تُعتبر كنيسة كابيلا دي أوسوس واحدة من أكثر الكنائس المثيرة للجدل التي بإمكانك زيارتها ومشاهدتها في مدينة إيفورا البرتغالية، والتي يطلق عليها اسم كنيسة العظام.
"كابيلا دي أوسوس".. كنيسة العظام في البرتغال
تقع كنيسة كابيلا دي أوسوس بجوار مدخل كنيسة سان فرانسيسكو في المنطقة القديمة بمدينة إيفورا، التي تبعد نحو 140 كيلومتراً عن العاصمة لشبونة.
كابيلا دي أوسوس، عبارة عن كنيسة داخلية صغيرة مزيّنة بالكامل بالعظام البشرية، وضمن ذلك الجماجم وعظام الساق والفخذ، تمّ بناؤها على الطراز القوطي بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
سبب بناء كنيسة العظام له عدّة روايات
على وجه التحديد، كان هناك 3 رهبان كانوا مسؤولين عن تخطيط وبناء الموقع بين عامي 1460 و1510، يقول موقع Ancient Origins التاريخي إن هدف هؤلاء الرهبان من بناء هذه الكنيسة كان دفع الناس إلى التفكير في أن الحياة عابرة وزائلة.
وأتت هذه الفكرة للرهبان عندما كانت المقبرتان الفرنسيسكانيتان الوحيدتان في المدينة مليئتين بالجثث، ولم يكن هناك أي مُتَّسع لأي جثث أخرى، فأتت فكرة استخراج الرفات القديم لتوفير مساحة أكبر فيهما.
حينها أتت الفكرة للرهبان بإنشاء كنيسة صغيرة تُستخدم فيها العظام والجماجم كزخرفة للجدران والأعمدة والأقواس والقباب.
فيما تشير التقديرات إلى أنه تم استخدام ما لا يقل عن 5000 جثة في البناء.
الجثث تعود لضحايا كارثة طبيعية
أما الرواية الثانية، فتشير إلى أن أصل العظام لم يكن من المقابر الفرانسيسكية، وإنما كانت لسكان بلدة "موتني مايور" المجاورة.
وتحكي الرواية أن الكارثة التي حلّت في البلدة كانت بسبب عاصفة رعدية ضربت المنطقة، ولسوء الحظ ضربت إحدى الصاعقات ترسانة أسلحة كانت داخل القلعة؛ مما تسببت في انفجارها.
من بين نحو 1100 منزل في البلدة، يُقال إن أكثر من 800 قد دُمِّر في ذلك الوقت، ومن ثمّ دُفنت جثث الضحايا في مقبرة جماعيّة.
ورغم ذلك وبعد 30 عاماً، فإن المسؤولين قاموا باستخراج الرفات وبناء كنيسة العظام من عظامهم وجماجمهم؛ تكريماً لهم.
إساءة لإحدى الأمهات
إضافة إلى آلاف العظام البشرية التي تزين الكنيسة، فإن هناك مومياوات بشريَّة تتدلى من أحد الجدران، إحدى تلك المومياوات تعود إلى رجل بالغ والثانية إلى طفل صغير، ولا يزالان معلقين حتى الآن بالسلاسل القديمة ذاتها.
على الرغم من أن هويتهما لا تزال غير معروفة، فإنه تم العثور عليهما معاً على ما يبدو ثم تم تعليقهما هناك.
وهنا تأتي الرواية الثالثة، التي تتحدث عن أن سبب وجود العظام والجثث هو لعنة من إحدى الأمهات.
تقول الحكاية إن الابن أساء معاملة والدته في فعلٍ كان الأب شريكاً فيه، وعندما كانت الأم تحتضر ألقت عليهما لعنتها قائلة: "عسى تراب قبركما لا يكون محطماً".
فيما تقول أسطورة أخرى إن الرجل كان زانياً وإن الطفل كان من نسله الخاطئ.
في النهاية، الشيء الوحيد المعروف على وجه اليقين بشأن الجثتين هو أنهما كانتا معلقتين في كنيسة العظام منذ القرن السابع عشر، وفقاً لما ذكره موقع My Portugal Holiday.
هل بُنيت الكنيسة من عظام مسلمي الأندلس؟
أما الرواية الأخيرة، التي يعتقد من خلالها البعض أن كنيسة كابيلا دي أوسوس مبنيَّة من عظام مسلمي الأندلس فهي الأبعد، إذ لا يوجد أي مصدر يوثق أو يؤكد صحتها، سوى بعض المنشورات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي.
في الوقت الذي يتداول فيه السكان المحليون أيضاً العديد من الروايات الأخرى التي تقول إن العظام والجماجم البشرية التي يقدر عددها بنحو 5 آلاف، تخص جنوداً ماتوا في معركة كبيرة جرت بالمنطقة في القرن السادس عشر، وأيضاً تخص موتى الطاعون الذي تفشى في أوروبا.
"نحن العظام في هذه الحال ترانا الأنظار، لكم جالسون بانتظار"
يبلغ طول كنيسة كابيلا دي أوسوس نحو 18.7 متر، وعرضها نحو 11 متراً، جميع جدرانها وأعمدتها مزينة بالعظام والجماجم المرتبة بعناية فائقة.
في حين أن السقف مبنيٌّ من الآجُر الأبيض والمزيَّن بزخارف مرتبطة بالموت، أما الأقواس التي تؤطر النوافذ الصغيرة الموجودة بداخلها فمزينة أيضاً بالجماجم.
وللوصول إلى الكنيسة، يجب على المرء أن يمر عبر باب مكتوب في أعلاه الرسالة التالية: "Nos ossos que aqui estamos pelos vossos esperamos" التي تعني ترجمتها باللغة العربيّة: "نحن العظام هنا، ننتظر عظامكم"، أو بشكل شعري أكثر: "نحن العظام في هذه الحال ترانا الأنظار، نحن لكم جالسون بالانتظار"، في إشارة إلى المفهوم الفرنسيسكاني الذي يُدعى "الإصلاح المضاد" أي عدم جدوى الوجود البشري.
أما على أحد أعمدة الكنيسة، فهناك قصيدة كُتبت وتُعزى إلى الأب أنطونيو دا أسينساو تيليس، كاهن الرعية بقرية ساو بيدرو، وترجمها كارلوس أ.مارتينز وكُتب فيها وفقاً لما ذكره موقع Atlas Obscura:
"إلى أين أنت ذاهب مثل المسافر السريع؟ توقَّف، لا تقدّم سفرك؛ ليس لديك اهتمام أكبر من هذا الذي تركز بصرك عليه.
تذكَّر عدد الذين مروا من هذا العالم، فكِّر في نهايتك المماثلة، هناك سبب وجيه للتفكير إذا كان الجميع قد فعلوا الشيء نفسه.
تأمَّل، أنت متأثر جداً بالقدر، من بين كل اهتمامات العالم العديدة، لا تفكر كثيراً في الموت..
إذا نظرت بالصدفة إلى هذا المكان، فتوقَّف.. من أجل رحلتك، فكلما توقفت مؤقتاً، ستظل أكثر في رحلتك".
أما بالنسبة للرهبان الفرنسيسكان الـ3 الذين بنوا الكنيسة، فإنهم قرروا عدم التبرع بعظامهم بعد وفاتهم، بل اختاروا الاستلقاء في 3 توابيت بيضاء ستراها بمجرد دخولك إلى غرفة المذبح في الكنيسة.