كرة المضرب أو لعبة التنس هي رياضة أولمبية يتنافس فيها لاعبان في مباريات فردية، أو فريقان مكونان من لاعبين في مباريات زوجية يحمل فيها اللاعبون مضرباً لضرب الكرة فوق الشبكة نحو منطقة الخصم.
تقام لهذه الرياضة المشهورة والمنتشرة في جميع أنحاء العالم، البطولات الكبرى ولها قاعدة جماهيرية وإعلامية كبيرة، تجعلها من أهم الأحداث الرياضية وأكثرها متابعة سنوياً.
لن نتحدث في هذا التقرير عن قوانين اللعبة والبطولات وقوانين المباريات التي يعرفها كثيرون، لكننا سنأخذكم في جولة سريعة لنرى كيف بدأت هذه اللعبة وكيف تطورت عبر التاريخ.
قد تعود أصول لعبة التنس القديمة للإغريق والعرب
رغم أن الأدلة ليست كثيرة، إلا أن بعض المؤرخين يعتقدون أن لعبة التنس تعود إلى آلاف السنين، مع وجود العديد من المؤشرات التي تشير إلى أن قدماء المصريين والإغريق والرومان لعبوا التنس.
على سبيل المثال، الكلمة الإنجليزية "Racket" التي تعني "مضرب" هي على غرار الكلمة العربية لكف اليد "راحة". خاصة أن كرة المضرب كانت تلعب أساساً باستخدام اليدين وكانت تسمى "لعبة راحة اليد" لذلك فإن الشبه بين المفردتين لفت نظر المؤرخين.
ووفقاً لموقع Sport legacy، تشير الدلائل التي تم العثور عليها في أنقاض الحضارات المصرية واليونانية والرومانية (بما في ذلك التقارير المكتوبة باللغة العربية) إلى أن لعبة تشبه التنس كانت تُلعب على أرضيات حجرية وملاعب ترابية في تلك المناطق.
أول لاعبي التنس كانوا رهباناً وأول ملعب كان الدير
تظهر المزيد من الأدلة الموثقة التي تعود لحوالي عام 1000 ميلادياً، أن أول من لعب كرة المضرب أو التنس بالشكل القريب لما نعرفه اليوم، هم الرهبان الأوروبيون وتحديداً في فرنسا، حيث كانوا يلعبونها من أجل التسلية والترفيه أثناء إقامة احتفالات المراسم الدينية.
كانت التنس تُلعب ضد جدران الدير أو فوق حبل معلق في الفناء، وكانت معروفة باسم "je de paume" باللغة الفرنسية، أي "لعبة اليد". إذ كانت تلعب باستخدام اليدين وبدون المضارب، كما يشير موقع Tennis Theme.
ووفقاً لهذه النظرية، أطلق هؤلاء الرهبان كلمة "التنس" على اللعبة، لأنهم كانوا يستخدمون كلمة "tenez" الفرنسية التي تعني "خذ" بينما هم يرمون الكرة.
اللعبة التي قتلت أول ملك بنى ملاعب لها!
وجدت اللعبة تأييداً كبيراً من قبل الرهبان في مناطق عديدة في أوروبا، خاصة في فرنسا، حيث تم اعتبارها لعبة ملكية ووجهت العائلة الحاكمة الفرنسية اهتماماً شديداً لها.
كان لويس العاشر ملك فرنسا، أحد أكثر محبي "كرة اليد" وكان يلعبها بنفسه في بداية القرن الرابع عشر، وقام ببناء أول ملاعب تنس داخلية حديثة في العالم، مما سمح له بممارسة رياضته المفضّلة على مدار السنة.
لكن المؤرخين يرجحون أن اللعبة التي أحبها تسببت بمقتله، إذ يقال إنه في عام 1316 فارق لويس الحياة بعد انتهائه من خوض جولة شرسة وطويلة في تلك اللعبة، مما أصابه بجفاف شديد على الأرجح وتوفي على الفور، كما يشير موقع Mental Floss.
ملوك إنجلترا أقاموا ملعباً لها في قصورهم وتطور كبير في المعدات
سرعان ما انتشرت اللعبة في إنجلترا، حيث كان كل من هنري السابع وهنري الثامن من المشجعين المتحمسين لها، وكلفا العمال ببناء العديد من الملاعب لها في جميع أنحاء البلاد. حتى إنه واحد من هذه الملاعب تم بناؤه في قصر هامبتون كورت عام 1625 ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا.
مع ازدياد شعبية التنس، ازداد تطورها أيضاً. وبدأت مناطق اللعب بالتحول إلى ملاعب داخلية مخصصة لها، وتطور صنع الكرات، التي كانت خشبية في البداية، لتصبح جلدية من مواد نطاطة مليئة بالسليلوز.
وبمرور الوقت بدأ الناس يرتدون قفازاً، إما بحزام بين الأصابع أو من مواد صلبة مع حزام متصل بمقبض للمضرب.
بحلول عام 1500، كان المضرب ذو الإطار الخشبي شائع الاستخدام، جنباً إلى جنب مع كرة من الفلين، وفقاً لموقع History.
شهدت اللعبة ثورة أخرى في عام 1850 عندما اخترع تشارلز جوديير عملية للمطاط تسمى الفلكنة، والتي جعلت المادة المستخدمة في صنع كرات التنس أكثر قوة. نتيجة لذلك، أصبح من الممكن لعب التنس في الهواء الطلق على العشب.
التحول الفعلي في تاريخ لعبة التنس في القرن التاسع عشر
تم إنشاء ملاعب ويمبلدون الشهيرة في عام 1868 باعتبارها نوادي خاصة توفر المروج والملاعب للاعبين الأرستقراطيين الذين استمتعوا بلعب الكروكيه.
لكن مع ازدياد شعبية التنس في عام 1870م بدأت هذه النوادي تنظم جولات للعب التنس، لكن اقتصرت ممارسة هذه اللعبة أيضاً على طبقة النبلاء وأفراد العائلة الملكية وكان يتم لعبها في أماكن مغلقة.
لكن في عام 1873م قام الرائد البريطاني وولتر وينفيلد باختراع شكل جديد للعبة التنس؛ حيث أصبح من الممكن أداؤها في أماكن مفتوحة على مساحات خضراء وكانت هذه الخطوة الأساسية في تطور لعبة التنس لتصبح بالشكل الذي نعرفه اليوم.
ثم تم تنظيم أولى البطولات العالمية لممارسة لعبة المعروفة باسم بطولات ويمبلدون في مقاطعة ويمبلدون بإنجلترا عام 1877، التي تعتبر اليوم بطولة التنس الأولى في العالم.
ابتكر مسؤولو بطولة ويمبلدون مجموعة قواعد أصبحت أساساً للتنس الحديث، مع وجود اختلافات فقط تتمثل في مسافة خط الإرسال، وعرض أعمدة الشبكة، وارتفاع الشبكة نفسها.
كما كانت كرات التنس بيضاء أو سوداء ولم يتغير لونها حتى عام 1972 عندما أصبحت معظمها بلون النيون الأصفر أو الأخضر الساطع وذلك لسهولة رؤيتها وتمييزها بالنسبة للاعبين والجمهور الموجود في الملعب أو عبر الشاشات، وفقاً لموقع CNN.