في خضم واحدة من أحلك الفترات بكاليفورنيا، والتي ابتُليَت فيها بجرائم العديد من أشهر السفاحين سيئي السمعة في التاريخ، فُقِدَت شيفيل ويلر، وسرعان ما فُقِدَ العديدون غيرها في منطقة مقاطعة سان خواكين دون أي أثر يُذكر.
لم تُحَل قضية اختفاء ويلر إلا بعد عقد من الزمن، حين ربط محققو مقاطعة سان خواكين بين رجلين، هما لورين هرتسوغ وويسلي شيرمانتين، في حوادث خطف وقتل 5 أشخاص على الأقل، وهو ما أكسبهما لقب "القاتلَين المدمنَين".
القاتلان المدمنان اللذان أثارا الرعب في كاليفورنيا 29 عاماً!
نشأ لورين هرتسوغ وويسلي شيرمانتين في بلدة ليندن الصغيرة الهادئة بولاية كاليفورنيا الأمريكية، والتي تقع على بُعَد نحو 100 ميل (161 كم تقريباً) من صخب سان فرانسيسكو.
كان عدد سكان ليندن حينها نحو 2000 شخص، وكان هرتسوغ وشيرمانتين متعاطين ومروِّجين شهيرين لمخدر الميثامفيتامين (أو الميث) في الحانة المحلية المعروفة باسم The Linden Inn.
جرى إيصال شيفيل ويلر، المعروفة باسم شيفي، أمام مدرسة فرانكلين الثانوية في مدينة ستوكتون بولاية كاليفورنيا، على بُعد 20 ميلاً (33 كم تقريباً) فقط من ليندن، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 1985.
وبعدما غادرت والدتها، غابت شيفي عن المدرسة لتقابل هرتسوغ وشيرمانتين في الغابة القريبة؛ من أجل تعاطي المخدرات، لأنَّها هي الأخرى كانت متعاطية لمخدر الميثامفيتامين، قبل أن يبلَّغَ عن اختفائها، وفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي.
وبعد 13 عاماً، وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، تصدرت حانة The Linden Inn عناوين الأخبار حين فُقِدَت سيندي فاندرهايدن، ابنة مالك الحانة.
شُوهِدَت سيندي في حانة The Linden Inn وحانة The Old Corner Saloon مع شخص خرج معها في موعد غرامي وأوصلها إلى المنزل.
وذهبت أيضاً مع هرتسوغ وشيرمانتين إلى مقبرة قريبة؛ لتدخين مخدر الميث ثم اختفت. واستغرق الأمر أكثر من عقد من الزمن قبل حل قضيتها أيضاً.
الخناق يضيق على القاتلَين المدمنَين
في حين كان مأمور شرطة سان خواكين يعمل لإيجاد سيندي، نُقِلَت ملكية سيارة شيرمانتين عام 1999 وجرى التحقيق بعدما عُثِرَ على دماء داخلها، دماء حُدِّدَ لاحقاً أنَّها تعود لسيندي، ليركّز المحققون انتباههم على استجواب موسع للورين هرتسوغ.
أخبر هرتسوغ المحققين بأنَّ شيرمانتين قد قتل صياداً في ولاية يوتا يُدعى هنري هاول عام 1994، فضلاً عن سيدة تبلغ من العمر 24 عاماً تُدعى روبن أرمتروت.
وقال أيضاً إنَّه كان في السيارة حين قتل شيرمانتين، سيندي، لكنَّه لم يشارك فعلياً في عمليات القتل.
اتُّهِمَ لورين هرتسوغ وويسلي شيرمانتين بعدة تهم قتل في مارس/آذار 1999.
أُدين شيرمانتين عام 2001 بقتل سيندي فاندرهايدن وشيفيل ويلر وفي جريمتَي قتل هاورد كينغ وبول كافانا عام 1984، فيما أُدين هرتسوغ بقتل سيندي وكافانا وكينغ.
القاتلان المدمنان وساحة العظام
حُكِمَ على شيرمانتين بالإعدام في سجن سان كوينتين الحكومي، بينما حُكِمَ على هرتسوغ بالسجن لمدة 78 عاماً، لكن أُلغيَت إداناته عام 2004 بعد التقدم بطعن يُظهِر أنَّ اعترافاته انتُزِعَت بالقوة.
وحصل هرتسوغ على صفقة اعتراف قلَّصت محكوميته إلى 14 سنة، كان قد قضى منها بالفعل ست سنوات.
انتقام شرمانتين من صديقه
لكن في عام 2012، وبعد سنتين من إطلاق سراحه، أخبر ليونارد باديا- وهو "صائد جوائز"- هرتسوغ بأنَّ شيرمانتين ينوي إبلاغ الشرطة عن بئر وموقعين آخرين للضحايا.
وتعهَّد صائد الجوائز نفسه لشيرمانتين بمنحه 30 ألف دولار مقابل المعلومات، ورسم شيرمانتين خريطة لموقع بئر في ليندن.
حفر المحققون في الموقع، الذي سماه شيرمانتين وهرتسوغ "ساحة العظام"، ليجدوا أكثر من 1000 من البقايا البشرية، من ضمنها جنين متعفن، وفقاً لما ذكره موقع ThoughtCo.
تولى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) الإشراف على القضية بعد تعامل السلطات المحلية الضعيف مع عملية الحفر، وأرسل البقايا البشرية لإخضاعها لاختبار الحمض النووي.
وأعلن المكتب في 30 مارس/آذار 2012، هوية شخصين عُثِرَ عليهما في البئر: كيمبر آن بيلي وخوان هوبسون، وقد اختفيا عامي 1984 و1984 على الترتيب.
وحدد شيرمانتين موقعي دفن آخرين في مكان كانت تمتلكه عائلته سابقاً، وعُثِرَ فيهما على شيفيل ويلر وسيندي فاندرهايدن.
تساؤلات بلا إجابات في قضية "القاتلين السريعين"
كثيراً ما كتب شيرمانتين رسائل للمحققين حول مواقع دفن لضحاياه وضحايا سجناء آخرين محكومين بالإعدام.
حقَّق مكتب التحقيقات الفيدرالي في العديد منها، وحين لم يكتشفوا شيئاً توقفوا عن الاعتداد برسائل شيرمانتين.
وزعم مسؤولون وعائلات ضحايا وأولئك الذين يُعتقَد أنَّهم ضحايا للقاتلَين المدمنَين، أنَّ مكتب المأمور استخدم جرافة لإخفاء الأدلة في موقع الدفن الأول، وهو على علم بالضرر الذي يمكن أن يُحدِثه ذلك بالأدلة.
وأشارت عضو مجلس شيوخ الولاية كاثلين غالغياني إلى أنَّه جرى حذف سجلات لأشخاص مفقودين ربما يكونون على صلة بهرتسوغ وشيرمانتين.
وعُرِفَ لاحقاً أنَّه جرى إرسال رسائل بريد إلكتروني لحذف تلك السجلات من القائمة الوطنية للمفقودين.
أُعيدَ فتح التحقيق في قضايا القاتلَين المدمنَين عام 2018، ومنذ ذلك الحين، عُثِرَ على أكثر من 1000 من البقايا البشرية وأُحيل سوء التعامل مع القضية إلى المحاكم الفيدرالية.
ويواصل المحققون العمل لتحديد هويات البقايا وإضفاء شعور بالسلام على العائلات التي انتظرت عقوداً للحصول على إجابات.