابوليتانو، وبعد عام تقريباً، كشفت الأمطار الغزيرة عن قبر ضحل، واستغرق الأمر سنوات عديدة للتأكد من أن الجثة التي كانت في القبر تعود إلى نابوليتانو.

كيف صعد جو ماسينو في صفوف المافيا

في عام 1982، كان جو ماسينو في انتظار صدور لائحة اتهام ضده، فاختبأ في منطقة ميلفورد بولاية بنسلفانيا.

وحينها، كان يُعرف بأنه الرجل الثاني في عائلة بونانو، وتشير كل الروايات إلى أنه كان القائد الفعلي للعائلة.

استسلم ماسينو بعد عامين، وأُدين في نهاية المطاف في اتهامات ابتزاز وُجهت إليه بموجب قانون مكافحة الجريمة المنظمة والتنظيمات المفسدة (ريكو)، وحُكم عليه عام 1987 بالسجن لـ10 سنوات.

لكنه أفلت من الإدانة في اغتيال الكباتن الـ3 بسبب الجوانب الفنية في قانون التقادم.

أدانت المحاكمة الكبرى للجنة المافيا عام 1986 جميع قادة العائلات في نيويورك.

وفقدت عائلة بونانو بالفعل مقعدها في اللجنة، عقاباً لهم على السماح لعميل فيدرالي بالتسلل بين صفوفهم بهذا العمق.

ولكن في تحول مصيري موات، كان ذلك يعني أن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يعد يعتبر العائلة تشكل تهديداً إجرامياً كبيراً وأبعدهم عن دائرة الضوء من أجل التركيز على العائلات الـ4 الأخرى.

جاء هذا في صالح جو ماسينو الذي حافظ على احترامه لمرشده راستيلي، وانتظر حتى وفاته في 1991 ليصير الزعيم الرسمي لعائلة بونانو.

حصل ماسينو على إفراج مشروط مع الخضوع لمراقبة لمدة عامين في 1992. وفي ظل تزعم ماسينو، زادت قوة عائلة بونانو.

في ظل قيادة ماسينو ومساعدته، صارت عائلة بونانو أقوى عائلة إجرامية في نيويورك، واستعادت مقعدها في اللجنة، ودفعهم ماسينو نحو عمليات ابتزاز النقابات العمالية، وأبعدهم عن عمليات الاختطاف البارزة التي قد تثير شكوك العملاء الفيدراليين.

صحيحٌ أن عائلة بونانو سمحت بتسلل عميل فيدرالي بين صفوف العائلة، لكنهم كانوا أيضاً العائلة الوحيدة في مافيا نيويورك التي لم يتعاون أي من أعضائها مع الحكومة، سواء مخبراً أو شاهداً.

لكن ذلك تغيّر عام 2002، عندما صار 2 من كباتن العائلة متعاونين مع الحكومة، وصارا في حماية برنامج حماية الشهود.

وبعد مدة وجيزة، بدأ تحقيق جنائي فيدرالي للطب الشرعي يستهدف جو ماسينو.

لماذا صار جو ماسينو مخبراً

في الثالث من يناير/كانون الثاني 2003، أُلقي القبض على جو ماسينو في إدانات واسعة بموجب قانون ريكو، بما في ذلك إدانته في قتل نابوليتانو عام 1981.

نُبذ سلفاتوري فيتالير، الذي أُدين هو الآخر، وصار على قائمة اغتيالات ماسينو، ووافق على التعاون للاعتراف ضد صهره.

أطلقت هذه الخطوة انقسامات داخل صفوف عائلة بونانو، الذين خافوا من التورط في اغتيالات قديمة. واجه ماسينو لائحة اتهام أخرى حلت محل لائحة الاتهام السابقة، وأُضيفت إليها 7 اغتيالات.

أُدين ماسينو في 30 يوليو/تموز 2004 في كل التهم، وبسبب خوفه من الإعدام، طلب على الفور مقابلة القضاة، وفعل ما لا يمكن تصوره كونه أباً روحياً في عصابات المافيا، انقلب ماسينو وصار أول زعيم عصابة في تاريخ عائلات نيويورك الإجرامية يتعاون مع الحكومة.

استناداً إلى المعلومات التي نقلها ماسينو، زار العملاء الفيدراليون "الحفرة" واستخرجوا الجثتين الأخريين للمنشقين اللذين قُتلا عام 1981.

بعد إقراره بالذنب في 8 جرائم قُتل عام 2005، وصدر ضد جو ماسينو حكمان بالسجن مدى الحياة.

اعترف ماسينو بعد ذلك على زعيم عائلة بونانو الذي خلفه، فنسنت باسيانو، في عام 2011.

وبينما كان في السجن، كان ماسينو ينوي تسجيل اعتراف باسيانو بأنه كان يريد قتل أحد المدعين العامين، لكن باسيانو اعترف بدلاً من ذلك بإصدار أمر بقتل مساعد آخر في عائلة بونانو في عام 2005.

وفي اعترافات أخرى، اعترف ماسينو بخسارة 12 مليون دولار لضمان إتمام اتفاقية التعاون بينه وبين الحكومة، وذلك حسبما ذكرت صحيفة The New York Times الأمريكية.

وفي يونيو/حزيران 2013، صدر حكم جديد ضد ماسينو، 70 عاماً، بالسجن للمدة التي قضاها بالفعل، ومُنح إفراجاً مشروطاً لبقية حياته. ولكن في هذا الوقت، ما عادت عائلة بونانو، التي أحياها بنفسه، كسابق عهدها، بل مجرد قشور من العائلة القوية السابقة؛ بسبب الانشقاقات في صفوف العائلة من أجل التعاون مع الحكومة.

تحميل المزيد