أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إحياء تركة سوفييتية قديمة مُتعلقة بالإنجاب تدعى "الأم البطلة"، كان الرئيس الأسبق جوزيف ستالين قد ابتكرها لمواجهة الانخفاض السكاني.
"الأم البطلة".. جائزة تُمنح للنساء اللاتي لديهن عشرة أطفال أو أكثر!
ووقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإثنين 16 أغسطس/آب 2022، على قرار إحياء اللقب الفخري "الأم البطلة"، وهي عبارة عن جائزة ماليّة ستُمنح للنساء اللواتي لديهن عشرة أطفال أو أكثر.
وتم نشر المرسوم على البوابة الرسمية للمعلومات القانونية الروسية على الإنترنت، وفقاً لوسائل إعلام روسية.
وبموجب مرسوم بوتين، سيتم منح النساء الحاصلات على اللقب مبلغاً قدره مليون روبل روسي بما يعادل نحو 16 ألف دولار أمريكي لمرة واحدة بعد بلوغ الطفل العاشر عامه الأول، بشرط أن يكون جميع الأطفال أحياء وتحت رعاية الأم، في الوقت نفسه يجب أن يكون الأطفال أيضاً من مواطني الاتحاد الروسي.
وسيتم منح الفائزات ميداليات ذهبية مزيَّنة بالعلم الروسي وشعار الدولة، أما بدء العمل بالقرار فسيكون من تاريخ توقيعه.
وعلى الرغم من عدم ذكر أوكرانيا في أسباب إعادة إحياء هذه الجائزة، فإن صحيفة The Times البريطانية أكدت أن إحياءها محاولة لتحفيز النمو السكاني؛ لكون البلاد تواجه أزمة ديموغرافية متفاقمة بسبب الحرب في أوكرانيا.
هذا العام، وفقاً لموقع الإحصاء السكاني الروسي Rosstat، فقدت البلاد أكثر من 382 ألف نسمة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2022، نتيجة لتجاوز عدد الوفيات الولادات.
وعلى الرغم من انخفاض عدد الوفيات بنسبة 7.4% إلى 1.019 مليون شخص، انخفض أيضاً عدد الأطفال المولودين 635.9 ألف (-6.2%).
في الوقت نفسه، وبالتحديد في أبريل/نيسان، انخفض معدل المواليد إلى أقل من 100 ألف طفل لأول مرة لهذا الشهر في تاريخ البلاد الحديث بأكمله.
في حين تتوقع إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة أن تستمر روسيا في الموت بمعدل 316 ألف شخص سنوياً، وبحلول عام 2050 ستحتفظ فقط بـ133 مليون نسمة مقارنة بـ145 مليوناً الآن.
نتيجة لذلك، سيعادل عدد سكان روسيا عدد سكان جمهورية روسيا الاتحادية السوفييتية في أوائل السبعينيات (130 مليوناً)، أو الإمبراطورية الروسية في عام 1897 (129 مليوناً).
الأم البطلة في الحقبة السوفييتية
في البداية، تم إنشاء الميدالية الفخرية لأول مرة من قِبل جوزيف ستالين بالاتحاد السوفييتي في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية بعد وفاة عشرات الملايين من الناس خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في الفترة بين عامي 1944 و1945.
وقد تم منح الميدالية منذ تأسيسها إلى حين إلغائها عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991، لنحو 400 ألف مواطنة روسية.
كريستين روث إي، الأستاذة المشاركة في كلية الدراسات السلافية وأوروبا الشرقية بكلية لندن الجامعية، قالت لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: "إن أمر الإنجاب كان في الحقبة السوفييتية متعلقاً بكونك مواطناً صالحاً يخدم وطنه".
وأضافت أن الجائزة تم إنشاؤها عندما كان الاتحاد السوفييتي يحاول "التخطيط لإعادة الإعمار بعد الحرب"، ودعم العائلات باعتبارها "المؤسسة الأساسية للمجتمع السوفييتي".
وأوضحت أن الإجراءات الأخرى تشمل رعاية صحية أفضل للنساء، ومنحهنَّ مساعدات مالية، كما كانت تعقد على المتزوجين معاملات الطلاق.
أما عن سبب قيام بوتين بتقليد سلفه ستالين فهو أن الغزو الروسي على أوكرانيا أثار مخاوف بوتين بشأن فقدان السكان، لا سيما أنّ مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكي، ويليام بيرنز، قدَّر أن نحو 15000 جندي روسي قُتلوا في حرب أوكرانيا وجُرح ما يصل إلى 45 ألفاً آخرين.
ويُذكر أن المرأة الروسية تحصل على العديد من الامتيازات بمجرد أن تنجب الأطفال؛ حيث تتم تغطية إعانات الأمومة والأطفال من قبل صندوق التأمين الاجتماعي التابع للولاية.
قد يختلف الراتب المحدد الذي ستحصل عليه الأم حسب المكان الذي تعيش فيه، ويمكن أن يتراوح ما بين 200 و400 دولار أمريكي بشكل شهري.
أما في حال إنجاب أو تبنّي طفل ثانٍ فتحصل العائلة على دفعة واحدةٍ قيمتها 300 ألف روبل (نحو 5000 دولار أمريكي).
كما تعمل الحكومة باستمرار على تحسين نظام رعاية الأمومة وتطوير تقنيات العناية المركزة والرعاية الحرجة لحديثي الولادة.
أما بالنسبة للأمهات العاملات فيحق لهنَّ الحصول على 140 يوماً من إجازة الأمومة، وقد تصل إلى نحو 200 يوم مع أخذ الراتب كاملاً.
وبدءاً من عام 2008، منح الكرملين أيضاً "وسام المجد الأبوي" للآباء الذين لديهم أكثر من 7 أطفال، ويتلقون 50000 روبل (825 دولاراً) وشهادة عندما يبلغ طفلهم السابع سن الثالثة.